"Part one"
في تلك الليلة الباردة.. ونسيم الهواء القارص اللذي يلفح وجههُ وهو يمشي بسرعة عالية في تلك السيارة وبعيون ناعسة وكأن صاحبها متلهف لموته لدرجة أنه أفرط في الشُرب و ورط نفسه مع أحدهم ثم ركب سيارة أخيه وخلفهُ تمشي سيارة أُخرى..
في مكان آخر، في ذلك البيت الكبير اللذي لا يسكنهُ سِوى الإخوة اللذين فارقت امهما الحياة وتركت لهم أخيهم الكبير يعتني بهم...
"آبيجييم الله آشكنا، حبًا بالله ما كُل هذا القلق؟؟ سيأتي في النهاية إلى اين سيذهب ذاتًا الله الله.." قالها بينما أكمَل يتناول طعامه أمام جومالي الواقف اللذي ملّ من عدد المرات اللتي إتصل بها بأخيهِ الأصغر ليلتفت حيثُ أخيهِ الآخر قائلًا بغضب: وأنت لايُهمك شيء سِوى الاكل، ياهذاا أنظر إلى الساعة كم أصبحت وذاك ال**** لازال خارجًا ولم يعود منذ خرج من الجامعة وأتصل عليه ولايجيب!.." فرك كهرمان اذنه بضجر ثم نهَض قائلًا بسخرية: وأنت لاتكُف عن صراخك هذا كارديش، اوووف تمام، انتظرني سأذهب وأعود.." قالها ولبس حذائه وتقدم ليخرج ليسمع صراخ جومالي: إلى أين ياهذااا ألا اكتفي بواحد هل سأصبح بإثنين تعال إرجع إلى هنا..!!" ردّ كهرمان خلف الباب:لاتقلق عليّ انا لا أفتعل مشاكل لكي أتاخر مثل اخيك الطائش ذاك.. انتظرني سأذهب وابحث عنه وأعيده." قالها وخرج بعد ان لبس حذائه بينما تنهد جومالي وجلَس على الكرسي ومسَح وجهه ولازال القلق يبان على وجهه والإرهاق في جسمه بعد محاولاته العديدة في البحث عن أخيهِ عاد إلى المنزل ولم يجِد أي أثَر لذلك الصغير الشقيّ كما يناديه..
كهرمان حين كان يسوق سيارتهِ شاردٌ في التفكير:أين قد تكون ذهبت.. أين ذهبت أيها الثعلب الماكر..." واكمَل حين إبتسم بخفة متذكرًا مناداة جومالي تِلك:ذو العين الحمراء، عزيز الأخ الاكبر، آخر العنقود، الولد.. ماذا تريد ان أناديك سأناديك فقط لتظهر أمامي وأجِدك..
اوقف سيارتهُ أمام إحدى الحانات اللتي كان يأتي اليها صالح بالسر ليسأل صاحب الحانة: مساء الخير هل رأيت ذلك الثعلب يا اخي؟؟" قالها بإستعجال حين نزل ليقل الرجل: كهرمان آبي هوشقالدن تفضل.." "كلا يا اخ جميل ليس لديّ وقت فقط جئت لأسألك عن.." ولم يُكمل حتى قاطعهُ الرجل:لا أكذب عليك يااخي كهرمان لقد أكثر في الشُرب كثيرًا هنا، نصحتهُ قلت له يابني لا يجوز هكذا فقال لي انت لا تتدخل افعل مايحلو لي.." كز كهرمان اسنانه بغضب قائلا: يفعل مايحلو له إذن هاا، لنرى.." قال كلماته وهم سريعًا بالمغادرة ليسمع صوت الرجل خلفه: لقد ذهب بإتجاه اليمين وكان يقود بسرعة عالية، ارجو ان تبحث عنه يا اخي قبل أن يفتعل حادثًا ما.."
تنهد نافثًا الهواء بغضب ليسرع بيركب سيارته ويتجه نحو الاتجاه نفسه اللذي ذهب فيه ذلك الثعلب كما يسميه..
لم تمر دقائق وكهرمان يسوق بسيارته حتى رأى طيف سيارات كثيرة أمامه واصوات صافرات الانذار الخاصة بالشرطة..
لتتضح الرؤية اكثر حين رأى سيارةً مصطدمة بشجرةٍ ولم تكن تلك سوى سيارة الاخ الاكبر اللتي انتهت تماما، ابتسم بخفة لاعنًا حظه:انظر، استلم عندك هاقد افتعل حادثًا ذلك ال**** ، سيكون يومًا عصيبًا لك ايها الشقيّ.." قالها واوقف سيارته بالجوار حين لاحظ سيارة الشرطة امامه وسيارة اسعاف قد اتت حديثا وسيارة اخرى.
تقدم اكثر ليلقي السلام على الشرطي واردف سائلا عما يحدث، ثم تقدم بسرعة من سيارة الحادث رغم منع الشرطة ليصرخ: صاالح، ايها الشقي ماذا حلّ بك.." قالها وهو يضع يده على عنق صالح يتحسس نبضه ليجده سريعا ليتنهد بارتياح.. "هل انتَ اخيه؟ لما لم تقُل لنا منذ البداية؟؟" قالها الشرطي بغضب مكتوم ليرفع كهرمان كتفيه وقال: لقد أخذ سيارة اخينا الاكبر لذا لم اعلم سوى الان اعذرني حضرة الشرطي"
"على أي حال تعال معنا بما أنك اخيه يجب أن توضح لنا ماسبب مشكلته مع ذلك الرجل.." قالها وأشار برأسه نحو رجل يقِف امام سيارته بوجه غاضب وبيده سيجارة يدخن وينظر الى صالح اللذي حملوه الأطباء للسيارة ولفو حول راسه ضمادة بيضاء بعد ان خيطوا غرزًا في راسه و وضعوا له محلولًا في يده كي يعوض الدماء اللتي فقدها.
مرّت ساعة ونص تقريبًا كانت كالدهر بالنسبة لجومالي اللذي بقيَ جالسًا يهز رجله وبيده سبحته ينتظر وصول إخوته، أغمَض عينيه وقد فاض كأسه كثيرًا ليستقيم مسرعًا ناويًا الخروج ليسمع صوت سيارة كهرمان قد اصطفت في الخارج.
نزل بغضب والتفت ليفتح الباب لأخيه الاصغر مشيرًا له بأن ينزل بينما رفع صالح نظرهُ اليه بتوهان وقال بلا وعي: اخي السيد جومالي..؟ اوووه منذ متى وأنت هنا" اشاح كهرمان بوجهه بعيدا محاولا كتم ضحكته رغم غضبه، مسح وجهه ليعيد نظره لصالح وسحبه من يده قائلا: ***** ياهذااا اذا تفوهت بشيء مجددًا، لا تميز من اللذي امامك حتى.. انا اخيك كهرمان ياهذاا !!" قالها وهو يسيره بغضب نحو المنزل بينما الاخر يمشي مترنحًا بخطواته..
فتح جومالي الباب واردف بسرعة: هاا هل وجد.." وقبل ان يُكمل دفع كهرمان ظهر صالح امامه ليختل توازنه ليمسك به سريعًا جومالي اللذي تفاجئ من حالته هذه. "تفضل يا اخي الكبير هاقد وجدت عزيز قلبك، ومنذ الآن اقول لك افعل به ماتشاء ولن اتدخل ابدًا صدِقني، يكفي مادفعته لذلك الرجل اللذي تشاجر معه.. الك**** لقد تراهن مع أحدهم على مبلغ هائل وخسر الرهان وفرّ هاربًا بسيارتك، ولم يكتفي بهذا وافتعل حادثًا ايضًا واستلم سبعة غرز في راسه السميك هذا." قال كلماته دفعة واحدة وتقدم ليزيح جومالي جانبًا ليدخل المنزل بعد ان ضرب صالح بخفة على وجنته قائلا:حظا موفقا ياشقيّ ليكن بعلمك لن يأتي لا اخ كهرمان ولا غيره كي يدافع عنك الآن، ذاتا تستحق ماسيحصل لك" انهى الاخيرة بضحك ودخل متوجها للمطبخ كعادته وتمتم بسخرية:لنرى ماذا هنا، لاصنع فُشار سيبدأ الفلم الآن.." رفع جومالي رأس صالح بين يديه واردف قائلا بهدوء: هل.. هل ماقاله كهرمان للتو صحيح ياهذا؟" ابتسم اليه الآخر بطفولية وكأنه تحول الى صبي في الخامسة من عمره ليقل بضياع: اخي.. اخي جومالي ها قد اتيت اخيرًا، ارجوك انقذني ذاك الوحش يصرخ عليّ كثيرا.." قالها وعانق جومالي بقوة واشار بيده امامه الى اللامكان وهو في الواقع يقصد كهرمان، نظر جومالي الى راسه حيث كانت هناك ضمادة بيضاء ليتلمسها بيدين مرتجفة ثم مدّ يديه ليسند صالح ليشم رائحة الشراب تلك تفوح منه.
اغمض عينيه بغضب وحافظ على هدوئه حين بدأ يسير صالح متوجهًا الى غرفته بالاعلى..
وصل لها وادخله للغرفة لينظر صالح حوله حين رأى أن تلك ليست غرفته بل غرفة غريبة لم يعتاد الدخول لها.
"هيا اجلس وانتظر هنا ساعود اليك بعد قليل.." جحض عيناه بخوف ليتمسك بيديّ جومالي ويقل:لا لا ، لا تذهب سيأتي الوحش مجددًا ويأكلني.." قالها بطفولية وعيناه تلمع لينفث جومالي الهواء ثم قال بلهجة غاضبة وصارمة قليلا: قلت لك ابقى هنا وساعود اليك بعد قليل لن اتاخر!!" قالها واجلسه على السرير لينظر صالح حوله مجددًا بعينين مطفئتين واوما دون وعي منه.
"ماذا فعلت، هل ذهبت به للمشفى وكيف حال رأسه؟؟ ياهذا هل تأكدت من ان عقله لم يذهب مع حدوث الحادث أم ماذا !؟" قالها جومالي حين نزل قائلا هذا لكهرمان ليقل الآخر بينما كان يستلقي على الأريكة ويديه خلف راسه:امممم غريب لمَ لم أسمع صوت صراخ الى الآن.. أم أنك قتلته!!؟" قالها ونهض مسرعًا ليقاطعه جومالي: لم اقتله ياهذاا اهدأ، ذاتا ليس بوعيه ولكن حسابه عندي لا تشغل بالك.." "اييه تمام اذاً واعطهِ ثلاث صفعات مني في طريقك هذا حساب لأجل النقود اللتي جعلني ادفعها، لقد افلسني حقًا ذلك الثعلب.." قالها وعاد بجسده على الأريكة يشاهد التلفاز بينما التفت جومالي مجددًا ناويًا الصعود ليسمع صوت كهرمان من خلفه: لا تضربه على رأسه، سيذهب عقله تماما هذهِ المرة لقد حذرني الطبيب من أية ضربة على راسه حتى وإن كانت خفيفة رُبما تودي بحياته.. لذا سيطر على غضبك قليلًا آبي."
تنهد محاولًا تمالك غضبه رغم خوفه على صالح إلّا أنه لن يفوت عقابه، لقد قلق عليه منذ الصباح ويتصل عليه ولا يرد، هل يتحمل قلب الأخ الأكبر كل هذا يا تُرى؟..
فتح باب الغرفة بهدوء ينافي غضبه ليجد صالح يتمدد على السرير نائما على بطنه كي لا يؤذي راسه بينما كان شاردًا في تلك الصورة على الطاولة أمامه، كانت تحمل صورة والده و والدته اللتي كانت تحمله وهو رضيع..
يتأمل الصورة ويبتسم ببلاهة ثم نطق متسائلا:ولكن، ولكن اخي جومالي ليس هنا لماذا ليس موجودا في الصورة؟.." تبدلت ملامح جومالي للحزن حين رأى حالته ليُغمض عينيه يفكر لثوانٍ ثم التفت خلف الباب فتحه بخفة دون اصدار صوت وأخذ تلك العصى اللتي كانت خلفه.. اخفاها خلف ظهره وتقدم مجددًا وأغلق الباب بالمفتاح ليُصدر صوتا خفيفًا، التفت صالح براسه للخلف ليبتسم بخفة ويقل ببرائة:لقد أتيت اخيرًا.. متى سنلعب اذن جومالي آب.." ولم يُكمل حتى سحبه جومالي بعنف من ياقته وصاح به قائلا:هل تركت بي شخصًا يُدعى أخ ياهذااا هل تركت بي شخصًا يقال له أخ!!!؟؟" انهى كلامه ورفع يده وماكاد يصفعه حتى اغمض صالح عينيه ونطق ببكاء: لا تفعل لا تضربني مثل ذاك الوحش لا تصرخ عليّ.." اغمض جومالي عينيه وعضّ شفتيه بقهر ثم صفعه بقوة ليسقط على السرير واردف قائلا بلهجة غاضبة:انت لست بوعيك انا اعلم، لن تستغل عدم وعيك كي تفلت من العقاب!! اسمعني جيدًا إن لهوتَ ولعبت على هواك مرة اخرى لا ابالي بكونك أخي الصغير وأضربك بشدة هل فهِمت؟؟؟
ذاتًا لا داعي لأشرح لك سترى أمام عينيك ما سافعله بك.." قالها وانتشل تلك العصى من الارض وبدأ يلوح بها امام ناظري صالح اللذي تغيرت نظراتهُ للبرود وكأنه قد عاد لوعيه قليلًا بعد تلك الصفعة.
اقترب جومالي منه لينهض الآخر سريعًا وتقدم ليقف أمام جومالي ونظر له بحدة وتحدي: ماذا ستفعل هاا جومالي كوشوفالي؟.. هل ستضربني بهذه العصى هيا افعل ماذا تنتظر؟" قال الاخيرة مستهزئًا ليغمض عينيه شعر بدوار خفيف ولم يعي حين نزلت عليه صفعة أخرى اسقطته على بطنه مجددًا، حاول النهوض رغم دواره المستمر ولكن جومالي انقض عليه وبدأ يسدد ضرباته على ظهره متجنبًا رأسه ليصرخ صالح: ابتعد عني ياهذاا.. ابتعد يا *****!!" ولكن الاكبر لم يأبه بصراخه بل واجه ذلك الصراخ بصراخ أكبر: ستتعلم كيف تتكلم مع اخيك الاكبر جيدًا ايها ال***** كم مرة سأقول لك بعد بأن لا تخرج دون علمي ومامعنى أن تفتعل حادثًا بسيارتي!!؟" صالح ضحك بسخرية رغم تألمه وصراخه إلّا انه اردف بإستهزاء: اوووف بَي انا اسف حقًا لقد كانت سيارتك جميلة للأسف لقد تحطمت تمامًا، الآن امممم هل ستسامحني؟.. لا يهم." قال كلماته ونهض ودفع جومالي عنه بقوته الواهنة وانقض عليه ممسكًا ياقته وابتسم بوجهه بإستفزاز بينما الاكبر رمقه بنظرة حادة وشد على يديه اللتي على ياقته..
في حين شعر صالح بالدوار مجددًا ورأسه بات يؤلمه أين مكان الضربة وكان ذلك بسبب الصراخ.. أمسك جبينه لثوانٍ ومسد عليه وهو مغمض عينيه ليستغل جومالي الفرصة ودفعهُ بعنف ونهض وكبَل يديه من الخلف رغم صراخ الآخر ومحاولاته للافلات من يدي اخيه إلّا ان جومالي شد على يديهِ اكثر مانعًا تحركه وهو يُخفض رأسه وجسده على السرير والآخر صوت صراخه ملأ البيت.. حتى أن كهرمان مسد على اذنه بإنزعاج واضح: الله الله، هل يقوم بذبحه لوجه الله أم ماذا يفعل؟؟" بينما من جهة أخرى امسك جومالي عصاته ليرفع قميص صالح من الخلف بينما اردف الآخر بتعب بعد صراخ طويل وشهقات أنفاسه اللتي باتت مسموعة: ماذا تفعل ياهذا.. افلتني اقول لك، افلتني ودعني وشأني، انا سافعل مايحلو لي.. لا دخل لك أنت!!" انهى الاخيرة وشعر بحرارة لهب كبيرة في ظهره وما كانت تلك إلا ضربة وجهها جومالي بتلك العصى القوية..
"هاه صالحجيم.. ألم تكن تشكي لي منذ أيام عن ظهرك وتقول بأنه يؤلمك؟؟ تفضل سأفعل لهُ مساج يُريحك ولتقل أخي لا يهتم بي.. ها انظر مارأيك بهذا!؟" قالها بسخرية وغضب وأعاد ضربه على ظهره بقوة أكبر ليصرخ الآخر متألمًا وإحمرت عينيه ولم يرد بشيء...
بدأ يُسدد ضرباته على ظهره واحدة تلو الأخرى ويشد على يديه مانعًا تحركه بينما الآخر لم يعد يعلم اين مكان الالم بالضبط، كل مايعلمه أنه يُريد النوم فقط وإغلاق عينيه والراحة، ولكن في كل مرة يحاول تأتيه ضربة على ظهره تجعله يرفع رأسه بشدة ويصرخ متألمًا دون وعي منه..
ضربهُ جومالي مجددًا ليُلاحظ عدم صُراخ الآخر وسكونه وهدوئه.. أفلت يديه اللتي أصبحت حمراء من شدة الضغط عليها بينما جسدهُ أصبح ساكنًا لا يقاوم ابدًا بل بقيَ ممدًا على بطنه على السرير.
اعاد جومالي نظرهُ إلى ظهره حين لم يعلم إلى أي بقعة زرقاء ينظر فقد امتلأ ضهره بالكدمات في كل مكان رغم أن العصى لم تكسر بعد وهو كان ينوي كسرها عليه..
تنهد بتعب ومسح جبينه من العرق ومن ثم اقترب قليلا من صالح ليسمعه يتمتم بصوت خافت وهو مغمض عينيه: ابتعد عنيي، لا دخل لك بي.. لن تتحكم بحياتي انتَ لن اسمح لك.. اخي كهرمان.. جومالي..." نظر بحزن عميق نحوه ثم همَس قائلا: طبعا لم تعد تناديني أخي.. ذاتا أي أخ قد يفعل هذا بأخيهِ؟.." انهى الاخيرة ومد يده لينزل قميص صالح ويخفي ذلك المنظر ليتمتم صالح مجددًا دون وعي منه: ج جومالي آبي.. اخي كهرمان، كهرمان آبي ليس وحشًا، هاير هاير ليس وحشًا.." جلس جومالي بجانبه واردف وهو يمسح على شعره: هاير اخيك كهرمان ليس وحشًا.." واكمل حين اخفض نظره وقال بحزن: بل انا الوحش إذ فعلت بك هذا.. ولكنك لم تترك لي خيارًا ياشقيّ!! لم تعد ترى امامك لذا وجب عليّ تربيتك من جديد.."
تمتم الأصغر مجددًا بألم: رأسي.. رأسي يؤلمني... آبي، يؤلمني ك كثيرًا..." قال الأخيرة ببحة صوته ليقلق جومالي ونهض سريعًا حين سمع صوت طرق الباب.. "هل انتهى العقاب ياترى أم هُناك المزيد!؟ اخبرني ماذا فعلت أم أنك قتلته هذه المرة فعلًا؟؟ كاردييش" قال الاخيرة بصراخ وطرق الباب بعنف ليخرج جومالي المفتاح من جيبه وفتح الباب، اندفع كهرمان ليدخل ويرى صالح مستلقيًا على بطنه، هزهُ بلطف ولكن الآخر لم يستجيب ليلتفت كهرمان نحو جومالي قائلًا: ماذا فعلت له؟؟ لماذا لا يرد عليّ.." "لقد فقد وعيه لا اكثر.. والآن اخرج انتَ" قالها بهدوء تام ليدفع كهرمان نحو الباب ليقل الآخر متسائلا: ولكن دعني اراه قليلًا.. ماذا تفعل!؟" قالها حين رأى جومالي يقفل باب غرفته بالمفتاح ليلتفت له ورفع حاجبيه بتعجب واردف:ماذا افعل انا برأيك؟ سأحبسه هنا وممنوع أن تدخل عليه، يجب عليه أن يتأدب قليلا ويعرف كيف يتحدث مع اخيه.." قالها ببرود رغم قلقه الواضح إلّا أنه سحب كهرمان من ذراعه لينزل للصالة تاركًا ذلك الاسمر في احلامه.
مرّت ساعة تقريبا ولم يستيقظ وفجأة حين كان جومالي وكهرمان جالسان يتناقشان في أمر شحنة الاسلحة القادمة سمعوا صراخ صوت متعب والإرهاق يغزوه من الاعلى: ياهذااا.. لماذا اقفلت عليّ افتح الباب!!" قلب جومالي عينيه بملل:يبدو أن طويل اللسان استيقط اخيرا." كهرمان تسائل في حين احتسى كوب الشاي:هل ستفتح له أم أننا لن ننام الليلة من صراخه؟.." "لن افتح له إلا بعد ان يتعلم كيف يتحدث جيدًا ويعتذر عن خطأه.."
بينما صالح في الغرفة بدأ يحوم حول نفسه باحثًا عن هاتف يتصل به فلم يجد، تنهد بتعب ثم جلس على الارض ليسند ضهره على الحائط وشد على رأسه حين عاد الألم مجددًا عليه.. لم يكتفي من الم رأسه إثر الحادث بل واضيف اليه الم ضهره وتلك الكدمات الزرقاء.
دمعت عيناه بالدموع وعضّ على شفتيه كاتمًا بكائه لينهض مجددًا ودخل الحمام لعله يسترجع بعض قوته..
خلع قميصه ودار بجسده ليرى ضهره اللذي اصبح مشوها فعلًا، اردف بغضب لاعنًا: اللعنة عليك.. **** عليك يا اخي السيد جومالي، ولم يكتفي ايضًا بل وحبسني هنا!!" انهى كلامه ولبس قميصهُ مجددًا ليلتفت يخرج من الحمام ويسارع يطرق باب الغرفة بشدة.. "قلت لك افتح لي هذا الباب!! لا تحبسني هنا لا تكن جبانًا وتعال واجهني بنفسك.. ياهذاااا افتح ***** هذا الباب وسأكسره على رأسك صدقني!!!" قال كلماته صارخًا وكأن صراخه سينفعه بشيء واعاد طرق الباب ومحاولاتٍ لفتحه باءت بالفشل..
"أنا ساذهب للنوم لقد نعست حقًا، ورجاءًا افتح له ذاك الباب ولا تدعه يصرع رأسي لقد تعبت منه اليوم بما فيه الكفاية.." قالها ونهض ليربت على كتف جومالي:تصبح على خير كارديش.." قالها وصعد ليصل الى غرفة جومالي حيث صالح وشتائمه اللتي تسيل من فمه، اردف واقفا خلف الباب: لاتصرخ ياهذا لاتصرخ وإلا سيأتي ويقطع لسانك.." قالها بسخرية وتقدم ليكمل طريقه الى غرفته وتوقف حين سمع صوت صالح المبحوح إثر صراخه بالكاد تخرج الحروف من فمه ولا زال يُكابر: اخي، اخي كهرمان تعال وافتح لي هذا الباب رجاءًا فقط.. هذا طلبي الوحيد واعدك لن اصرخ مجددًا ولن ازعجك في نومك، ولكن افتح لي الباب لا تتركني هنا!!" قالها بنبرة اشبه بالبكاء وبصوت منخفض، ليسمع رد كهرمان له:لا استطيع مساعدتك ايها الثعلب، انت من اوقعت نفسك في المشكلة وانت من ستأخذ العقاب.. تحمل قليلًا وسيرأف قلبه بك بالتأكيد.." قاطعهُ صالح صائحًا: أي رأفة ياهذاا؟؟ أي رافة تتحدث عنها لقد شوّه جسدي وأقفل عليّ في غرفته!؟ أشعر بظهري ينطبق على عمودي الفقري من شدة الألم اللذي حلّ به بسببه، أي رافة تتحدث عنها اخبرني لاعلم!؟؟" قال كلماته بلهجة غاضبة رغم اهتزاز صوته اللذي يرغب بالبكاء.
وضع كهرمان يده على باب الغرفة وقال بنبرة مطمئنة: تحمل ياعزيزي، تحمل يا اخي الأسد.. صدِقني لن يتركك تنام الليلة هكذا والألم يغزو جسدك، سيأتي اليك لا محالة فقط تحمل قليلًا.." نزلت دموعه ليقل بنبرة باكية: حتى وإن اتى الي وفتح الباب لن يسامحني على فعلتي انا اعلم.." واكمل بصوت متقطع بعد ان اخفى وجهه بيديه: انهُ.. انهُ يتحكم في حياتي ولا يجعلني أفعل أي شيء، و وحتى الخروج من المنزل يجب ان يكون بموافقته، نييدين يااا لماذا يقيد حريتي انا لا افهم!!" اردف كهرمان بصرامة قليلًا:هذا كلهُ من أجلك، من اجل سلامتك يفعل هذا وإلّا لو كان لا يهتم بأمرك لما فعل كل هذا لأجلك، لتفهمه قليلًا وتكف عن عنادك اللذي لا داعي له ياشقيّ!! هيّا تصبح على خير.."
اراد اكمال طريقه ليسمع خطوات جومالي خلفه حين وصل لغرفته وادخل المفتاح بالباب بملامح جامدة تحمل خلفها الكثير من الهدوء ليعود كهرمان وامسك يده قبل ان يفتح الباب: لا تضربه مجددًا، لقد تألم كثيرًا.. انظر هاقد كان للتو يشكو لي من ألم ضهره يقول لي أنّك شوّهته.." قاطعه جومالي ببرود: يستحقها، ذاتًا هذا عقابه لذا لا يحق له أن يتفوه بشيء ويشكي اليك... سأُريه" كان صالح يتفكر في كلام كهرمان له ليسمع اخيرا صوت جومالي خلف الباب ف انقبض قلبه خوفًا ليحاول اخفاء هلعه وتحامل على نفسه لينهض من على السرير واقترب من الباب ليسمع جومالي:يستحقها، ذاتًا هذا عقابه لذا لا يحق له أن يتفوه بشيء ويشكي اليك.. قاطع حديثه صوت صالح:***** عليك لاااان تعال هيا ارني مالديك، اقتلني حتى إن شئت هاا؟؟ ذاتًا لقد تملكت حياتي بأكملها ما الضير إن أخذت روحي وحرمتني العيش الآن!؟، هيا اقتلني!!!" قالها وقلبه يكاد يخرج من صدره لشدة هلعه وخوفه إلا أنه حقًا بدى وكأنه يطلب الموت من ملك الموت ذاته كي يُخَلص عليه وينهي ألمه.
فعل جومالي حركة فمه المعتادة بعدما سمعه ليتمتم: من دواعي سروري، سهلة.. سهلةٌ عليّ.. سأُريك!!" امسك كهرمان يده مجددًا مانعًا اياه وحين اراد التفوه بشيء مجددًا نكت جومالي يده واردف بصرامة:
كهرمان صدِقني لن أتركه بحاله اليوم حتى أُعيد تربيته من جديد، وأُعيد عقله له، من الواضح انهُ فقده مع الحادث ولم يعد يفكر بشكل سليم.. انتَ هيا اذهب الآن وارتح تصبح على خير هادي كهرمان هادي كارديش." قالها وهو يبعد كهرمان عنه ويحثه على اكمال طريقه بينما تنهد الآخر بتعب فقد ملّ من القاء الاوامر عليه ليقل حين يعود لغرفته: تبًا لمن يحاول اصلاحكم ياهذا.. واللعنة لِما أهتم؟؟ لتأكلوا بعضكم بعضًا ذاتًا مادخلي انا بكل هذا!؟ أخوان مجنونان، توبة استغفر الله.."
بينما من جهة اخرى فتح جومالي الباب بينما بلع صالح ريقه ليقف بتعب رغم ألمه ليقل: ها قد اصبحت شجاعًا واتيت لي لنتواجه وجها لوجه.. اذن هيا يا اخي السيد جومالي.." التفت جومالي للخلف ليغلق الباب مجددًا بينما ينظر صالح نحوه بغضب وعيون محمرة.
اقترب جومالي منه اكثر ليرفع صالح يده ناويًا صفع جومالي ليُمسك الآخر يده وشدّ عليها:وتمد يدك أيضًا هاا؟ كم مرة قلت لك ان اليد لا تمد على الاخ الاكبر!؟" قالها وشد على يدهِ بعنف ولفّها محاولًا لويها ليتأوه صالح وينطق متألمًا: افلتني.. افلت يدي ياهذااا، الا يكفيك مافعلته منذ قليل!؟ هل جئت لتُكمل عليّ مجددًا بتلك العصى؟؟ قلت لك افلتني ياهذاا..." قال كلماته وهو يحاول الفرار من يديّ أخيه ليصفعهُ جومالي بقوة ببنما الآخر حافظ على توازنه ولم يُرد السقوط مجددًا بل أمسك بيد جومالي ليستعين بها ولم يُدرك أنه امسك يده..
نظر جومالي نحو يده بإستهزاء ليسخر منه: ماذا هناك صالحجيم.. يبدو أنك استرجعت نصفًا من قوتك ولم تسقط هذه المرة إثر الصفعة!؟ اممم هل اشتقت ان اجرب عليك العصى ياترى!؟ ذاتًا لم يبقَ مكان سليم بظهرك ولكن ليكن.. سأُكمل عملي واكسرها على ضهرك حينها لن تستطيع النهوض لأُسبوعين او ثلاثة..."
جحض عينيه بخوف هذهِ المرة حين رأى جومالي ينحني ليلتقط تلك العصى ومجددًا يقترب منه، بدأ بالتراجع للوراء ليلتصق بالجدار واغمض عينيه بالم حين نسيَ كدمات ضهره.. "ابتعد عني او اقتلني ولتنهي الأمر ايها ال**.."ولم يكمل شتيمته تلك حتى سحب جومالي ذراعه بعنف ومجددًا كبل يديه وراء ضهره وأنزل عليه بضربةٍ قوية ليصرخ الآخر شاتمًا.. "ستتعلم كيف تضبط لسانك ياهذاا وإلّا لن ترى خيرًا مني أبدًا !!" قالها وأعاد ضربهُ مجددًا ليكتمها صالح في نفسه وعض على شفتيه فهو لا حول له ولا قوة إن كان اللذي امامه هو اخيه الاكبر، لا يقوى على مواجهته ومع ذلك يُكابر أن لا يضعف أمامه ولَو لمرة..
انزل عليه الثالثة لتدمع عيناه من شدة الالم فلم يشعر في أي مكان بضهره يُضرب، فقط مايشعر به الم فضيع جدًا وكأن نارًا تشوي جلده كلما ضربه جومالي وذلك من شدة الضربة طبعًا.
وحين رفع جومالي العصى بالهواء بسرعة ليُنزل عليه الرابعة توقف حين سمِعه يُتمتم بصوت منخفض: دور، توقف..." اقترب الاكبر منه ولازال يقيده ليصرخ قائلا: ماذا قلت ياولد؟؟ لم اسمعك جيدًا.." اغمض عينيه ونزلت دموعه الساخنة وهو يلهث ويردد من بين شهقاته: قلت.. قلت توقف، توقف.. نولر لم أعد احتمل..." "لم اسمعك أعِد ماقلته رجاءً؟" قالها ببرود محاولا عدم الاهتمام بتلك النبرة المتعبة الباكية في حين اردف صالح بنفس واحد وصوتٍ باكٍ: توقف ارجوك... ت تمام، تمام انا، انا اعتذر سامحني ولكن توقف، نولرررر لم أعد أشعر بضهري من شدة الألم آبي!!.." قال جملته الاخيرة منتحبًا وكأنه طفل يتم تعنيفه من قبل والده.. تنهد جومالي بتعب وأغمض عينيه بعدما سمع تلك الكلمة ليرمي بتلك العصى بهدوء بينما استسلم جسد صالح لوقوعه وسقوطه لولا أن يد جومالي تمسك به لكان وقع ارضًا.
اداره جومالي اليه واسنده على صدره ونظر لدموعه اللتي تتساقط رغم انه مغمض عينيه، لقد كان وجههُ طفولياً بحق لولا أن التعب والألم ملأ ملامحه لكان طفلًا بهيئة شاب.
تلمس جومالي وركز في وجهه حيث كان مصفّر فهو لم يأكل شيئًا منذ اعاده كهرمان الى المنزل فقد وقع بين يديّ الأكبر اللذي إن أخطأت ستنال عقابك تحت يديه لا محالة.
اجلسهُ على السرير بينما الآخر لا يعي ايًا مما يحدث فقط يغمض عينيه يحاول ان ينام او يفقد وعيه لا يهم، المهم ان يذهب عن الوعي ويستريح فقد أنهك الالم جسده.
أراد جومالي ازاحة يديه ليلاحظ ان جسد الاخر لا يقوى على حمله وقد مال راس صالح للسقوط حين كاد يزيل جومالي يده عنه ليُمسكه الاكبر مجددًا ومددهُ على السرير على بطنه. فتح الأصغر عينيه بخفوت حين شعر بيد تمسح على شعره بخفة وماكانت تلك اليد إلى ذاتها اللتي ضربته وآلمته، أشاح بوجههِ الى الجهة الأخرى من السرير واغلق عينيه ليقل بخفوت: اذهب..
لا احتاج شفقتك عليّ... فقط اتركني وشأني، لقد.. لقد تعبتُ كثيرًا" قال الاخيرة بوهن ليسمع صوت جومالي البارد خلفه:أولًا انا لا اشفق عليك وماشابه، لو اشفقت عليك لما فعلت بك هذا وذاتًا تستحق مافعلتهُ بك، وثانيًا، لاتنسَ أنّك تنام هنا في غرفتي وعلى سريري ولا يحِق لكَ طردي يافتى." انهى جملته وهم بخلع سترته السوداء وعلقها وتبعهُ صالح قائلًا وهو يشد على السرير يحاول النهوض: اييه تمام بما أنّ هذهِ غرفتك وأنا أخذت حصتي من العقاب ف أنا سأذهب لغرفتي واتركك هنا لترتاح مني يا اخي السيد جومالي.."
ليتبعه جومالي قائلا: لا تنسَ أيضًا أنني أقفلت الباب ولن أدعك تذهب لأي مكان بعد الآن، كي تتعلم مجددًا كيف تخرج دون علمي..
وأيضًا يفرط بالشرب ويتشاجر ويفتعل حادثًا وبسيارتي!! لتتأدب قليلًا لفترة وتعرف حدودك ايها الثعلب الصغير.." قال كلماته وهو يقف ناظرًا لصالح بطرف عينه ليُردف الاخر بغضب وإنفعال: ماذا يعني هذاا؟؟ ستحبسني هنا لعدة ايام!؟ ألن أرى كهرمان آبي بعد الآن؟، وأصدقائي بالجامعة!؟، وماذا عن جو.." لم يكمل الاسم الاخير حتى استوعب ما نطق به ليقل جومالي بإبتسامة خبيثة بعد أن فهم ماكان سيقول: تقصد صديقتك؟ ماكان اسمها هاا جوليت تلك السمراء ذات الشعر المجعد.." مطّ صالح شفتيه ليقل بإنزعاج: بحثت عن هذا ايضًا.. يااا آبي متى تكف عن مراقبتك لي؟؟" "ولماذا انزعجت الله الله؟ اليس جميلًا أن يحب أخي الشقيّ الصغير الفتاة اللتي تعجبه.."
قالها واقترب ليبعثر شعر الآخر بينما انحرج صالح ليتمتم:قلت لك انها مجرد صديقة.." ليغير الموضوع قائلًا: لن ابقى هنا، انا سأذهب ولَو رفضت ومنعتني سأهرب من تلك النافذة.." قاطعهُ جومالي بصرامة:جرب وإفعلها وسوف أكسر قدميك.. ابقَ هنا ونَم بأدبك ولا تعتقد أنّ غضبي قد زال بمجرد انني ضحكت معك قليلًا، ذاتًا لتحمد الله انني لم اكسر العصى على جسدك لكُنت الآن تعوي من الألم.." نظر صالح بغضب وضغينة من سخرية الاكبر واراد فتح فمه والتفوه مجددًا فقاطعهُ جومالي: يكفي كلامًا ياهذا.. وكما قلت لك ابقَ مكانك انا سأعود اليك بعد قليل." قالها وتقدم ليفتح باب الحمام ويدخل بينما تنهد صالح بضجر لاعنًا تلك الساعة اللتي قرر الخروج واللهو بها.
خرج جومالي بعد دقائق وبيده كمادات زرقاء قام بنقعها بالماء البارد، في حين كان صالح مغمضًا عينيه يفكر بشرود ليشعر فجأة ببرودة على ظهره ليفتح عينيه بهلع وقال بعصبية: ماذا تفعل الآن!!؟ ماهذا؟؟.." قالها وحاول النهوض ليضع جومالي يده على رقبة الآخر وأعاده على الوسادة قائلًا بهدوء: كمادات ياهذا، انها كمادات كي يخف الألم قليلًا ويزول الورم.." رفع الكمادات من ظهره ليرفع القميص ويرى الكدمات الارجوانية قد ملأت ظهره بالكامل لتتبدل ملامحه للحزن، جلس على السرير بجانبه وأعادها مجددًا وضغط قليلًا دون قصد لينطق صالح بصوت متألم: لا تفعل.. لا تضغط آبي ارجوك، يؤلمني كثيرًا..." قالها ودفن وجهه في الوسادة وشد بيده على السرير عاجزًا من الحالة اللتي اصبح عليها.. ليُردف جومالي حين مسح على شعره باليد الاخرى وتمتم مطمئنًا: تمام، تمام.. لن اضغط عليه مجددًا ايها الشقيّ.." وأكمل: فقط ارخي عضلاتك قليلًا لرُبَما تنام..."
قاطعه صالح حين رفع رأسه وصرخ بقهر وعجز: أي نومٍ آبييي!! ارجوك لا تُضحكني عن أي نوم تتحدث الآن؟؟ انا ذاتًا يستحيل أن أنام بهذه الوضعية.. وإن جربت ونمت الآن على ظهري سيعود ذلك الألم الفضيع مجددًا! لذلك لن يزور النوم جفوني اليوم، وكل هذا بسببك سلمت!!" انهى الأخيرة وسقطت دموعه حين عاد برأسه على الوسادة وأكمَل قائلًا حين دفن رأسه واجهش بالبكاء: انت.. انت حتى لم تهتم.. لكوني فعلت حادثًا وخيّطوا رأسي عدة غرز، تمام انا أخطأت فعلت شيئًا سيئًا انا جعلتك تقلق عليّ وتكلمت دون وعي ولا اعرف مالذي هذيت به.. ياااا تمام انا احمق ولكِن لا تعاقبني هكذا... انا الآن اشعر بالعجز تمامًا!! وحتى بالي لا ينفك عن التفكير في كيف سأذهب للجامعة مجددًا.. كيف سأنام براحة هذه الأيام.. وكيف سأسترجع قوتي بعدما حصل..."
مسح جومالي على وجهه بغضب معيدًا شعره للخلف ثم ردّ قائلًا بحزم: ستسترجع قوتك بالتأكيد أنت فقط كُفّ عن بكائك هذا وكأنك طفل وتبكي فوق رأسي، وسيحصل خير.." قالها وترك مابيده ونهض تقدم أمام النافذة عاقدًا ذراعيه وراء ظهره لتمر ثوانٍ ليسمع صوت صالح من خلفه: آبي..؟ رد بلهجة غاضبة "ماذا هناك لان؟؟ إن كنت ستبكي مجددًا ف انا غيرت رأيي سأرميك من النافذة هنا.." "ليس هكذا ولكن، آبي انا جعت.." التفت نحوه جومالي ليرى نظراته البريئة تلك: طالما أنك اقفلت عليّ هنا يجب أن تتحملني وتحضر لي طعامًا، باك لديك هناك ثلاجة صغيرة افتحها رجاءً لأرى مابها.." قالها حين عاد براسه للخلف ناظرًا ورائه ومن ثم جلس ساندا يده على السرير بينما تنهد جومالي وتمتم قائلا: حسبي الله، هذا ماكان ينقصني.."
تو ثاوزند ييرز اكو... اقصد يعني بعد قليل.
"آبي هل تسخر مني ماهذاا؟؟" قالها وهو ينظر إلى سلة الفواكه أمامه ليقل جومالي غاضبًا: ماذا هناك ياهذا؟ ألم تقل انك جائع.. هذا امامك هيا كُل!" تذمر الآخر حين اعتدل على السرير متجنباً ان يسند ظهره: آبيي قصدت طعامًا يعني شيئًا يؤكل ويُشبع ماهذاا فواكه هذه تحلية بعد الطعام!!" قالها وأزاح تلك السلة واشاح بوجهه راافضًا وكأنه طفل صغير ويتدلل، ف فعل جومالي حركة فمه لينظر بالغرفة حوله.. "ماذا هناك عن ماذا تبحث؟.." اردف جومالي بهدوء:لدي حذاء قديم أبحث عنه... من اجل أن أدُسه في فمك رُبَما يعجبك عوضًا عن الفواكه هذه." قالها وأخذ تفاحة ليأخذ قضمة منها تحت أنظار صالح اللذي عبس وجهه بطفولية: لا اريد سلمت، شكرًا لقد اطعمتني واشبعتني وكنت نِعم الأخ الاكبر.." قالها بسخرية ثم تمتم: من الجيد لديّ كهرمان آبي يفعل لي اشهى الاطباق ليس مثلك انت." قالها وعاد ليتمدد على السرير
بينما بالجهة الاخرى ترك جومالي التفاحة وقال بغضب مصطنع:واللهِ هذا الموجود.. لو لم تأتي متاخرًا منذ البداية لكنت جلبت لك البيتزا اللتي تحبها ولكنك اثرت جنوني اليوم لشدة قلقي عليك.." "حسنًا فهِمت لقد قلتها من جديد كنت قلقًا عليّ إي والله سلمت.. هادي تصبح على خير." قالها بهدوء وكأنه قد بدى أنه خاصم اخيه واستدار لينام في الجهة الاخرى من السرير وهذه المرة على ظهره.. شعر بالألم مجددًا ولكنهُ حاول تجاهله والنسيان وكأن شيئا لم يكن.
بينما بالجهة الاخرى من السرير تمدد جومالي واضعا يديه خلف رأسه وقال بهدوء:إن أردت اي شي آخر ناديني، تصبح على خير، ياشقيّ." قالها واغلق عينيه محاولًا ان يريح باله بالنوم.
بينما طوال الليل كان الاصغر يتقلب في السرير بغير راحة، تارة لليسار وتارة لليمين وفي كل مرة يفشل في نسيان الألم بل وبدأ يزداد عليه حتى اصبح يكتم آهاته وانينه..
مرّت ساعتين وجاءت الساعة الرابعة فجرًا لينهض ذو العين الحمراء بوهن وهو يئن ألمًا..
ألا يقال تعب اليوم كله يظهر دائمًا في نهاية اليوم عندما يود المرء النوم براحة ف يرفض تعب جسده ذلك؟..
وهو هكذا الأخ الأصغر كان يعاني من كدمات ضهره حتى يئس محاولته للنوم وغزى السهر عينيه.
التفت بخفة نحو الجهة الاخرى حيث يرقد اخيه الاكبر بجانيه واضعًا ذراعه على عينيه وقد كان نائمًا.
تردد بشكل واضح ثم بلع ريقه واقترب ومد يده ليهز يد اخيه بلطف وقال بصوت متعب: آبي.. جومالي آبي استيقظ قليلًا ارجوك.."
قالها بصوتٍ كاد يُسمعه وهزّهُ مجددًا وكأنّه طفل ويستنجد بأبيه: اخي نولوور استيقظ.. لا استطيع تحمل هذا الألم يا اخيي.." قالها وتساقطت دموعه بينما شعر جومالي بشيء يهزه وصوت بكاء خفيف ليفتح عينيه برؤية غير واضحة ثم قال بنعاس: صالح.. ماذا هناك ياولد لمَ انت مستيقظ؟.." سحب صالح يد اخيه بانفاس ضائعة وكأنه يطلب منه القوة وقال منتحبًا: آبي، لا استطيع... لا استطيع النوم ارجوك افعل شيئًا!.. منذ، منذ ساعتين وانا اتقلب بالسرير احاول، احاول تناسي الالم ولكن لا يذهب لايزول!!" قلق جومالي حيال ذلك الألم حسنًا هو قد يؤلم ولكن لا يبقى فترات طويلة هكذا، إلا إذا كان هناك كسر في عظامه ف يصبح هذا الالم طبيعي بالنسبة لتلك الحالة.
نهض بسرعة ليفتح الثلاجة ويبحث بها عن شيء ما قد ينفعه بينما يقول بنبرة مواسية لحال اللذي خلفه:اصبر قليلًا ياولد.. هناك مرهمٌ قد يساعدك وسأُدلكه انا لك وسيزول الألم فقط انتظر لأرى.." انهى الاخيرة وأخرج علبة حبوب مسكنة وانتشل بعدها علبة مرهم يستخدم للحروق والكدمات.. استقام واقترب من صالح وجلس بجانبه ليقل بينما يفتح قارورة ماء:افتح فمك واشرب هذا، مُسكن خفيف سيَفي بالغرض.." فتح فمه ليضع جومالي الحبة تحت لسانه واقترب ليُشربه الماء بنفسه: على مهلك ياشقيّ، انظر الآن ستصبح بخير صدقني فقط تمدد امامي لأدلك لك ضهرك.." قالها وكأنه بدى يحادث طفلًا صغيرًا ليقل صالح ببرائة:هل، هل سيذهب الالم؟.. هل سأستطيع النوم مجددًا؟ ولكنك ستؤلمني.." قاطعه جومالي مطمئنًا اياه:لن اؤلمك، هيا لا تتعبني.." تمدد على السرير بتعب واغمض عينيه ربما خوفا من القادم وربما لأنه يريد ان يحضى بنوم هنيء هذه المرة. رفع جومالي قميصه وثبته، ورأى تلك الكدمات على حالها ثم فتح علبة المرهم تلك ليأخذ منها قليلًا من الدهن وبدأ يمرره على ضهر اخيه بينما الآخر يشد على الوسادة بيده ويحاول كتم انينه والصمود.
بدأ جومالي يدلك ضهره من الأعلى مرورًا برقبته وقد بدأ الآخر يرتاح شيئًا فشيًا.. ومع نزول يد جومالي الى اوسط ضهره لاحظ كثرة الكدمات في تلك المنطقة ليدلكها بخفة محاولًا عدم إيذاء اخيه ولكن الآخر تساقطت دموعه من جديد وقال ببكاء: هنا.. اجل هنا، يؤلمني كثيرًا ارجوك لا تلمسه آبييي.." بينما استمر جومالي يدلك تلك المنطقة ليقل بلين هذه المرة: ليكن فداء لك اخيك تحمل فقط قليلًا وتصبح بخير وان لم يحصل أحملك للمشفى بيديّ تمام آبيجيم؟.."اومئ صالح برأسه وبلع ريقه واخفى وجهه مجددا بالوسادة يحاول تناسي الألم بأي شيء، يحاول تناسي الألم بأي شيء، يحاول تذكر لحضات جميلة ولكن عقله لا يفكر سوى بالألم اللذي بظهره، قطع حبل افكاره صوت جومالي اللذي قال محاولاً التهوين عليه:صالح عزيزي مارأيك ان أحكي لك قصة؟.." "قصة.. قصة ماذا يا أخي ألا ترى أنني اصبحت قصة تحكى في الواتباد.." "ليكن ليكن، انا تعجبني هذه الكاتبة هي من اقترحت فكرة ان اضربك بالعصى واهٍ كم استمتعت بذلك حينها.." تحدث صالح بسخرية: أجل ولم تكتفي بذلك بل وتعاونت مع الفتاة تلك الاخرى "صديقتي😔😂" تعاونتا من أجل ان تضربني وتفعل كل هذا بي.." جومالي بضحك: تستحقها ايها الشقيّ!" تذمر صالح: ياااا آبي حتى انت تعاونت معهما، ألا يوجد احد هنا يشفق على حالتي!؟.." قالها بخيبة امل وقوس شفتيه للأسفل بطفولية ليقل جومالي:بلى لديك احد يشفق عليك وهم القراء اللذين يقرأون الآن اراهن انهم يودون احتضانك حين كنت تُضرب ياهذا، انهم حنونون جدًا.." "ايفيت آبي ليسوا مثلك انت لم ترحم بحالي وحبستني هنا ايضًا"
"يكفي كلامًا ياهذا لنكمل القصة بجدية ليس هكذا، من الواضح انّ الكاتبة ملّت كثيرًا."
لا زال جومالي جالسًا يدلك ظهره بيد واحدة بينما الآخر كُتِم صوته تمامًا ولم ينطق بأي شيء، ف تسائل جومالي قائلًا وعينيه عليه:هل لازلت تتألم؟ اخبرني لا تبقَ صامتًا."
اظهر راسه بخفة من الوسادة وقال بصوت منخفض:لازال، لازال يؤلمني ولكن خفّ قليلًا.." "انت تعلم انّ ظهرك يحتاج الى طرقعة صحيح؟" اتسعت عيناه ليقل حين رفع راسه يحاول النهوض:هاير يوك يوك آبي.. سلمت ذاتًا لم يعد يؤلمني." فعل جومالي حركة فمه ليُردف حين اعاده راسه للسرير قسرًا ليتذمر الآخر ويقل:آبييي يااا، حبًا بالله انا اعلم انّك ستكسر ضهري بدلًا من أن تصلحه لذا توقف ولا تزِد على ألمي فيصبح اثنين." جومالي وقف واضعًا يديه على ظهر الآخر: صوص لان، انت تشكي لي منه وصرعت رأسي منذ أيام ذاتًا، حتى انك قلت لكهرمان ان يطرقعه لك ولكن الآخر انشغل ونسيَ" "آبي... تمام ولكن على مهل، ارجوك ليس بقوة كي لا تكسره لي.. وانتظر لحضة انا لست مستعدًا ب.."
وقبل ان يكمل ضغط الاكبر على ظهره بقوة ليصدر صوت طقطقة بينما رفع الاصغر راسه بألم ليصرخ بشتيمة لينزل راسه مجددًا على الوسادة واخفى راسه بها..
"هاا كيف تشعر؟ هل تحسن قليلًا؟.." رد الأصغر بتعب حين اغمض عينيه: آبي حبًا بالله اتركني.. تمام اي والله سلمت لقد ارتحت قليلًا ولكن آلمتني كثيرًا، تبًا ولم تبالي للكدمات بل وضغطت عليها بشدة.." "المهم انّك ارتحت قليلًا يكفي كلامًا زائدًا ياهذا." قالها وعاد يدلك ظهره مجددًا بعصبية وقوة بينما نطق صالح متألمًا: آبيي برفق.. ياا هل عدت تفرغ غضبك بي مجددًا!!؟ ارجوك إن كنت لا تريد تدليكه او مللت مني لتترك عنك ولا تزد ألمي..." قالها ودمعت عيناه بالدموع بينما نطق جومالي قائلًا بصرامة: نَم صالح فقط نَم واغمض عينيك وأرِحني، سيحل الصباح علينا ونحن لازلنا مستيقظان.." قالها وعاد ليدلك ضهره بهدوء متناسيًا غضبه بينما اغمض الاصغر عينيه محاولًا النوم بهناء.
مرّت عدة دقائق ليتفقد جومالي اخيه حين هدأت انفاسه قليلًا وسكن جسده، تقدم وازاح خصلات شعره بخفة عن عينيه ليجده ينام بسكون تحت تأثير ذلك المسكن اللذي اعطاه اليه، عاد الاكبر لسريره في الجهة الاخرى والتفت لصالح لجانبه ليسمعه يئن بخفة وهو نائم ف بالرغم من نومه وهدوئه إلا ان اهاته وانينه لم تزول فهو حتى في نومه يتألم شاكيًا من ظهره.
تنهد جومالي بضيق ليأتي في ذاكرته لحضة ضربه اياه بالعصى عدة مرات ورغم صراخ الآخر إلا ان جومالي لم يتوقف عمّا يفعله بل ضربه حتى فقد الآخر وعيه وتراخى جسده بين يديّ اخيه، تذكر حين استيقظ ومجددًا عاد اليه وقيده من ذراعه واعاد ذات الضربات على ظهره اللذي كان ممتلئ بالكدمات ذاتًا.. تذكر نبرته تلك وهو يقول: توقف.. ت تمام، اعتذر.. سامحني ولكن ارجوك توقف، لم اعد اشعر بظهري لشدة الألم آبيي.."
اغمض عينيه بحزن ثم التفت مجددًا الى صالح النائم بجانبه ليعتدل في جلسته واقترب من صالح ثم وضع وسادة وراء ظهرهِ هو واستند عليها ومد يده وبدأ يمسح على شعر صالح بحنية..
دنى منه دون ان يشعر الآخر ليقبل جبينه ولثم رائحته لجوفه، وتمتم بعدها قائلًا وهو ينظر لملامح صالح البريئة والساكنة: عزيز أخيك.. لماذا جعلتني افعل هذا بكَ اليوم ها؟ هل كنت قسوت عليك كثيرًا وآلمتك؟.. الم اشفق على حالتك وحبستك هنا بمفردك ؟.. لتكسر يديّ إن آلمتك او صفعتك دون قصد او ان لم تكن إرادتي هي مصلحتك! انت اخي الشقيّ لا افرط بك بسهولة ولا افعل اي شيء لا يكون فيه مصلحتك لا تنسَ ذلك ابدًا..
صغير اخيه." قال الاخيرة وابتسم بخفة وهو يتأمل وجه اخيه الطفولي حتى غفى هو الآخر أيضًا.يتبع...
آرائكم رجاءً حتى أكمل اذا أعجبكم البارت♥️؟

أنت تقرأ
«اخوة في الظلام»
Romanceتحكي القصة عن الاخوة صالح وكهرمان وجومالي حيث يعيشون في بيت واحد بعد موت والدتهم وسفر أبيهم الى خارج البلاد وتركه لهم، حيث يدرس الأخ الاصغر صالح فترة مراهقته في الجامعة، أما الأخوان الآخران يعيشان معه يعتنيان به وبالطبع فهما يعملان بالأسلحة والمتاجر...