**الفصل الاول**

466 26 13
                                    

الليلة جانت مظلمة، والنجوم متشردة بالسما مثل دموع عيون المظلومة. عاصفة كانت گاعدة بزاوية غرفتها، متأملة بصمت وهي تحس بقلبها يدك بسرعة، مثل طبول الحرب اللي تقرب كلش . أصوات رجال العشيرة اللي جايين يطالبون بالثأر على باب البيت كانت توصل مثل ريح باردة تخلي جسمها يرتجف.

بمنتصف الليل:

أمها، وهي مرعوبة وقلبها يعتصر ألم، دخلت الغرفة بسرعه وسدّت الباب وراها. كالتلها: "يما، گومي بسرعة. ماكو وقت، أجو عمامج قرروا ياخذوج باجر الصبح يقتلوج . ماكو حيلة بيدي غير أنه أهزمج من هاي الطامة. قومي يمة، قومي."

عاصفة بكتت بهدوء وهي تستوعب شنو اللي جاي يصير . دموعها كانت تنزل بطيئة، مثل نهر من الحزن ما يعرف التوقف. كَالت: "يما، مو اني. اقسملج مو اني اللي سوّت هالشي. ليش محد يصدكني؟ ليش الكل يعوف الحق ورا ظهره؟"

أمها بحزن عميق وحسرة جانت تحاول تهديها، كالت: "يمة، اعرفج بنتي، وأعرف انه مستحيل تسوين هالشي. بس ماكو أحد يصدكَ بهالوضع. العشيرة جايفة، والسمعة فوق كلشي. إذا بقتي هنا، باجر ياخذوج للموت."

سكتت شويه وأخذت نفس عميق، وبعدين جابت لها جنطة صغيرة، حطت بيها ملابس وفلوس . "لبسي هاي ملابس اخوج . أخاف عليج من هاي الدنيا . لازم تهربين من هنا لبغداد. هناك الدنيا أكبر وماكو أحد يعرفج. يمكن تلاكين فرصة تبدي حياتج من جديد."

عاصفة جانت دايخة من التعب والخوف، بس ما عدها خيار. گامت وبدت تلبس الملابس اللي جابتلها أمها. كل قطعة جانت تشعرها بأنها تترك وراها حياتها القديمة، وكل خطوة جانت تاخذها تزيد المسافة بين ماضيها ومستقبلها المجهول.

قبل لا تطلع، أمها حضنتها بشدة. جانت هاي الحضنة الأخيرة، والدموع جانت مختلطة بين الخوف والحب. كالتلها: "الله وياج يمة، لا تلتفتين وراج روحي، والله يحميج."

عاصفة طلعت من البيت بنص الليل، الدنيا جانت ساكتة، والشوارع فارغة مثل قلبها اللي فارغ من الأمل. بعد ما مشيت فترة، شافت تكسي، وقلبها بدا يدك بقوة. وقفت التكسي وركبت بيه، وسألها السايق: "وين تريد تروح؟"

كالتله بصوت مخنوق: "على بغداد."

التكسي بدا يتحرك، وعاصفة كانت تطلع من الشباك على العالم اللي جانت تعرفه، العالم اللي كرهها وظلمها، وراحت لبغداد تبتدي حياة جديدة، بس ما تعرف شنو اللي ينتظرها.

لما وصلت بغداد، نزلت من التكسي ودفعت الأجرة، بس الفلوس اللي عندها بدت تنقص. بقت تمشي بالمنطقة وهيه مرهقة وتعبانه، لحد ما شافت محل مفتوح. قررت تشتري مي لأن جانت تحس بروحها دايخة.

قبل لا توصل المحل، حسّت الدنيا تظلم گدام عيونها وفجأة أغمي عليها. آخر شي شافته جان وجه ولد غريب ركض عليها.

هذا الولد جان تميم، اللي طلع من المحل . شافها وهيه تطيح وركض عليها بسرعه. جاب مي وكعدها، وشويه شويه فتحت عيونها. سألها: "ليش طالع بالليل؟"

عاصفة جانت مصدومة وما تعرف شتجاوب، كالت: "ما اذكر شي... بس..." وبدت تبچي.

تميم كالهة: "لا تبچي، يمعود . أمش ارتاح يمنة  يمكن انتَ من أهل المشاية."

تميم عبالة ولد، فجابها ويا لبيتهم القريب من المحل. كالهة: "الطابق الرابع مابي أحد، تگدر تكعد بيه."

عاصفة كالتله: "تمام."

صعدت على الطابق الرابع وتميم جابلهة فراش وبطانية، وكلهة: "ارتاح هنا، عود الصبح نتفاهم."

عاصفة كعدت، وهيه تعرف أن حياتها من هاللحظة راح تتغير للأبد، بس شلون؟ هذا اللي راح تكتشفه الأيام الجاية .

عاصفة بين الظلم والمصير"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن