رجل العطور

20 0 0
                                    

P'1'


"سعيت خارج قريتي باحثاً عن عملٍ القى به اجراً كي اجلب الترياق لابنتي ..سرتُ حتى انتهى بيَ المطاف امام المدينة ..المدينة التي تَعُجُ بها الأعمال في كل شارعٍ وزقاقٍ .."بالطبع سأجد هنا عملاً يكفي لأعود لابنتي حاملا الترياق!" قلتها لنفسي وانا كُلي املٌ وثقة اني حقاً سافعل هذا! ..ولكن ولسوء حظي أُحبِطت كافة جهودي لايجاد اي عملٍ يحويني ..لانه لم يأخذني ولا شخصٌ واحد على محمل الجد عندما اطلب منه عملاً بسبب كِبَرِ سني ..فجلست على جانب الطريق اندب حظي وكل لحظة اضعتها دون ابنتي التي بات السقم يأكل جسدها من اسفله لاعلاه ..لكنني لم اسمح ليأسي ان يسيطر علي! فهناك امورٌ اخرى اهم يجب ان ارعاها غير مشاعري ..فمسحت دمعي وانتظرت حتى يبزغ الصبح من جديد لأبدأ رحلة بحثٍ جديدة ..سطعت الشمس اخيراً وذهب كل بائع يفتتح محله وانا بجانبه اسأله عن عملٍ حتى مررت بعجوزٍ يغلبني عمراً يفتتح محلاً لبيع العطور ..فمررت وسألته عن عملٍ يُدفع به سعر دواء ابنتي ..
_فقال بصوتٍ متهالك: "صدقني لن تجد هنا عملاً تأكل به خبزاً يابساً، اذا اردت ان تكسب حق رزقٍ فأذهب من هنا _اشار لنهاية الطريق_ واسأل عن شابٍ خلوق عمره ٢٠٠ عام مُصنعُ عطورٍ، هو سيفيك جزاء عملك ضعفاً!" ..
_"ماذا! أحقاً ما يقول؟ لا لا اظن هذا هو فقط يسخر من حالتي ..وماذا ان كان يتحدث بجدية؟"_ هذه المحادثة دارت بيني وبين نفسي وكانت قدميَ بلا وعيٍ مني تجراني لهناك ..وصلت للوجهة ملاقياً طفلا بين الـ٦٠ والـ٧٠ عاماً ينظر الي بنظرة بين الحيرة والشفقة ..ذهبت وسألته عن هذا الشاب
_فردَ: "اتقصد سفير الله؟"
_رغم غرابة سؤاله سألته: "ومن هذا"
_قال:_"ذاك من يعمل عنده يوماً يخرج للنعيم الابدي الا تعرفه؟"
_قلت: "لا؟"
_قال: "انهُ مُصنِعُ العطور الذي يستمد اشهر التجار عطورهم منه" وانهى حديثه بأشارته لقلعةِ غريبة ..لا هيَ بالصغيرة ولا بالكبيرة لا بالجميلة ولا بالبشعة وموقعها لا بالقريب ولا بالبعيد من المدينة لكنها شبه منعزلة ..
_"ذاك من يعمل عنده يوماً يخرج للنعيم الابدي" غريب، الهذه الدرجة يعطي الناس ضعف ارزاقها؟ قلت بنفسي_..
وصلت واخيرا للقلعة ..قرعت الباب عدة مرات ولم يستقبلني احد ..بدأت تتمالكني مشاعر الخيبة حينها وانا التف من الباب متجها للقرية مرة اخرى احمل معي دموعي وملابسي الممزقة فقط ..فأذ بشاب يفتتح الباب ويصيح: "مهلاً يا نديم!" ..هو الشاب ذاته! .

ميراديت•حيث تعيش القصص. اكتشف الآن