"هذه A55....حصلت اليوم على أول مذكرة صوتية لي كعضو من النخبة...بتاريخ 12 عشر جوان لسنة 2082حسب التقويم الميلادي وسنة 51 من التقويم الداخلي للمركز....مرت 56 سنة على الحرب العالمية الثالثة ، 20 سنة على الجفاف و 5 سنوات على ظهور نقابات العالم الجديد ، بات الكوكب الآن ممتلئ بالبشر و خالي من الإنسانية، انقسم التسلسل الطبقي إلى ثلاثة مستويات الـ"إل سان" هؤلاء في المنتصف يعيشون حياة مريحة وأغلبهم مسثتمرين وأصحاب نفوذ سابقين ، ثم الـ"يو سان" وهم مجموعة من المستضعفين حكم عليهم القدر بأن يعيشوا تحت رحمة الطبقات الأعلى منهم و أغلبهم رجال دين ، أما الأعلى في هذا التسلسل الـ"آر يونسان" وهم مجموعة من العسكريين و العلماء و التقنيين و الاطباء و المهندسيين ، و هم أناس يسعون لإحياء مشروع "العالم الجديد" وهو مشروع يهدف لإرسال بشري حي إلى الفضاء داخل كبسولة وذلك لبناء جيل جديد "لا أرضي"........أما بالنسبة لي فأنا "A55" كبسولة من الجيل الثالث، أعيش داخل مركز تأهيل يوفر لي كل ما احتاجه من معارف و علوم ، أتلقى تعليم مكثف يشمل الرياضات بكل أنواعها و عدة علوم إجتماعية، إقتصادية، قانونية ، فزيائية ، كميائية ، تاريخية ، وغيرها من العلوم....و يتم ترتيب إختبارات موسمية تختبر نسبة ذكاء و قدرة تحمل لكل كبسولة ، وبناء على نتيجة الاختبار يتم ترتيب الكبسولات حسب التسلسل الأبجدي من أعلى معدلات إجتياز الاختبارات إلى أقلهم ، أما بالنسبة لي فأنا أعد من النخبة. حسب الترتيب العام الذي يحوي أكثر من خمس آلاف كبسولة أنا من بين المائة الأوائل ، وهذا ليس شيء يدعوا للفخر حقاً، فكل كبسولة منا على دراية بواقعها سواء من النخبة او العامة ، سيكون مصيرنا كمصير الذين سبقونا.. فئران تجارب ، ينتهي بنا الأمر تائهون في الفضاء ، أو ربما تنجح التجربة و بدل ذلك نصبح تائهون في كوكب مجهول ، نعيش الاغتراب لمدة من الزمن ثم نتقبل وضعنا ونبدأ التوالد ، وبهذا يقع على عاتقنا صناعة الجيل اللا أرضي في كوكب ربما به كائنات أخرى تحاول الفرار لكوكب آخر كما نفعل نحن هنا...رغم أن كل الحسابات تحكم على جنسنا بالدمار فعلينا أن نحاول مرارا وتكرارا بغباء و قلة حيلة....هؤلاء هم.....{يرجى من الكبسولات من الفئة الأولى القدوم لإجتياز الاختبار الموسمي الخامس لهذه الدورة}....البشر"
_تردد الصوت مرات عدة نظرت للمكبر الصوت المعلق أعلى غرفتي..... أستقيم من على مكتبي بهدوء أحمل مذكراتي الصوتية، أنحني إلى مستوى سريري وأخفيها تحت السرير سمعت صوت خطوات قادم تجاه غرفتي، إستقمت أناظر المرآه و أتظاهر بترتيب ملابسي، بالطبع لا أحد يجب أن يعلم بما تحويه مذكراتي وإلا ستصبح أفكاري رنين مقدساً يدعوا إلى الثورة...ثم فتح الباب..حافظت على هدوئي.
"ماذا تفعلين عندك؟ سنتأخر عن الاختبار"
_نظرت لإنعكاسها على المرآة إنها "A177" شخص مثير لشبهات رغم رتبتها المنخفضة إلى أنها تهوى مرافقة الاربعة الأوائل لا أعرف الكثير عن الصدقات لأني لم أعتد على تكوينها ولا أشاء فعل ذلك ، لكن هذه الفتاة لها بالطبع دوافع خفية لتقرب مني....نظرت لها ثم خاطبتها..
"لقد أخبرتك عدة مرات "A177" يجب أن تطرقي قبل فتح باب غرفة أحد ما، كما أن الاختبار دائما ما يبدأ بعد حضور الجميع" إبتسمت في أخر جملة بينما اقرأ كل تحركاتها بدقة
"أخبرتك من قبل إسمي "أمندا" وليس "A177".." إبتسمت وهي تجهز جملتها التالية "أخبريني إسمك أيضا لن اخبر أحد عنه أعدك.."
إنها تقدم وعد لشخص لا تعرف عنه حتى إسمه...أحب مجارات الماكرين في مكرهم "إسمي "هناء"..“ خرجت من غرفتي وأنا أعاين الصدمة على وجهها...لا أدري هل ربما لم تتوقع أن أخبرها إسمي أم أن لها سبب آخر
"أنت عربية إذن" قالت وهي تعض شفتها السفلى بترقب
"أنا عربية ؟! ولما تسألين " أغلقت باب غرفتي فور خروجها وقدت الطريق إلى مركز الاختبار...نظرت للخلف كانت متجمدة في مكانها...لم أهتم حقا...واكملت سيري...دخلت مركز الاختبار و جلست في المقعد المخصص لي...رأيتها تدخل وتتجه لمقعدها في الخلف....أنهيت إختباري وخرجت من القاعة متجهة نحو الساحة الرياضية...ظل حواري معها يشغل بالي أثناء تمريني..إلى أن قاطعني صوت أحد يناديني " هنـ..... A55...A55" سمعت نداء أقرب إلى الصراخ.....من هذا المجنون....
" ما بك لما تنادنني بإسمي هكذا..." نظرت خلفي رأيت "A177" تهرول نحوي وتنادي بهستيرية
"السيدة..... "X-03".....إنها تبحث عنك"
جحظت عيناي للحظة و فقدت السيطرة على ملامحي السيدة "X-03" هي شخص يتربع أعلى هرم هذا المركز لم أرها سوى مرة واحدة طوال الفترة التي قضيتها هنا...لما قد تناديني السلطة الأولى للمركز؟...هل ربما وصلت أيديها لمذكرتي الصوتية؟ لكن لا يمكن أن تفتح مذكراتي إلى ببصمة عيني...هل لهذا تستدعيني ؟ يالها من ورطة.... إرتديت سترتي، رتبت شعري و إتجهت نحو مكتبها ظلت الأعين ترافقني طوال طريقي إليها.....بينما أنا أتخيل كل أنواع السيناريوهات السيئة التي تنتهي بإعدامي.
بمجرد دخولي المكتب كانت تبتسم، تضحك و ترحب بي ، لم أعلم لما وكيف ، لكن نبضات قلبي بدأت تستقر .
"عزيزني "A55" يجب أن أهنئك..."
تهنئني ؟ على ماذا ؟ النتائج عادة تكون بعد الاختبار 8
"لقد حصلتي رقماً قياسيا في الاختبارات الخمس السابقة...."
ظللت ساكنة أنظر لها بغباء وأنا لا أستوعب ما الذي تقصده
"لقد كنت تتجاوزين المستويات بوثيرة غير مسبوقة....قضيتي حوالي أربع سنوات لتنتقلي من "A800" إلى "A55" و هذه وثيرة غير مسبوقة كنت أتتبع تطور تعلمك منذ مدة و أنا فخورة بما وصلتي له الآن" واجهتها بنظراتي الغير مصدقة لما يخرج من فمها....تقدمت قليلا نحوي وأمسك كتفاي ثم اردفت
"مبارك عليك أصبحت اليوم من الخمسة الأوائل.." نزعت الشارة على صدري المكتوب عليها "A55" وأنا أترقب بحماس شارة "A05" التي تحملها فيدها إبتسمت و علقت الشارة مكان سابقتها و قدمت لي مفتاح غرفة النخبة "S" أمسكته
خرجت من المكتب غير مصدقة لما أصبحت عليه...
"أهلا بك فالنخبة "S" “ قالت A03 وهي تمد يدها لمصافحتي...إبتسمت وأنا أصافحها "شكرا لك تشرفت " قلت.
نظر A02 إلى A03 وأطلقا ضحكة مستفزة "بالطبع أنه شرف لك" تجمدت ملامحي و سحبت يدي ثم أردفت "لا يجب أن يقول هذا شخص ظل 3سنوات في مستوى 02 أليس كذلك؟ ربما لو أن وثيرة تطورك أعلى قليلا فقط" بينما كنت أكلمه لفت إنتباهي هزة صغيرة حركة طرف شفتي A01 (هل إبتسم لتو؟؟)
بعد أن لاحظ نظراتي له توجه نحوي "شرف لي وجودك هنا" صمت الاخرون بعد كلامته...تفحصت تحركاتهم وإبتسمت "نعم...أهلا بك"