الهدية الغامضة

5 1 0
                                    

بعد يوم طويل من المشي والتسلق في جبال أقشور الوعرة، وصل ريان ورفاقه عبد الرحمن ومنصف إلى قمة أحد الجبال. كان الوقت قد اقترب من الغروب، وأحس الثلاثة بالتعب والجوع. جلسوا في دائرة صغيرة على الأرض، يتحدثون بصوت منخفض ويستمتعون بالمنظر الرائع للشمس وهي تغيب خلف الجبال.

قرر ريان، الذي كان دائمًا نشيطًا ومليئًا بالحيوية، أنه بحاجة للقيام بشيء لإعداد العشاء. "سأذهب للبحث عن حطب لإشعال النار"، قال وهو يقف ويبدأ في التحرك بين الأشجار القريبة. حاول عبد الرحمن منعه قائلاً: "ربما من الأفضل أن نبقى معًا، الغابة هنا يمكن أن تكون خطرة عند الغروب"، لكن ريان رد بابتسامة واثقة: "لن أذهب بعيدًا، سأكون بخير."

انطلق ريان في الغابة، وأصوات الطبيعة المحيطة به بدأت تبدو أكثر وضوحًا. كان يشعر بالهواء النقي يملأ رئتيه وبرائحة الأشجار الرطبة. بينما كان يبحث عن الحطب المناسب، لاحظ أن الغابة بدأت تصبح أكثر كثافة، والأشجار أكثر ضخامة وغموضًا.

وبينما كان يجمع الحطب، لفت انتباهه شيء غير مألوف. في عمق الغابة، ظهر أمامه كهف صغير بدا وكأنه غير مأهول. كان الكهف مظلماً، لكن ريان شعر بجاذبية غريبة تدفعه نحوه. كانت هناك رائحة عطرية خفيفة تأتي من الداخل، وكأنها تدعوه للدخول.

تردد ريان للحظة، لكنه في النهاية قرر الاقتراب من الكهف. كل خطوة كان يخطوها نحو المدخل كان يشعر بأن شيئًا ما غير عادي يحدث. عندما وصل إلى المدخل، لاحظ شيئًا غريبًا؛ كان هناك بصيص من الضوء القادم من داخل الكهف، كما لو كان هناك مصدر للضوء مخفي في أعماقه.

تسارعت دقات قلب ريان وهو يدخل الكهف بحذر، محاولاً استكشاف ما يكمن في الظلام. بينما تقدم خطوة بخطوة، بدأت الحجارة تحت قدميه تتوهج بلون أحمر خافت، مما أضاء الكهف بشكل غامض.

وفي لحظة مفاجئة، سمع صوتًا عميقًا قادمًا من أعماق الكهف، كأنه صوت همس قديم يحمل في طياته أسراراً لا يعلمها أحد. تجمد ريان في مكانه، وعيناه تحاولان التكيف مع الظلام الغامض من حوله.

تقدم ريان بحذر نحو مصدر الصوت، وفي قلب الكهف، وجد رجلاً كهلًا جالسًا على صخرة، تبدو عليه علامات الإرهاق والعطش. كان الكهل يرتدي ثيابًا بالية، لكن عينيه كانتا تشعان بحكمة عميقة وعمر طويل عاشه في هذا المكان.

حينما اقترب منه، نظر الرجل إلى ريان  بابتسامة هادئة، وقال بصوت مبحوح: "مرحبا يا بني احتاج مساعدة؟" أجابه ريان بتعاطف: "مرحبا، كيف يمكنني مساعدتك؟" رد الكهل بصوت ضعيف: "أنا في حاجة إلى ماء، أرجوك."

بدون تردد، أخرج ريان زجاجة الماء التي كان يحملها في حقيبته وقدمها للرجل. أمسك الكهل بالزجاجة بيد مرتجفة، وشرب ببطء كما لو كان كل قطرة ماء تعيد إليه الحياة. بعد أن انتهى، تنفس الكهل بعمق وشكر ريان بإخلاص: "شكرًا لك، يا بني. لقد أنقذتني."

السوار الأحمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن