| الخليفة العاضد وصلاح الدين |

12 0 0
                                    

قال العم حسن لعمر المكاري: «انهض يا أخي، أما كفاك نومًا والقاهرة تضج والناس يتراكضون؟ قم وانجُ بحمارك.»

فأجاب عمر قائلًا: «إلى أين؟ ولماذا؟ هل أحرقوا القاهرة كما أحرقوا الفسطاط؟ أم هناك ضريبة جديدة علينا؟ تركت مواقف القاهرة وأتيت بحماري إلى هذا الموقف خارج باب الفتوح لأتخلص من عدوانهم وعدوان الأتراك والأكراد و…»

فقاطعه العم حسن بقوله: «اسكت يا عمر، إن هؤلاء الأكراد كل الخير منهم. هل نسيت ما كنَّا نقاسيه من العذاب قبلهم حتى إن أحدنا لم يكن يتحرك ما لم يضربوا عليه ضريبة؟ ومَن كان يجسر أن يذكر أبا بكر أو عمر رضي الله عنهما؟»

قال: «صدقت. إن والديَّ ندِمَا على تسميتي بهذا الاسم! لكن ماذا جرى الآن يا عم حسن؟ هل نقدر أن نتحرك وها أنت ذا تقول لي: «قم انجُ بحمارك».»

قال: «أقول ذلك؛ لأن الخليفة العاضد لدين الله خارج من قصره في موكبه، وستتبعه طائفة من الأتراك وغيرهم، فربما سطا أحدهم على حمارك فيركبه. وربما أخذه لنفسه!»

قال: «الخليفة خارج من قصره؟ وأين نحن وقصره؟ إننا خارج القاهرة!»

قال: «إنه آتٍ إلى هنا وسيخرج من باب الفتوح هذا.»

قال: «من هذا الباب؟ إلى أين؟»

قال: «إنه خارج لاستقبال نجم الدين أيوب.»

قال: «الخليفة خارج من القاهرة لاستقبال نجم الدين؟ مَن هو نجم الدين هذا؟»

قال: «هو والد صلاح الدين بن يوسف، جاء من الشام لزيارة ابنه.»

قال: «الله الله يا دنيا! الخليفة أمير المؤمنين ابن بنت الرسول، وظِلُ الله في الأرض، يخرج من قصره إلى خارج بلده لملاقاة والد وزيره! متى كان الخلفاء الفاطميون يفعلون ذلك يا عم حسن؟»

قال: «تغيرت الأحوال يا صاحبي. إن الخليفة لم يبقَ له من الخلافة إلا الاسم، وصار النفوذ إلى هذا الكردي. مسكين العاضد!»

قال: «مسكين؟ بل نحن المساكين، ولعل هذا الكردي أحسن منه.»

قال: «الكردي؟ أحسن من الخليفة؟ لا …»

قال: «وما الذي يصيبنا من هؤلاء الحكام؟ إنهم يختصمون على الاستبداد فينا، وماذا يهمني إن كان حاكمي كرديًّا أو عربيًا أو هنديًا. إنما المهم ألا يظلمني … أليس كذلك؟»

قال: «اسكت، إنهم قادمون، ألا تسمع الأبواق والصنوج؟ انجُ بحمارك، أو خبِّئه في مكان وتعالَ.»

قال: «ها أنا ذا ذاهب وسأرجع إليك على عجل لأرى موكب الخليفة. لقد طالما سمعت بهذا الموكب وما يحف به من الفرسان وما يلبسه الخليفة من الجواهر والحرير و…»

قال: «أنا في انتظارك.»

قال: «لا. لا. الأحسن أن تتبعني أنت لتضع الحمار في هذا البيت، ثم نصعد إلى سطحه فنكون أقدر على المشاهدة وأبعد من الخطر.»

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 24 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

صلاح الدين الأيوبي | ج.زحيث تعيش القصص. اكتشف الآن