السيدة

الجزأ الأول : القوي هو من يعفو

صوت صهيل الجواد المُسرع ، وحوافره تلطم التراب أسفلها بوحشية , تحت أشعة الشمس التي تتسلل من بين كفوف أوراق العنب المتشابكة ،عبرت الخيّالة كاميليا الممر الطويل تحت دالية العنب في مزرعة جدتها وانطلقت تلاحق هدفها

شعرها البني الطويل يرفرف خلفها كعلم فوق قمة باشقة ، ونهديها يهتزان بعنف ،وقوامها المتناسق تحت الكنزة الحمراء الضيقة يجعلها مثيرة مغرية وهي تتمايل للأمام والخلف ممتطيةً ظهر حصانها ،كممارسة جنسٍ وحشية وشغوفة، لكن البندقية في يدها ثابتة ،نظرتها أيضاً ثابتة كنظرة الصقر

وبين خطين ضيقين من حقول الطماطم ، عرقلها حبيبها الذي كان في طريقه لزيارتها ،لوّح لها وقال: عزيزتي

قبل أن يفتح فمه ليتحدث بأي شيئ آخر، تمد ذراعها له ، ويتمسك هو بها

ويبدأ بالتشبث لامتطاء الفرس رغم سرعتها الجنونية
وتعارك ساقيه الهواء بينما يحاول  الصعود على ظهر الفرس خلف حبيبته  و نظاراته الطبية تكاد تسقط

وأخيراً يستقر خلفها ويسأل وهو في حالة من الدهشة ،فقد كانت تمسك ببندقية جدتها القديمة

لوكا : عزيزتي ! بمن تلحقين ؟!

لتقول له : بسرعة أمسك رسن بيانكا

ليفعل ما تريد بينما يراها تصوب نحو شاحنة بيضاء صغيرة قد سرقت النبيذ من مخزن مزرعتهم

تقف وتستند بنفسها على لوكا، ثم تطلق ثلاث رصاصات ، جعلّن السماءَ تمتلئ بالطيور التي تغادر الشجر البعيد فَزِعة

استقرت الطلقات الثلاث في الإطارات ، وبدأت سيارة اللصوص تترنح إلى أن اضطرها ذلك للوقوف في النهاية

و تُرَبّتَ كاميليا على بيانكا بخفة ،بينما يقودها لوكا ،لتعترض طريق المجرمين الذين خرجوا من السيارة

تصوّبُ  بندقية جدتها القديمة نحوهما ويصيبهما الفزع ، ويبدآا بتبرير ما فعلاه

كاميليا تجيب ومازالت بندقيتها مصوّبةً نحوهما ،وعيونها العسليّة تلمع تحت ضوء الشمس في ساعتها الذهبية

"أتظنان أننا لن نردعكما لأن معظم من في المزرعة نساء ؟! لقد عبثتما مع العائلة الخطأ "

تستدير لعند لوكا وتهمس له : هلّا نزلتَ وقيدتهما ؟!

ينظر بشيئٍ من الاستغراب ،دون أن يستوعب في البداية ما قالته ، ثم يأخذ الحبل الثخين منها ويهم بتقييد يديهما بينما يتوسلان الرحمة

وبسرعهً بضعة مزارعين يأتون للمساندة و اصطحاب اللصوص والمسروقات عائدين للمزرعة

نظر لوكا نحو حبيبته التي بدت كبطلة في عينه وهي تغادر على ظهر بيانكا : كامي ! أين تغادرين ؟!

تلوّحُ له بيدها وتقول بينما يتردد صوتها عبر المدى المفتوح : سأذهب لإحضار قطاف الزيتون من مزرعة العم ألفريدو