المقدمة

120 13 7
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها القارئ العزيز،

أكتب إليك هذه الكلمات وقلبي يخفق بين الخوف والرجاء. خوف من أن تكون كلماتي قاصرة عن وصف ما مررت به، ورجاء في أن تجد فيها ما يخفف عنك وطأة ما قد تمر به.

لقد عشت - ولا زلت أعيش أحيانًا - تجربة من أصعب ما يمكن أن يمر به المؤمن في حياته الروحية. إنها تجربة وسواس العقيدة، تلك الحالة التي تجعل المرء أسير أفكاره وشكوكه، يدور في حلقة مفرغة من التساؤلات التي لا تنتهي.

لكن ما زاد الأمر صعوبة وألمًا هو ما كنت أسمعه داخل عقلي. أصوات تتردد، تأمرني - والعياذ بالله - بقول كلام سيء عن الله سبحانه وتعالى أو عن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. أستغفر الله العظيم وأتوب إليه. كانت تلك اللحظات من أشد ما مررت به في حياتي. شعرت بالرعب، بالذنب، وبالحيرة الشديدة.

كيف يمكن لمؤمن أن تراوده مثل هذه الأفكار؟

كانت هناك أوقات شعرت فيها وكأن عقلي سجن، وقلبي في قفص، وروحي تئن تحت وطأة الشكوك والهواجس.

كنت أستيقظ في الليل مفزوعًا، وأقضي ساعات النهار في صراع مع أفكار وأصوات تتسلل إلى عقلي دون استئذان، محاولًا بكل قوتي طردها والتمسك بإيماني.

حتى يومنا هذا، وبعد كل ما مررت به من تجارب وما تعلمته من دروس، لا زالت هناك لحظات تعاودني فيها تلك الوساوس والأصوات.

لكنني الآن أفهمها بشكل أفضل، وأعرف كيف أتعامل معها بحكمة ورحمة، مدركًا أنها ابتلاء وليست من حقيقة إيماني.

في هذا الكتاب، أشارككم رحلتي الشخصية مع وسواس العقيدة بكل تفاصيلها المؤلمة والمخيفة.

أضع بين أيديكم خلاصة تجربتي، وما توصلت إليه من فهم وحلول.

ليس هدفي أن أدعي امتلاك إجابات نهائية، بل أن أمد يد العون لكل من يمر بهذه التجربة الصعبة، خاصة أولئك الذين يعانون من الأفكار والأصوات المزعجة.

أدعوكم للسير معي في هذه الرحلة، عسى أن نجد معًا سبيلًا للخروج من متاهة الوسواس إلى رحابة اليقين وسكينة الإيمان، متذكرين دائمًا رحمة الله الواسعة وعلمه بما في الصدور.





و السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

وسواس العقيدة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن