الفصل الأول

6 0 1
                                    

الفصل الأول: الغريب

      مشت السيارة التي تقل "مرام" إلى منزلها بسلاسة وقد خلت الطرقات من السيارات في ذلك الوقت المبكر من الصباح وقد عادت للتو من المشفى وقالت للسائق بتعب:
هل اقتربنا من المنزل؟....

      نظر إليها من المرآة الأمامية وهو يقول بإحترام شديد:
نعم سيدتي.... نكاد نصل....

       بعد دقائق قليلة فتحت عيناها ونزلت من السيارة بعد أن فتح لها السائق الباب وتوجهت إلى باب منزلها وأخرجت المفتاح من حقيبتها ودخلت وخلعت حذائها بفتور ودخلت غرفتها ورمت حقيبتها على الأرض وتوجهت فوراً إلى سريرها وارتمت عليه لتنام وتنهدت بحزن وشعرت بالوحدة.... رفعت يدها وتحسست جبينها ومسحت العرق من عليه وشعرت بالألم في يدها المجروحة فأغمضت عيناها تحاول النوم بعد تلك الليلة العجيبة والأحداث  التي عاشتها فيها.....

       تذكرت ملامح ذلك الرجل الذي أنقذها من الحادث حين كادت أن تدهسها سيارة مسرعة وهي تمشي بشرود في الشارع وقد وقعت على الأرض بعدما سحبها ووقع معها فارتطم رأسه على الرصيف وارتطمت يدها هي على حجر حاد بجانبهم سبب لها جرح عميق في رسغها...... رفع "كريم" رأسه بألم وقد سالت الدماء على وجهه وغطته بالكامل وأمسك بيدها وقال بفزع:
هل أنتِ بخير آنسة "مرام"؟....

      قطبت حاجبيها بإستغراب لأنه يعرف اسمها وحاولت أن تستوعب كيف عرف ذلك  ودققت في ملامح وجهه وشكت بأنه أحد العمال الذين يعملون في محل الأقمشة التي تتعامل معه دائماً ومع ذلك استغربت بأنه يعرف اسمها فلم تكن قد ذكرت اسمها في المحل من قبل.....

      قالت بشرود وهي تمسح الدماء عن جبينه وخده:
أنا آسفة.... لقد تأذيت بسببي....

      هرع سائقها إليها يساعدها على الوقوف وهو يعتذر عن تأخره عليها ويسألها إن كانت بخير ومشى معها وهو يمسك بيدها ويسحبها إلى حيث تقع سيارتها وهي تلتفت إلى ذلك الرجل الذي ساعدها وحاولت إخبار السائق بأن يساعده ولكنه لم يستمع إليها وانطلق بها إلى المشفى القريب من موقع الحادث....

     أخرجت رأسها من النافذة ونظرت إلى الخلف لتطمئن عليه ووجدته وقد تجمع من حوله رفاقه اللذين خرجو من المحل ليساعدوه فشعرت ببعض الإرتياح لوجود من ساعده بعد أن شعرت بالذنب لتركه بعد أن أنقذها ونظرت إلى سائقها بغضب وقالت تأنبه:
كان علينا مساعدته فقد أنقذني....

      قال لها وهو ينحني:
أنا آسف يا سيدتي.... شعرت بالفزع حين رأيت يدكِ وهي تنزف ولم يخطر ببالي شيء آخر سوى أخذكِ للمشفى....

         تنهدت وأغمضت عيناها بحزن واستسلمت للواقع وأمسكت بالمنديل الذي وضعه السائق على جرحها قبل قليل ليساعدها على توقف الدماء عن السيلان وشعرت بالألم..... فتحت عيناها ببطئ وتلفتت حولها وقد وجدت نفسها فجأة تتمدد على إحدى سرائر الطوارئ في المشفى وفكرت بأنها لابد قد فقدت وعيها وهمست بألم:
كم الساعة؟....

      سمعت صوت صديقتها "رهف" وهي تقول:
إنها الواحدة بعد منتصف الليل....
        أردفت بقلق وهي تربت على رأسها:
هل أنتِ بخير؟...

       هزت "مرام" رأسها بالإيجاب وعادت لتنام فقد شعرت بالدوار وبألم شديد في رسغها جعلها تتأوه وقبل أن تغط في النوم من جديد سمعت سائقها وهو ينادي على الطبيب....

       بعد ساعة فتحت عيناها مرة أخرى ولم تجد أحد بجانبها فشعرت ببعض الخوف فجلست وحاولت بصعوبة أن تقف وتأوهت بألم وحاولت أن تمشي وفتحت عيناها بدهشة حين وجدت أمامها الرجل الذي أنقذها والشاش حول جبينه الذي تأذى بسببها وكادت تسقط لولا أن أمسك بها من ذراعها وساعدها على الجلوس وقال بمرح وهو يبتسم:
سمعت صوت فتاة تتألم بجانبي وجئت لمساعدتها.....لم أتوقع بأنها أنتِ يا آنستي.....

       خفق قلبها بقوة وقد تذكرته بوضوح الآن بعد أن رأت وجهه الخالي من الدماء.... تذكرت مساعدته لها في كل مرة زارت فيه محل الأقمشة وتذكرت بأنه كان يعتني بها ويبتسم لها في كل مرة يراها.... كانت تعرف بأنه معجب بها ولكنها كانت تكذب نفسها في كل مرة وتشعر بأنها لاتستحق إعجاب أي شخص ولذلك كانت في كل مرة تعتقد بأن مخيلتها هي من تجعلها تظن ذلك رغم توبيخ "رهف" لها حين تخبرها بذلك....

      ابتسمت له واجتاحتها رغبة لترفع يدها وتتحسس جبينه ولكنها شعرت بالخجل ولم تفعل فقد كان ينظر إليها ويحدق في عينيها بشرود وجفل بعض الشيء حين سمع صوت "رهف" التي اقتربت من "مرام" وقالت وهي تساعدها على التمدد:
ماذا تفعلين يا عزيزتي.... انتظري.... سأنادي الطبيب....

     أوقفتها وقالت لها بصوت منخفض:
أنا بخير.... أشعر فقط ببعض الدوار....

      التفتت حيث كان يقف "كريم" وأرادت أن تشكره ولكنها لم تجده فتنهدت بحزن....
      ربتت "رهف" على رأسها بحنان وقالت لها:
سيأتي "حسن" بعد قليل ببعض الطعام... لابد وأنكِ جائعة....

       ابتسمت "مرام" وهي تقول:
نعم أنا فعلاً جائعة.....

       لاحظت "رهف" بأن "مرام" تتلفت حولها وكأنها تبحث عن شيء فسألتها:
هل تبحثين عن شيء فقدتيه؟....

      ارتبكت وعدلت من جلستها وقد إحمرت وجنتاها بخجل وأخبرت صديقتها بصوت منخفض بما حدث وأن منقذها هو ذلك الشخص الذي لطالما تحدثت عنه معها فضحكت "رهف" بصوت مرتفع لعدة ثوانٍ من فرط حماسها وأمسكت فمها حين تذكرت بأنهن في طوارئ المشفى وأن ذلك الرجل يرقد في السرير المجاور لهن.....


نهاية الفصل الأول............

من منا لم يتذوق الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن