براثن الموت.
في ظلمة الليل الدامس و هدوء البحر الهائج
تعالت تلك الضوضاء للحظة محطمة جدران الصمت الهامس
انها كانما صراخ الريح في العاصفة الهوجاء صراخٌ تقشعر له الابدان
صراخات تحمل بين طياتها الما لا ينتهي مزجت مع هدير الرياح العاصف و أمواج البحر الهائج
امتزجت فيما بينها لتشكل سمفونية ساحرة جوهرها الحزن و الألم
في تلك الليلة افرغت السماء محتواها .. كانما بكت اجل بكت بكل حرقة والم
أغلقت السماء عيناها خوفا من المتابعة و امطرت ما بداخلها لتظهر تلك الملامح الشاحبة
..
في احشاء تلك الغابة على ضفاف تلك البحيرة عصفت الرياح حزنا
و تراقصت ازهار الكرز الما على مرآة السماء و القمر
طلي العشب باللون الأحمر القاني .. وانين ذلك الشاب فاق قدرة الرياح على إبقاء الصمت سيد الموقف ...
..
تحت ميار ذاك القمر الدموي .. طوقت ذراعيه المرتعشة جسد تلك الفتاة يخترقها بنظراته المؤلمة
الشعور بالذنب يتآكله من الداخل
انه يستمر بلوم نفسه مرارا و تكرارا لعدم قدرته على انقاذها لأنه لم يستطع ان يصل في الوقت المحدد
انها الان معلقة في خيط رفيع بين الحياة و الموت
الدموع في عينيه تأبى الإفصاح عن سرها الدفين ..
شفاهه المرتجفة .. اطبقت بقضبان سجنها على مشاعره المتضاربة
قطرة .. قطرتان ... افرغت السماء محتواها فجأة
لتتضح معالم تلك الفتاة
عيناها مغلقتان برفق ... شبح ابتسامة رسم على شفتيها
الزهور التي لا طالما زينت ثيابها تلطخت بلون الدماء القاني
الحمرة التي كست وجهها يوما .. تبدلت بلون شاحب غادرته أطياف الحياة
فتحت تلك الفتاة عينيها ببطء .. لحظة ملاطفة قطرات المطر بشرتها الشاحبة ..
استجمعت قواها للمرة الأخيرة محاولة رفع ذراعيها لتلامس وجهها بهدوء
تدفقت الدموع من عيناه فجأة لتختبئ خلف ستار المطر
استولت الصدمة على أنفاسه المتوترة
امسك بيديها بقوة مثبتا إياها على وجهه راجيا إياها الا ترحل
الكلمات عالقة في حلقه رافضتا التعبير عنه و عن الصراع في داخله بريق عينيها يخبو شيئا فشيئا ابتسامتها تختفي مع مرور الوقت تكشيره طفيفة ظهرت على محياها ..
الدموع تتدفق من عيناها ببطء .. تحاول جاهدة رسم صورته في قلبها .. عقلها يصرخ بخوف رافضا فكره تقبل واقع هذه النهاية خائف من ضياع تلك الذكريات .. قلبها النابض باسمه انه الان يلفظ انفاسه الاخيرة
جسدها لم يعد قادر على الاحتمال اكثر .. شبح الموت يسبحها نحوه بسرعة .. يستعد للتقاط فريسته الجديدة وضمها الى مجموعته باسرع وقت ممكن ..
عيناها لم تعد قادره على الصمود اكثر .. ذراعاها ترتخي بصمت .. انين واهن هرب من بين براثن شفتيها بالم ..اتم الموت مهمته اخيرا واختطف فريسته الشابه من ذراعي معشوقها الابدي ..
الذي كان لها كل شيء كانا بمثابه العائله و اكثر فقد عاشا حياتهما باكملها بجانب بعضهما البعض
..
مع رحيلها رحلت اطياف الحياه من عينيه .. تجمد الوقت وتوقفت الأرض عن الدوران .. البريق في عينيه أطفأته اشباح الظلام الغادر
كيف لا..
والشخص الذي كان الدافع ليحارب لأجله ..
فارقه بصمت بارد .. اختطفته براثن الموت الدامس.. عيناه تتفحصانها بتوتر شديد تبحث عن بصيص امل في الحياه .. لكن دون جدوى .. امتدت يده ببطء لتفحص وجهها للمرة الاخيرة بحذر شديد يمسح بأنامله النحيلة قطرات المطر المتراكمة على جبهتها كانها زجاج يخاف كسره ..
قلبه ينزف دما على الم الفراق ..
صمته الدفين كهدوء ما قبل العاصفه ..
بهدوء اقترب من وجهها ليطبع قبله بريئه على شفتيها تحمل بداخلها معان تحطم الجبال ..
سموها قبله الوداع ان شئتم لكن هذا لا يغير واقع كونها قبلتهم الاخيره ..
امتدت يده المرتعشه لتنتقل من وجهها لجيبه ببرود لتخرج مسدسه الملقم .. ببطء حمله ووجهه نحو قلبه النازف .. استقر اصبعه الطويل فوق الزناد الحديدي ليضغط عليه ببرود وحرقه ..
فتختطفه براثن الموت فيلحق بمعشوقته اسرع ما يمكن .. سقط على صدرها الساكن بينما يطوقها بذراعيه كانه يعانقها .. عناق الموت
اشباح الصمت البارد احالت ما بين صمت المكان وصدى طلقته المدويه
الاشجار عزفت اجمل ما لديها و اوراق الكرز المتساقطة رقصت بأبهى حلتها على لحن الاشجار فوق مراه السماء والقمر ..
تلك الليله سطع نجمان اخران لهما بريق خاص انارا ظلمه الليل الادهم
احداث تلك الليله وبالرغم من ان احدا لم يكن شاهدا عليها الى انها حفرت في ذاكره المكان .
..
في كل ليله من ذكرى هذه الحادثه يسمع صدى لموسيقى ساحره تخطف الانفاس ويخيل للبعض طيفان متحابان يتراقصان على انغام الموسيقى تحيطهما بتلات اشجار الكرز على مراة السماء والقمر ..
.
.
هذه الحادثة باتت اسطوره خلدتها تلك الغابة لتحتفل بها كذكرى سنوية براسم تليق بقصتهما ..
على امل ان يلتقيا مجددا في الحياة الاخرى..
والى ذالك الحين فاليحفظهما الرب في ملكوته
أنت تقرأ
براثن الموت.!
Spiritualقصة قصيره تتحدث عن اسطوره حفرت في ذاكره احدي القرى في زمان و مكان ما لايعلمها احد..