البــــارت الثامن

91 10 6
                                    

لم تكمل جملتها حتى انطلق واقفاً من مكانه بمجرد سماعه اسم دُره، وقد رأى الذعر جليًا في عينيها.

اندفع خارج المجلس بخطوات لم تستطع الأرض أن تلتقط صداها من سرعتها

و بمجرد وصوله إلى الغرفة، دفع الباب بقوة يدخل بسرعة. يرأى دُره ملقاة على الأرض، و يداها تشدان على رأسها و كأنها تحاول صد شيء مؤلم لا يمكنها الهروب منه. كانت ترتجف وتأن بصوت مكتوم، وعيناها مغمضتان بقوة وكأنها تحاول إبعاد تلك الصور المروعة التي تلاحقها

"دَره!" نطق اسمها بصدمة من حالتها، وهو يركض نحوها يمد يده نحوها يقيد يديها كي لا تؤذي نفسها من شدة ضربها على راسها ينطق محاولةً تهدئتها: "دَره، اهدي انا هنا "

لكنها لم تستجب، فلقد كانت غارقة في عذاباتها، وكأنما شيء أقوى منها قد اجتاح عقلها.

دَره، اهدي انتي بخير افتحي عينيكِ، تنفسي. لا تخافين..." قالها وهو يحاول أن يسيطر على مشاعره المتداخلة. والربكه واضحه في صوته، لكنه أبقى على تماسكه يحاول تهدئتها

وعندما لم يُجدي كلامه نفعاً، بدأ يقرأ المعوذات بصوت هادئ، وهو يمرر يده بلطف على شعرها،محاولاً أن يبدد الرعب الذي كان يمزقها

و بمرور الوقت بدأت دُره تستعيد وعيها، وكان الألم والذعر لا يزالان يسيطران عليها. والأصوات الهادئة التي أنبعثت من زوايا الغرفة، كانت تلاوة المعوذات بصوت هيثم المتناغم. تحولت كل تلك الأصوات إلى ملاذها، مثل شعاع من النور يتسلل عبر ظلمات الألم.

و كلما ترددت كلمات القرآن، تبدأ مشاعر القلق التي كانت تعتصر عقلها وقلبها تهدأ تدريجياً. فــــالآيات تحمل معها طمأنينة عميقة، كأنها عناق روحاني يعيد إليها السلام الداخلي.

و أصوات التلاوة تجذبها إلى مكان من الهدوء والسكينة، بعيداً عن دوامة الصور المدويه التي كانت تلاحقها. في لحظة تأملها للآيات، شعرت بأن هناك شيئًا يتجاوز حدود الألم البشري، قوة تعطي الأمل وتُعيد إلى القلب نضارته. كانت الكلمات تتسلل إلى أعماق روحها، مهدئة ومطمئنة لها

كما لو كانت تزيل الغبار عن نوافذ الروح لتسمح للضوء بالدخول.
لتدرك دُره أن القرآن ليس مجرد كلمات تُقرأ، بل هو مصدر للاطمئنان والراحه، يحمل في طياته رسائل القوة والسكينة

و بفضل الله ثم تلاوة كلماته، بدأت دُره تجد في كل كلمة نورًا وفي كل آية أملًا، مما مكنها من استعادة هدوئها واستعادة توازنها النفسي والعقلي.

و عندما استعادت دُره وعيها بالكامل وهدأت أخيرًا بفضل الله ثم تلاوة المعوذات والقرآن، كان قد عم الغرفة الصمت، حيث انحسرت أجواء القلق ورهبت الموقف

زفر هيثم بارتياح عندما رآها قد استعادت وعيها. ألقى نظرة على الغرفة وعلى الفتيات والعجوز الذين يجلسون حولهم بقلق ، ثم وقف وهو ينطق ليطمئنهم: "ارتاحوا، دُره بخير. تصعد الحين و تستريح فوق"

وبمجرد أن نطق ذلك، حتى انحنى يرفعها. تسند عليه وهي تمشي معه وتترنح بتعب، وصلا إلى المصعد ودخلا به صاعدين إلى غرفته في الطابق العلوي

فتح باب الغرفه يُرفقها الى السرير، و يساعدها على الاستلقاء وهو يراقب، وهو يراقب صمتها وسكونها، ولم يرتح لذلك. ينطق محاولاً إخراجها من صمتها قائلاً : "تبغين ماء؟"

باتت محاولته بالفشل. عندما هزت دُره رأسها ببطء كعلامة على الموافقة، دون ان تنطق بكلمة

زفر يخرج من الغرفة ليحضر لها كأسًا من الماء. عاد بعد لحظات، يقدم لها الكأس ، أخذته منها وارتشفت منه بصمت.

نطق بعدما أعاد الكأس إلى الطاولة : "ارتاحي، نفيسه جايه الحين اذا احتجتي شيء بلغيها. "

لم ينتضر منها رد، يخرج من الغرفة يذهب إلى الطابق السفلي
بالتحديد الى الغرفه التي يجلسنا بها

نطقت الجدة بقلق على الفتاة عندما أقبل هيثن عليهم: "كيف حال البنية يايمه؟"

نطق مطمئناً إياها: "بخير لا تشلين هم، لكني بعرِف وش حصل لها؟"

أجابت على تساؤله غالية قائلة : "مالنا علم لكنها كانت تصب شاهي وفجأة بدأت تصيح وتنوح."

عقد حاجبه باستغراب وهو يرى ارتباك جدته. نهضت الجدة ناطقة: "عاد حن بنسري(نغادر) انتبه على البنية."

هز رأسه بخفة يرافق الجدة والفتيات إلى الخارج حتى رأى سياراتهم تغادر أمامه، ثم عاد إلى الداخل.





معليش تاخرت عليكم

دُره كالبدر في ليلة تمامه تُبدد الظلام وتفتح باب الأحلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن