البومة السَوداء

47 3 9
                                    


في لَيلة الثلاثون مِن يَونِيو الساعة التاسِعة مَساءُ يومِ السبت
في تلك القلعة القديمة ذات الحجم المتوسط وتحت السماء المظلمة تتساقط الثلوج بهدوء فوق قَصِر ال رويتنز
رواق مُظلم يترنم فيه صوت خطوات تلك السيدة مُتَوسِطةُ العمر محمل الشمع ينير ما حولِها بتلك البنية الهزيلة والهالة الصقيعية تُمَرِر يَدِها لطَرقِ ذلك الباب المحصور فِي نهاية رِواق عريض كل ما يوجد فيه هو بابًا واحد لغرفة
" آنِسَتي ... " خَرجت تِلك الحُروفِ مِن ثَغرِها الباهت لم يصدر صوت من داخل الغرفة الصمت مستمر كل ما يمكن سمعه خربشة على الورق
" آنستي..." ردفت الخادمة بنبرتها الكئيبة والتي يرافقها خيط رفيع من القلق
"أُدخلي مارغا ..." صدر ذلك الصوت الهادئ ذو نعومة مؤذية كضربة عود جليد في القلب
فتحت مارغا باب الغرفة بهدوء وروية بينما كان رأسها منخفضا دخلت والقت نظرة على ما حولها كانت تعابيرها ثابتة لا تتغير بالرغم من الفوضى التي سادت الغرفة حولت عينيها نحو الشابة الصغيرة "ماري...؟" لم تحرك ماري ساكنا ولكنها واصلت النظر الى تساقط الثلج بينما الريح تصارع وجهها من النافذة المفتوحة تحركت عينيها البلورية تلك العيون الداكنة ذات الاخضر السام تدحرجت ككرات بلور نحو وجه خادمتها".. ما الخطب...؟" بينما تريح يديها على السرير المجاور للنافذة عينيها تتفحص وجه الخادمة الصارمة شددت مارغا حاجبيها بانزعاج " لم اعلم انكِ تنوين المرض ..." امتعضت مارغا بينما سحبت البطانية من على السرير تحركت بذلك الثوب الاسود الباهت وتلك العيون الارجوانية المزرقة بينما يشدد شعرها الاسود القاتم على بُهتَة وجهها كانت ماري تراقب تحركات خادمتها ومربيتها بصمت بينما تدير عينيها مرة اخرى نحو النافذة تهب الريح في تلك الغرفة مع النار المطفأة كانت الغرفة مظلمة لم تشعل ماري حتى شمعة فما بالك بإشعال مدفئة بينما تخطو مارغا خطوات نحوها وهي تدوس على الاوراق التي تناثرت في كل زواية من الغرفة الرثة حملت البطانية بغضب  وضربتها بوجه  ماري مما جعلها تستلقي على السرير الابيض المزين بالدانتيل اثر ضربة البطانية اللطيفة ثم اتجهت مارغا نحو النافذة واغلقتها بقوة حتى ان صوت الضربة رن في الغرفة " أن كُنتِ تَنُوين الموت كان عليك استشارتي كنت سأفعلها لك بكل سرور آنِسَتي " قالت مارغا بينما تنحني امام سيدتها كانت ماري نصف مستلقية على سريرها الكبير وجهها مُغطى بتلك البطانية البنية بينما قدميها تتدلى على حافة السريرة استقامت بجلستها وابعدت البطانية عن وجهها نظرت في عيون مارغا المبتسمة " كُنتُ انوي تعذيبك "نظرت لها بتلك العيون الكبيرة التي تتبعها هالات حمراء تحت جفنها السفلي شعرها الاسود الطويل يلمع تحت ضوء الشمعة بينما انفها إحمَرَ جَراءَ الهواء البارد الذي كان يداعبها نظرت لها مارغا بتعابير ثابتة " وهل  طريقة تعذيبك لي تكمن في إمراض نفسك ؟" قالت مارغا بابتسامة خبيثة رسمت خط شفتيها بينما تضع الاوراق في الدرج المجاور للسرير كانت ماري تنظر لها وجهها ذو التعابير الجامدة الذي يعطيها نبعة من البراءة " لانكِ تَكرهين المرض والمرضى " ردفت، نظرت لها مارغا باستغراب " ان كُنتِ انتِ المَرِض لَن أُمانع ان اكون الدَواء، همم...؟"
لم تقل ماري شيء بل اكتفت بالصمت استلقت على سَريرها " غَطي !" قالت لها بنبرة آمرة تحمل خيط تعجرف نظرت لها مارغا مرة اخرى لامست اصابعها رقبة ماري البيضاء بينما تداعبها وتزيح الشعر عنها
بعد ان قامت مارغا بما أُمِرَت به ... وقفت عند الباب بينما تُمسِك يدها حافة المقبض ملئ الغرفة ذلك الدفئ الغريب بينما كانت ماري تنظر الى خادمتها بعيون خالية من الاحاسيس بتلك البنية الهزيلة الملفوفة تحت الغطاء وذلك الشعر الداكن الذي يكاد اشد من سواد الليل ادارت ماري وجهها كي لا تلتقي بعيون مارغا لم تعر مارغا لذلك اهتمام فهي تعرف ان انستها هي انستها وهذه هي انستها " ان احَتَجتي شَيئًا يا آنِسَتي فقط اهمسي بأسمي ..." قالت بينما تجر شفتاها ابتسامة ذات طابع غَريب كانت مارغا تخبر ماري بالهمس عند حاجتها اليها " توقفي عن الترهات و غادري اشعر بالنعاس " قالت ماري وهي تحاول تفادي التفكير بترهات مارغا ما ان اصدر مارغا صوت طرق الباب اغلقت ماري عينيها المُتعبة استسلمت لكوابيسها المُزعجة وهتفت روحها في تلك الغرفة المُظلمة وهي تبحث عن السلام

العبُودِية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن