لا أُريد أن اموت الآن آبي..

452 13 12
                                    

"Part five"

رفع رأسه اجبارًا كي ينظر اليهم ليقل: انظر جيدًا اليهم... قبل ان اقتلهم أمام عينيك!!" دمعت عيناه لينفي برأسه بخوف مرارا وتكرارا بينما اشار الرجل لرجاله الملثمين بنظراته ليتقدم احدهم وامسك أحد الشباب و وجه السلاح على رأسه امام صالح، حينها اغمض صالح عينيه رافضا النظر وهو يتمتم بصوت خافت: لا تفعل ذلك.. لاتفعلوا هاايرر لا تفعلووا..." ليهمس الرجل بخبث: افتح عينيك وتمتع بالمنظر..
وإلا سآمرهم بقتل أخويك الإثنين ومن ثم ساقتلك بعدهما..!!" نطق بصوت باكٍ مترجيًا: لا تفعللل!! لا تلمس اخوتي.. لا تلمسهم نولوور..." صرخ به الرجل بشدة: افتح عينيك اذن ياهذا!!" رد الآخر حين صارخًا برجاء: لا لا...
لا اريد.. لا اريد رؤية ذلك.. ارجوك لا اريد ذلك..." ومن ثم فتح عينيه بسرعة وبخوف شديد نظر حول المكان واكمل صراخه مستنجدًا: آبيييي... كهرمان آبيي.. جومالي آبييي.. تعال خذني من هنا آبيي.." اراد إكمال صراخه حتى اخلسه صوت إطلاق النار اللذي حدث أمام عينيه وسقوط الشاب جثة تحت قدميه...
نظر بعينين متسعة ومليئة بالدموع ولم يعلم لأي منها يلتفت، هل للجثة اللتي اصبحت تحت قدميه أم لرائحة الدماء اللتي لفحت أنفه..
سقطت دموعه بغزارة وهو ينظر تحت قدميه فاغرًا فاهُ،
بينما لم يستوعب ماحدث بعد حتى سمِع صوت اطلاق مجددا وسقطت جثة أخرى أمامه..
ابتسم الرجل حين رأى شكله ودموعه اللتي تساقطت على وجنتيه ثم أمسك كتفه مجددًا ليقل هامسًا: انظر لقد ماتا بسبب أخيك!! هل رأيت كم ان اخاك سيء؟.." ليقل صالح مرددًا بدموع: ليس سيء.. آبي ليس سيء... ليس سيء هاير ليس سيء..." بدأ يردد كلماته دون وعي منه ودموعه تتساقط وهو ينظر للدماء اللتي ملئت الارض والجثتان أمامه ليقل الرجل مستهزئًا: ولكنك تبكي كثيرًا ياا، انظر المشهد جميل جدًا استمتع بوقتك..!" قالها ومن ثم ابتعد ليقف خلفه وأشار للرجال ليتكفلوا بالباقي ويقتلوا باقي الشبان أمام صالح..
عاد صوت الاطلاق مجددًا بينما تسارعت أنفاس صالح وهو يخفض رأسه متحاشيًا النظر وبعيون متسعة مليئة بالدموع ويردد دون وعي: توقف... توقفوا.. يكفيي... نولووور توقفووا... لا تقتلوهم لا لا.. يكفي دماء..
ه.. هناك د...ماء .." يقول كلماته برجفة وهو ينظر للدماء تحته بعيون متسعة وكأنه قد دخل صدمة الآن ولا يعي ما يقوله..
مرّت بضع دقائق كان قد انتهى الرجال من عملهم واعادوا إطفاء الأنوار وخرجوا تاركين ذلك الأسمر في مستنقع الدماء ذاك.. كان ينظر بعيونه النعاستين نظرات خاوية حين جفتا عيناه بالفعل من كثرة بكائه وهو يرى أشخاصًا يُقتلون أمام عينيه، بدأ يسترجع ذكرياته مع اخوته محاولًا ازالة صورة الدماء من مخيلته ولكن لا فائدة..
قرر إغماض عينيه وحنى برأسه للأسفل شاردًا في ذاكرته.. حتى تذكر اخيرًا موقفًا له مع اخيه وبدأ يسترجع ماحدث..
"في ذاكرته" نهض ورمى نفسه بحضنه بخفة ليبادله اخاه مبتسمًا واحتضن جسده الصغير ليقل: الله الله ياصغيري هل تعلمت الآن كيف تعانق؟ ظننت أنك تعلمت كلمة جديدة ياعزيزي." قالها ودنى من رأسه ليقبله ويشم رائحته لجوفه في حين نطق الصغير بتلعثم وهو في حضنه:
ج.. جو.. جوما.. لي..." ابتسم الاكبر بسعادة ليبعد الصغير عنه واحتوى وجنتيه ليقل بلطف: عزيزي.. تستطيع قول أخي فقط ياروحي، اعلم ان اسمي سيكون صعبًا عليك.." نفى الصغير برأسه ببرائة دلالة على رفضه ليقل جومالي بذات الابتسامة: تمام تستطيع المحاولة مجددًا ولكن ببطئ كي لا تتعب هيا صغيري.." قالها وامسك كتفيه مستمعًا له لينطق الصغير مجددًا محاولًا ترتيب الكلمة في فمه:
ج.. جو مال.. ، ج جوما.. لي... توقف واخذ نفسًا عميقًا شهيق وزفير ومن ثم نطق مجددًا:
جو... جو.. ج و مالي، ب.. باب.. با با.." قالها وتنهد بتعب ليرمي نفسه بحضن أخيه وهو يشهق بخفة.
ابتسم بخفة وهو يغمض عينيه يتذكر دفء ذلك الحضن ومن ثم عاد ليشرد في ذاكرته مجددًا..
انظر ياولد انا لست اباك.. نادِني جومالي آبي، حتى نادِني فقط آبي لا أكثر.. وستجدني معك وامامك وسأحميك من نسمة الهواء اللتي قد تؤذيك،
انت فقط نادِني في اي وقت تشعر بالألم او الحزن وسأكون بجانبك ياصغيري..
هذا ما كان يجول برأسه من ذكرياته عندما كان في الرابعة مع أخيه، فجأة قطع شروده صوت ذلك الرجل مجددًا: أرى انك تبتسم ومستمتع حقا أصابني الفضول فيما أنت شارد؟.." قالها وهو يدور بمسافة بعيدة حول صالح بينما يسمع صالح صوت خطوات ولا يرى وجه اللذي أمامه..
بلع ريقه بخوف حين شعر بخطوات تقترب منه اكثر حتى وقف الرجل أمامه تمامًا مزيحًا تلك الجثث بقدميه.. لايراه صالح ولكن يرى هيئة جسده في الظلام
اخرج الرجل سكينة من جيبه وهم بفتحها ليقل صالح بخوف: ماذا تريد.. ماذا تريد مني.. ماذا ستفعل؟..."
"ربما قررت أن اؤذي قلب اخيك بك، مارأيك انت؟.."
بينما جومالي من جهة بدأ يشتم حظه حين كان الطريق طويلا أكثر مما يتصور والاسوء أنه كان الآن في زحمة سيارات خرج منها بصعوبة، لا يعلم كم من مرة كاد يتسبب بحادث ولكن كل مافي باله هو أن يصل رغم أنه تأخر كثيرًا..
وصل أخيرًا في حين هو قد قام منذ البداية بأمر عدة شباب من الحفرة ليلحقوا به، نزل مشهرًا سلاحه ليطلق على ثلاث رجال أين كانوا يقفون أمام مبنى او شبه مستودع..
تقدم ليدخل حين أخذ مفتاح البوابة من احد الرجال على الارض.، حينها تفاجأ بكونه مستودعًا تحت الارض حين رأى سلالم تمتد للاسفل.. بدأ ينزل بهدوء وحينها تجمدت شرايينه عندما سمع ذلك الصراخ من أخيه: آبيي.. آبيييي.."
"قبل دقائق قليلة"
ماذا تريد.. ماذا تريد مني.. ماذا ستفعل؟..."
"ربما قررت أن اؤذي قلب اخيك بك، مارأيك انت؟.." قالها وابتسم بخبث ليُدخل السكينة فجأة وبسرعة في جوف جسده...
شعر صالح بحرارة تسري في كامل جسده وصوت قطرات الدماء اللتي نزفت من اوسَطه وتساقطت على الأرض من شدة غزارتها..
لم يكن بباله شيء سوى كلمة واحدة نطقها كمحاولة اخيرة له للنجاة: آبيي.. آبييي.." قالها صارخًا وعيناه تدمع ألمًا بينما بالخارج جومالي يضرب بكامل جسده ذلك الباب المغلق بينما يصرخ قائلا: صااالح!!.. آبيجيم لا تقلق لقد أتيت.." واكمل وهو يشتم أمامه بغضب مزمجرًا: لااااان افتح هذا الباب!!! اترك اخي وشأنه س*****" قالها ومن ثم أكمل صارخًا: ميتيين كماال جدوا مدخل آخر لهذا الشيء بسرعة!!" قالها وهو يحاول فتح باب المستودع ولكن لا جدوى فقد كان الباب مغلقًا من الداخل.. في حين مرّت ثوان عدة كانت كالدهر على الأكبر حتى فُتح ذاك الباب وكان الظلام الحالك في المستودع ورائحة الدماء تغطي المكان اندفع جومالي ليتفقد المكان في حين اتسعت عيناه وهو يتعثر بتلك الجثث اللتي كانت تملأ المكان حتى دوى صوت إطلاق نار مجددًا بضوء خافت ضعيف بدأ الاشتباك بين شباب الحفرة وبين الرجال الملثمين في حين جومالي تركهم وذهب يبحث في شتى انحاء المستودع اللذي كان ضخمًا مليئًا بالزنزانات عن اخيه اللذي انكتم صوته تمامًا..
فجاة سمِع صوت صراخ أخيه من نهاية المستودع حين قال مستنجدًا: آبييييي... جوماااالي آبييي.... نولوور..تعال إلى هنا آبيي.....، جوماليي بابا...." في حين تجمد جومالي بأرضه بعدما سمعه ليسرع ويركض بإتجاه الصوت حتى وصل الى زنزانة واسعة مظلمة.
"صااالح آبيجيم أين انت..!؟ ناديني لاعلم مكانك ياصغيري.." قالها بصوت مرتفع حين كان المكان مظلمًا اكثر من ذي قبل..
سمع صوتًا يعرفه جيدًا: فاااي من ارى أمامي!! اهلا بك جومالي كوشوفالي كنت بإنتظارك لمَ تاخرت كل هذا الوقت؟.." قالها بينما يبتسم بخبث ليرفع جومالي سلاحه بغضب ويزيح قفل الامان ويوجهه حيث سمع مصدر الصوت، بينما نطق الرجل سريعا: اووو ولكن انتبه.. رُبما تصيب أخاك بالخطأ بدلا من ان تصيبني..!"
قال الاخيرة ضاحكًا بسخرية بينما اشتعل جومالي غضبًا ليصرخ: اظهر نفسك ياهذاا وكن رجلا!! وأخبرني أين اخي وماذا فعلت به!!؟" قالها في حين لازال يشهر سلاحه أين مكان الصوت ليقل الرجل ببرود: ولكن عيب والله ألم تتعرف عليّ من صوتي؟ وأيضًا انا افضل القتال في الظلام ألا تتذكر أننا فعلناها مراتٍ عدة حين كنا في السجن؟.. وأيضًا بالنسبة لأخيك انه هنا يسمعك تكلم وقل له أن لا يبكي لأنه صرع رأسي منذ نصف ساعة.." قالها وهو يقف خلف ذلك الكرسي يضع يديه على كتفيّ صالح بينما الآخر مكمم فمه وهو يتلوى الما بداخله بعد ان أدار الرجل قبل قليل السكين في بطنه..
آبيجيم.. ها انا هنا لا تخف، سأنقذك فقط اصبر لأقتل هذا ل**** ثم سآتي اليك.." قالها وهو يرمي سلاحه للارض وأخرج سكينته بينما ابتسم الرجل ليقل بإستهزاء: انت واثق من نفسك كثيرًا جومالي كوشوفالي!.." قالها وأخرج سكينًا اخرى غير اللتي طعن صالح بها ومن ثم تقدم أمام جومالي بينما الآخر شعر به وبحركة مفاجئة وسريعة تقدم جومالي ليجرح خده حينها حدد مكانه من صوت نفسه وخطواته، "لازلت بارعًا في هذا.. بحقك يارجل وكأننا بالأمس كنا نتقاتل بالسجن!.." "لا تطل ياهذا لست متفرغا لك.. لدي ماهو اهم ولكن سأنتهي منك أولا حتى اتاكد من عفن جثتك!!" قالها وهو يشهر سكينه بالهواء مع الآخر وكل منهما يستمع لخطوات الآخر وصوت أنفاسهم اللتي تسارعت..
بينما من زاوية اخرى في الغرفة لازال مقيدًا ذلك المسكين اللذي فقد كثيرًا من الدماء وهو على وشك أن يفقد وعيه ولكن تاكده من وصول اخيه الآن أعطى اليه الأمل والمقاومة علي الإستمرار بالبقاء واعيًا ورغم السكين اللتي لازالت تتوسط بطنه وقطعة القماش اللتي شدها الرجل حول إصابته لغرض أن يموت متألمًا ببطئ وساديه كان أقسى من ان يتركه هكذا دون اي قماش فقط الدماء تنزف منه حتى يموت من قلّتها!..
ورغم أنه مشغول بإصابته وآلامه إلا أنه فزع حين سمِع صوت تأوه جومالي حين جُرح ساعد يده جرحا طويلًا..
حينها بدأ يتخبط بالظلام محاولًا الكلام رغم تألمه والحرارة في اوسط بطنه، في حين شعر جومالي بذلك وسمع صوت أنين خفيف يأتي في زاوية ما من الغرفة..
بدأ يسرع من حركاته محاولًا قتل عدوه كي يطمئن على أخيه اللذي لم يره الى الآن ولم يرى حالته.
سقطت سكين الرجل حتى انحنى ببطى محاولًا اخذها في الظلام ولم يشعر إلا بضربة قوية أتت من قدم جومالي على وجهه.. سقط ارضًا وبدأ يحاول النهوض وسحب انفاسه نتيجة حركتهم السريعة اللتي ادت إلى تعبهم بينما لم ينهض إلا وانقض عليه جومالي ممسكًا ياقته ومد يده للأرض يحاول إلتقاط سكينه اللتي سقطت منه كي يقتل من أمامه.. حينها نطق الرجل بصعوبة: أخاك... أخاك لقد طعنته..!" قالها بصوت مختنق بينما نظر اليه جومالي بعينين متسعة ليصرخ به بحدة: ماذا تقول ياهذاا؟؟.." قاطعه الرجل بإبتسامة ساخرة وهو يسعل: والله لقد طعنته وأدرت السكينة ببطنه حتى.. باك سيموت الآن من شدة النزيف... إنه هنا ذاتا.. كممت فمه كي لا يزعج قتالنا..!!" قالها وهو يضحك بسخرية في حين قاطع ضحكاته تلك حين امسك جومالي السكين وأمسك يده ليطعنه بها بقوة ليصرخ الآخر بشدة..، نهض جومالي من فوقه وترك السكين متمركزة في يده ليقل بحدة: سأعود اليك.. لن اتركك هكذا تفلت من يديّ صدقني ساعود اليك اليوم واجعلك تندم على الساعة اللتي فكرت بها اختطاف اخي!!" انهى كلماته ومن ثم التفت للخلف أين سمع صوت انين احدهم ليتقدم منه بينما صالح ينظر أمامه وقد عرف أن تلك هيئة جسد أخيه بالفعل..
مد جومالي يده للفراغ ليتلمس شعر أخيه حينها علم مكانه واقترب منه متنهدًا براحة، لم يكن يصدق انه قد طُعن حتى فتح القماش اللذي يكمم فمه لينطق الأصغر بوهن: آبي.." قالها ومن ثم رمى براسه في الظلام لتلتقطه أيدي جومالي وأسنده على صدره و ابتسم بخفة حين سمع صوته أخيرًا ليقل بلين:آبيجيم.. أأنت بخير ايها الشقيّ؟.." قالها وبوسط الظلام الحالك تفقد جسد أخيه بدءًا بوجهه ويديه حتى تلمس جسمه لينصدم بتلك السكين المغروزة في بطنه ورطوبة ملابسه اللتي امتلئت بالدماء بأكملها.. "صااالح!! صغيريّ تحمل قليلًا.. سآخذك للمشفى تمام آبيجيم.. سآخذك هناك ستكون بخير.. ستكون بخير..." قال كلماته بلهفه وهو يقوم بفتح قيد أخيه متجنبًا أذية إصابته وبعيون حمراء مصدومة وهو يشعر بكمية الدماء اللتي تنزف من بطن أخيه حتى تبللت ملابسه كلها..
أنهى فك قيده ليرفع جسده بينما الآخر بدأ يأن بألم ليقل جومالي بقلق: تمام.. تمام.. ستكون بخير.. تحمل قليلًا فقط ياصغيريّ.." قالها ومن ثم ساعده على النهوض وأسند كامل جسده عليه وتلمس حول إصابته ليحاول الضغط عليه كمحاولة لوقف النزيف بالقماش اللذي كان ملفوفًا اوسطه لينطق صالح بصوت متقطع: يؤلم.. لا تفعل.. آبي لا تفعل... آبيي.." قالها وهو يشد على سترة اخيه ليرد جومالي بلين: ياروح اخيك تمام تحمل قليلًا فقط ريثما نخرج من هنا.. تحمل هذا الالم ياصغيريّ سنعود للبيت... سيكون كل شيء بخير تمام.." يقول كلماته وهو يسير أخيه ويضغط حول إصابته بينما لم يستطع الآخر التحمل اكثر فسقط على ركبتيه بألم وعجز ولم يجد جومالي حلًا سوى حمله..
حمله بقوته وضمه اليه وبدأ يمشي طوال ذلك الطريق بظهر متعب وكأن روحه انتزعت منه، يمشي مناديًا على ميتين وكمال وباقي الشباب حين انتهى اشتباكهم وأتو ورأوا حالته تلك بعيون منصدمة، حاولوا مساعدته على حمل أخيه ليبعدهم عنه قائلا بوهن لم يعتادوا سماع صوته هكذا: ابتعدوا عنه، استطيع حمله انا.. انتم فقط لا تتركوا ذلك ال **** اللذي بالداخل بمفرده، اريد حراسة عليه في هذا المكان لن تدعوه يهرب حتى آتي اليه..
وإلا ستندمون..!" قالها بحدة وهو يبتعد عنهم بينما هم دخلوا وأضائوا المكان بهواتفهم ليروا ذلك الرجل يفترش الارض بجسده والسكين متمركزة في يده.
في حين جومالي يسرع من خطواته حتى وصل الى مستنقع الدماء ذاك وجثثهم في حين شم صالح رائحة الدماء بعيون تكاد تنغلق وبدأ يتمتم دون وعي وصوت متقطع: آبي.. ك.. كان كان هنا.. كان هناك د..ماء دماء ك..ثيرة هنا د.. دماء" قالها ومن ثم اغمض بخوف وتعب في آن واحد وتمسك ب اخيه بينما جومالي مسح على وجنته مطمئنًا إياه: لا تخف.. ها انا بجانبك ستكون بخير.. سيكون كل شيء بخير.. تحمل فقط آبيجيم.." يقول كلماته بصوت منهك وكأنه يتعب مع تعب أخيه ويتألم مع ألمه..
خرج من ذلك المستودع تحت ضوء النهار وحينها فقط رأى وجه أخيه بوضوح والسواد اللذي غزى أسفل عينيه وهو مغمضها يحاول البقاء واعيًا، توجه بسرعة نحو السيارة ليفتح له كمال الباب في الخلف،
وضع أخيه على المقعد وجلس بجانبه وسحبه لحضنه محتويًا كامل جسده ومن ثم عاد يضغط حول اصابته بينما يصرخ: كماال بسرعة نحو المشفى..!" نفذ الآخر ماطلبه بعد ان صعد ميتين معهم في الأمام وهو يحاول الاتصال على كهرمان لإخباره بما حدث وانهم وجدوا اخيه بينما يستمع بالخلف إلى أنين صالح وألمه..
كان يضع يديه على يد أخيه اللتي تضغط حول إصابته ويتمتم بصوت خافت متألم: لا.. لا استطيع التحمل.. ازلها.. ازلها آبي نولور..." قالها وهو يأن بألم ويشد على يدي أخيه بينما أمسك جومالي بيده ومسد عليها محاولًا التخفيف عنه، وباليد الاخرى بقي يضغط حول اصابته وهو يقل هامسًا: ستتحمل.. آبيجيم ستتحمل لا تخف تمام.. لم يُصب أي عضو بك في هذه المنطقة ولكن الخطير الآن هو هذا النزيف.. لايجب أن ازيلها الآن لأنك ستنزف أكثر من ذي قبل، ولكن لا تقلق سنصل الآن ويخرجوها فقط تحمل قليلًا بعد ياصغيري.." قالها ومن ثم قبّل رأس اخيه بحنان مطولًا وبعدها نظر نحو الطريق..
أيقن أنه لن يصل بالوقت المناسب ف مازال هناك وقت طويل حتى يصلوا الى المشفى وتحديدا الى الحفرة فقد كان المستودع في مكان الطريق خالي شبه معزول ف نظر من نافذة محاولًا تهدئة نفسه وأنفاسه المتسارعة ومن ثم تذكر شيئًا ما قد يساعده ف اردف بصوت عال: كمال توجه من هذا الطريق.." قالها مشيرًا له ليرد الآخر بقلق: ولكن يا أخي هذا الطريق لا يؤدي للمشفى..!" جومالي بحدة: قلت اذهب من هذا الطريق ولا تسأل!.. لن نصل للمشفى بالوقت المناسب إنه ينزف بشدة.. على الأقل اعرف شخصا هنا سينفعنا.." قال الأخيرة ببرود وهو يتذكر حين كان أصيب ذات مرة بإشتباك وأخذه ادريس الى طبيب بيطري صديق له..
لحسن الحظ كان مكانه أقرب من المشفى وسيكون نافعًا لو ازال السكين واوقف النزيف مؤقتًا ف هو تخصصه جراحي، إلى حين أن ياخذ جومالي اخيه للمشفى ف هو لن يحتمل سيرة أبيه المتكررة على لسان ذلك البيطري "العم سلامي"
سلك كمال الطريق اللذي قال له جومالي ليتوقف اخيرًا أمام بيت صغير وبه حديقة، نزل جومالي وأنزل صالح معه وصل الى الباب ليقل لكمال ليفتحه ونفذ الآخر، كان الباب مفتوحا ذاتا وكان البيت صغيرا مكون من صالة وغرفة للعيادة ومستلزمات الطب..
بالتالي هو يعرف هذا المكان لذا اسرع و وضع اخيه على الكرسي ورفع الكرسي لكي لا يتألم وينثني مكان الإصابة في حين سمع صوتا مرتفع من خلفه: ماذا يحدث هنا لان؟.. من انتما؟؟" قالها البيطري حين عاد من سقاية حديقته ليجد كمال وميتين يقفان على الباب ليتقدم ويدخل ويرى جومالي أمامه، "انت.. انت ابن ادريس اليس كذلك؟ دعني اتذكر اسمك ماذا كان..." فعل جومالي حركة فمه المعتادة ليقل بنفاذ صبر: نعم، انا جومالي ياعمي البيطري.. اعذرني على هذا الدخول المفاجئ في منزلك ولكن أخي مصاب بطعنة.. عليك ان تعالجه لازالت السكين في بطنه..!" قال كلماته بنفس متسارع بينما تقدم الآخر ليزيح جومالي عنه ويرى الفتى اللذي يتمدد على الكرسي، كان شاحب اللون ودمائه تنزف بشدة من اوسط بطنه أين مكان السكين..
تقدم بهدوء ليلبس قفازيه وهو يقل: منذ متى اصيب وهل بقي ينزف لفترة طوية؟.." "مضت نصف ساعة تقريبا او أقل.. لم أُزل السكين كي لا ينزف أكثر..." قالها وهو يمسح شعر اخيه محاولًا طمأنته بينما الأصغر كان بين الوعي ودونه، شعوره بأن اخاه بجانبه اعطى اليه القوة ليبقى صامدًا رغم آلامه وعينيه اللتي تكاد تنغلق..
"انت اتيت بوقت حرج جدًا يابني حتى انني لم انضف ادواتي بعد وليس معي مخدر في الوقت الحالي ف منذ قليل كنت اجري جراحة لاحدهم.." رد جومالي بقلق: ماذا يعني هذا؟، ارجوك حاول على الاقل ازالة السكين وايقاف النزف فقط، هذا مؤقتًا كي اطمئن على حالته لأن الطريق الى المشفى سيكون طويلًا وربما.. وربما اخسره في هذا الوقت..!" قال الاخيرة بهلع بينما بدأ البيطري يحضر ادواته ويعقمها بالمحلول الملحي وهو يقل مردفًا لجومالي: سأحاول ما بوسعي يابني.. ولكن المشكلة أنه سيبقى واعيا طوال الجراحة يجب ان اجلب له مخدرًا موضعيا.." قاطعه جومالي بصوت مرتفع: الى حين ان تجلب سيكون انتهى امره بسبب النزيف!.." "لا تصرخ لاان لا تنس أنني بعمر والدك!!" أشاح وجهه للجهة الاخرى بنفاذ صبر وتنهد بغضب ثم اعاد نظره نحو البيطري ليتمتم: معذرةً.. لا تؤاخذني ولكن اعصابي تلفت قليلًا ومتوتر من اجل حالته.." "وانا اقول هذا لمصلحته وإلا ف استطيع ان ازيل السكين من بطنه واخيط الجرح وهو يبقى واعيًا ولكن يحتاج لاحد كي يمسكه ويهدئه.." "سأفعل ذلك إذن ولكن المهم أن تحافظ على اخي ستفعل مابوسعك من اجله..!" قالها ناظرًا اليه بهدوء ليومئ الآخر براسه ومن ثم اقترب جومالي من صالح ليتلمس وجنتيه ناظرًا اليه: صالح آبيجيم.. بماذا تشعر تكلم واخبرني يابني.. ها نحن هنا سيقوم هذا العم بمساعدتك وسيزيل السكين اللتي تشكو منها... انا بجانبك تمام لا تخف.." قالها وهو ينظر اليه ولم يبد الآخر ردة فعل سوى نظراته الذابلة وعينيه الناعستين وكأن عقله لازال يعيد اليه مشهد الدماء ذاك لدرجة أنه اصبح لا يعي خياله من واقعه..
بينما دنى منه جومالي ليقبل جبينه مطمئنًا اياه يحاول بعث الأمان لقلبه، حينها تقدم البيطري بعد أن لبس قفازاته وعقم جميع ادواته، جلس أمام صالح ومد يده بالمقص وقص قميص صالح لكي يسهل عليه بينما جومالي سحب ايدي صالح ليرفعها ويضمها اليه بينما باليد الاخرى ضم رأسه اليه وقربه منه لاثمًا رائحته في حين الأصغر بدت تعابير الألم عليه وامتلئت عيناه بالدموع حين مد البيطري يده ليتلمس الجرح ويرى مدى عمقه وهل اصاب شريانا ام وريدًا.. رفع يديه اللتي كان يمسكها جومالي محاولًا الحركة في حين امسك الاكبر يديه مجددًا وقبّلهما سويًا ليقل هامسًا في اذنه: تحمل.. آبيجيم لأجلي تحمل هذه المرة، صدقني ستكون بخير، ستتعافى وتعود كالسابق... سيمر.. سيمر.." قال كلماته الأخيرة وهو يمسد شعر اخيه الذي مال واستند على كتفه وباليد الاخرى يمسك يديه مانعا حركته.. حينها بدأ البيطري عمله عندما قام بإجراء قطع صغير في الجلد والأنسجة المحيطة بالجرح، ومن ثم سيحاول سحب السكين بحذر وفي تلك الاوقات بدأ صالح يصرخ بألم وصوت متقطع: ت..توقف.. توقف.. لا.. لا ت..فعل.. ك.. كان هنا.. د.. دماء لا.. لا..تفعل.. توقف.." يقول كلماته وهو يبكي ويتقطع من الالم بينما ينظران كِلا من كمال وميتين اللذان وقفا أمام الباب بحزن على حالته..
يشيح كمال بوجهه بعيدًا متجنبًا النظر لذلك المنظر حتى سمع صوت البيطري: على مهل ياولد لا تتحرك هكذا ستتألم أكثر!.." قالها وهو يرى تحرك قدمي صالح حين بدأ يتخبط ويضرب بقدميه السرير وهو يردد بكلماته تلك.. "صالح آبيجيم لايجوز هكذا سيؤلمك أكثر.." حينها نادى البيطري بسرعة قائلا: انتما ايها الشابان ليأتي احدكما ويثبت قدميه لأني سأبدأ بإخراج السكين!.." نظر الآخران نحو بعضهما ليرفض متين ويشير لكمال بالقيام بذلك ليتقدم الآخر ونظر لجومالي ليومئ له الآخر بعيون متعبة ف فعل ماطلب منه، احكم امساك قدميه بينما اغمض جومالي عينيه بقهر حين بدأ البيطري بإخراج السكين ببطئ وحذر وبدأت صرخات أخيه التي اخترقت مسامعه: ت..وقفوووا.. توقف لا اريد.. هااير هاييير.. لا اريد ت.. توقف... آنييه.. آنييييه لا اريد.." قال كلماته الأخيرة وهو ينظر بدموع للخيال اللذي رسمه له عقله.. والدته أمامه بشعرها الاسود الطويل تنظر اليه بإبتسامة حزينة حينها تقدمت لتمسح على شعره الحريري بحنانها قائلة: تحمل ياصغيري.. تحمل يابني سيمضي.. سيمر كل هذا... اخيك بجانبك.."
وبالواقع لم تكن تلك المسحة وذلك الصوت إلا من جومالي حين كان صالح يستند برأسه على كتف أخيه والآخر يمسح على شعره من الخلف ومن ثم أدار رأسه اليه ونظر اليه بحزن عميق ليمسح دموعه من على وجنتيه وهو يردد بتلك الكلمات محاولًا التهوين عليه واغمض عينيه بحزن حين ذكر والدتهم المتوفية،
بينما تعرق البيطري بتوتر حتى استطاع اخيرًا ازالة تلك السكين اللتي كانت مغروزة بعمق في تجويف بطنه وحينها ادار صالح رأسه بهلع نحو جسده وذلك المنظر اللذي يكرهه منظر الدماء و وجود شق هائل في بطنه كان كالكابوس حقًا.. يحاول الحركة مجددًا وهو يبكي متألمًا يضرب بيديه على صدر أخيه وينظر بعيون متسعة نحو دماءه وبحركة سريعة أعاد جومالي وضع رأسه على كتفه وهو يمسح على شعره من الخلف مرددًا: ستكون بخير.. ستكون بخير آبيجيم فقط تحمل ولا تنظر إلى تلك الناحية.." قالها وهو يراقب عمل البيطري بعيون مرهقة مليئة بالتعب..
وأتت المرحلة الاصعب حين أراد تعقيم الجرح لاجل تخييطه نظر نحو جومالي بقلق ليومئ له الآخر متمتمًا بوهن: ارجوك.. افعل مابوسعك وانا سأمسكه.. المهم أن يكون بخير بعدها.." نظر الآخر نحو كمال ليقل بهدوء: تمام.. وانت امسكه جيدًا، إن تحرك سيُشد مكان الجرح ويتألم أكثر.." اومئ كمال برأسه بينما نظر إلى صالح مشفقًا على حالته..
غمس قطعة القطن بذلك المعقم وبدأ ينظف الجرح برفق ويعقمه وحين شعر صالح بذلك المحلول الملحي بدأ يشعر وكأن الطبيب يغمس يده في شرايينه وهذا المعقم يحرق أحشائه بشدة حينها صرخ باكيًا بألم وهو يحاول الحركة ويضرب بقدميه حينها كمال شد على قدميه وجومالي احتضنه بقوة وهو يحكم إمساكه ودفن له رأسه في عنقه: آبيييي... آبيي قل له أن يتوقف آبييي.. نولور قل له أن يتوقف.. لا أستطيع.. لا استطيع التحمل آبيييي..." كانت كلماته بالقرب من اذن اخيه حين اخترقت مسامع جومالي بل وقد اخترقت قلبه بأسهم من نار وأردته قتيلا..
أراد التكلم كمحاولة اخرى للتهوين عن أخيه رغم أن لسانه عجز عن قول أي شيء وإكتفى بلوم نفسه بأنه لم يستطع حماية أخيه..
أغمض عينيه بعجز وحين أراد التكلم والرد على اخيه قاطعه صوت نحيب صالح المتقطع وهو يعانقه ويشد على سترته وسط شهقات بكائه المتألمة وحين جفت عيناه من كثرة دموعه: لا اريد.. لا اريد أن.. لا اريد أن اموت الآن.. آبيييي... لا اريد ذلك... لازال.. لازال الوقت مبكرًا... انا.. انا لازلت صغيرًا... هاير هايير لا اريد ان اموت الآن..." يقول كلماته وهو لايعي ذاتا مايقول فقط يوَد التخلص من هذا الألم، يوَد الراحة والنوم..
حينها دمعت عينا أخيه الاكبر ليدير رأس صالح اليه وينظر إلى وجهه المتعب ودموعه اللتي تتساقط وهو لازال يأن بألم، حقًا قد نفذت طاقته من الصراخ بل انه أصبح لا يعي بما حوله.. كان علي وشك ان يفقد وعيه ليقل جومالي بقهر وهو ينظر داخل عينيه الحمراء المتعبة: من قال أنك ستموت ياصغيري.. قل لي من قال انك ستموت لاقص لسانه..!، لن تموت ياروح أخيك لن اسمح بذلك بل سأحرق الكون لاجلك.. لا يوجد موت وماشابه، إن مت انت أنا ماذا افعل بهذه الحياة من دونك ها؟.. كيف أجابه مُرّ الحياة دون رؤية حلاوة بسمتك؟.. انا اموت ان مت انت يابني.. انا انتهي ان انتهيت انت.." يقول كلماته وهو يمسح على وجنتيه ويمسح دموعه بإبهامية حينها همس صالح بوهن وبصوت خافت ف لم تعد له اي طاقة للمقاومة: انا..
انا.. انتهيت ذاتا يا اخي... انا مت لقد خرجت روحي..
لم اعد اشعر بشيء... ر..ربما س.. ساذهب الى امي آبي.. ولكنني لازلت صغيرًا... لازلت اريد العيش معك وبجانبك!.." يقول كلماته بصوت منخفض وهو ينظر الى أخيه بدموع وبرؤية مشوشة حتى انغلقت عينيه ببطئ وسقطت دمعة من عينيه معلنة فقدانه لوعيه..
بينما شعر جومالي بثقل جسده بعد ان رأى عينيه اللتي انغلقت وكلماته تلك ليقل بهلع وهو يطبطب على خد اخيه: آبيجيم.. عزيزي صالح لا تغلق عينيك.. لا تغلقها دعني اراك يااخي كي أطمئن لا تنم، لا تنم الآن، كلا آبيجيم ليس كما قلت.. انت لم تنتهي بعد ياروح اخيك لم تنتهي..! إن انتهيت انا انتهي صدقني.. لم تنتهي بعد ليس هكذا..!!" يقول كلماته كالمجنون وهو يضرب بخفة على وجنتي اخيه بعينان ممتلئة بينما نظر البيطري لحالته ليقل بهدوء محاولًا تهدئته: جومالي اولوم.. يكفيك هذا، لن يستيقظ الآن فقد رحمه عقله بفقدانه للوعي، وإلا ف ماكان سيتحمل مثل هذا الألم.. هذا طبيعي لا تخف عليه فقط من شدة اللذي عاشه لم يستطع جسده التحمل أكثر من اللازم ف فقد وعيه.." قال كلماته ومن ثم اعاد نظره نحو الجرح ليتنهد بخفة رغم توتره منذ قليل إلا ان جسد صالح استكان والآن يستطيع العمل وخياطة الجرح بسهولة بعد ان انهى تعقيمه..
بينما جومالي احتضن رأس صالح اليه ودفن رأسه بعنقه ولم يرى احد ضعف اخ الحفرة الكبير سوى في تلك اللحضة عندما صدرت منه آه ألم خرجت من قلبه عبرت عن عجزة وعن قلة حيلته، وحزنه وقهره، وتعلقه الشديد بأخيه الصغير كونه لا يريد لأي أذى ان يصيبه ولكنه اليوم تألم بما فيه الكفاية، تألم حتى كادت روحه تخرج من جسده، تألم حتى فقد وعيه وإدراكه، أليس هذا كثيرًا على قلب الأخ الاكبر؟ ف هو مع كل آه وكل صرخة كانت تصدر من فم أخيه كان يتألم ويؤلمه قلبه بدلًا عنه اضعافًا مضاعفة.. لا يظهر ذلك الألم ولكنه يبان عليه من وجهه وملامحه اللتي ذبلت مع ذبلان جسد اخيه وسكونه وهدوئه..
جثى على ركبتيه حين لم تستطع قدماه ان تتحمل هذا ف ثنى بجسده امام صالح وهو يمسك يده يمسد عليها بحنان ثم قبلها عدة مرات ونظر الى اخيه بحزن عميق وعيون حمراء من الكتمان والتوتر اللذي عاشه الآن..
اغلق عينيه ليستند برأسه على السرير ولازال يمسك يد اخيه.. بينما نهض كمال ومسح دمعة من عينه ليقف بجانب متين ويتنهد ثم تسائل بصوت خافت: هل اتصلت على الأخ كهرمان؟.." "اتصلت منذ قليل قال انه قادم في الطريق الآن.."
وصل كهرمان بعد مدة قليلة ليدخل سريعًا ويرى حالة اخيه الاصغر بينما كان الاخ الاكبر جاثيًا يمسك يديّ اخيه ليسمع صوت كهرمان ونبرته المتلهفة: صاالح!! آبيجيم ماذا حدث لك يا اخي!؟ اجبني ياروحي لماذا تنام هنا هاا؟؟" قالها حين دخل وتقدم بسرعة يتفحص وجه اخيه الممد على السرير بلا حول ولا قوة، كان شاحب الوجه وهالات سوداء تملأ تحت عينيه كسواد حياته، "من فعل بك هذا.. اخبرني آبيجيم من فعل هذا لك وآلمك لأقتله والعن سلالته!.." يقول كلماته وهو ينطر بدموع ويتلمس بخفة اللفافة البيضاء اللتي كانت ملفوفة حول بطن اخيه بينما رفع جومالي رأسه اليه بعيون غاضبه رغم ذبلانها وتعبها، ورغم انه ليس الوقت المناسب لكي يعاتبه ولكنه لم يستطيع السيطرة علي اعصابه ونهض وتقدم ليدفع كهرمان على صدره بقوة مبعدا اياه عن صالح ليعقد كهرمان حاجبيه ليقل بهدوء: نابيوسون آ.." وقبل ان يكمل صرخ به جومالي:اللعنة على اخيك لاااان بسببك حدث هذا له!! الم اقل لك ان لا تتركه بمفرده انت ماذا فعلت!!؟" قال كلماته بعيون حمراء اثر غضبه وحين اراد كهرمان التحدث قاطعه جومالي وهو يضع يده على فمه: اششششش لا اسمع صوتك ابدا... ابتعد!" قالها وهو يتقدم لزيح كهرمان عنه جانبا ومد يده ليأخذ تلك السكين اللتي كانت رطبة مملوئة بدماء اخيه..
التفت لكمال ومتين ليتقدم منهما بينما تراجع الاخران قليلا ليقل جومالي حين ازاحهما عن طريقه واردف بصوت عالي:اتصلو على عدة شباب لياتو هنا للحراسة بسرعة، ان حصل سوء لصالح مجددًا ستندمون على الساعة اللتي ولدتم بها!! لن تغفل عين احدكم حتى اعود واخذه للمشفى بنفسي.." انهى كلماته بصوت مبحوح اثر صراخه والتفت لهما قائلا بصرامة:هل هذا مفهوم!!؟؟" اوما الآخران براسهما وقد ايقنا ان مجنون الحفرة قد جن جنونه اليوم تحديدا عندما سال كمال عن شي ما وهو ذلك الميزان اللذي يزن به قلوب اعدائه بعد تمزيقهم..
خرج من المنزل بعد تهديداته وتذكيره لهم بان لا يغفى لهم جفن حتى يعود وبعد ان رمق كهرمان بنظرة قاتلة وليس وكأنه اخيه الآخر ولكن الأخ الاكبر يجن جنونه اذا اصاب شيئا ما اخوته وبالخصوص امانة امه، اخيه الصغير الشقيّ كما يسميه.

يتبع...

«اخوة في الظلام»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن