بِداية.

389 33 24
                                    

أنوارُ الشَمسِ الساطِعة بَزغت وأخيرًا مُعلِنةً عن يومٍ جَديد ، تَمرُ أشعةُ الشمسِ الدافئةُ بينَ أزِقةِ وأروقةِ البيوتِ وبينَ جُدرانها، على حدائِق تلكَ البُيوت فَتستيقظُ الأزهارُ والنباتاتُ من نومِها .

مَنطقةٌ هادِئة، الحياةُ فيها تميلُ لِكونها بسيطةٌ بعيدةٌ كُل البُعدِ عن التعقيدِ والضوضاء.

بِينَ تِلكَ البيوت وفي أحداها يقبعُ فتىً هادئُ الطباع رقيقُ المشاعر وحساسٌ للغاية، نائمٌ بينَ ثنايا أغطيةِ سريرهُ .
تُفتحُ بابُ غُرفتهِ وإذ بوالِدتهُ تَفتحُ الباب وتنَدهُ عليهِ بأن يستيقظ من نومهُ ، لِيبعَد الغطاء عن وجههُ ويِرمشَ بعينيهِ التي فاقت للتو مراتٍ عديدة ثمَ يفركِهُما بيديهِ ليِنهض بجسدهُ العلِوي جالساً على السرير بملامحَ ما زالَ النُعاس طاغيًا عليها وشعرٍ ناعمٍ لكنهُ بحالةِ فوضويةٍ للغاية، وما كانَ منظرهُ سوى كَ طفلٍ صغيرٍ وديعٍ بالنسبة لأمهُ التي كانت تقفُ بجانب باب الغُرفة وتبتسمُ بدفئ ولكِن لو فتشنا في دواخِلها لوجدنا إن هُناكَ حزنٌ دفين ، حزنٌ يأتي من عدمِ مقدرتها على احتضانِ او عناقِ أبنها  الوحيد بسبب حالتهُ الشديدة.

"تايهيونق حبيبي الفطورُ جاهِزٌ لكَ ، سأذهبُ للعمَلِ بعَد آممم عشرُ دقائقَ بالضبط ، لا استطيعُ التأخر كما حدث في المرة السابِقة وإلا فأن مديِرتي ستوبخنُي بشدة .. أن أحتجتَ أي والدِكَ موجود لحد الساعة حسنًا ؟ أحبُك هيا انهض أنهض ".
تمتمَت والدِتهُ بكلماتها كما هو المُعتاد بينما ألقت نظرةً خاطفةً على ساعة يدها لتتأكدَ من الوقت ، فقد اعتادت ان تحدثِهُ بنفس هذه الكلمات كُل صباح لتخُبرهُ بأنها ذاهبة للعمل الى شركتها وأن أحتاجَ اي شيء فوالدِهُ متواجِد .
"حسنًا أماه، أحبكِ ولكن لا تتأخرِ في العودة كِي تُقليّني من المدرسة ونعود سويةً للبيت في سيارتكِ" رد تايهيونق بكلماتٍ حزينةٍ بعض الشيء ، هو يخشى أن يعودَ وحدهُ مشياً على الاقدام من مدرستهُ كونَ هناك عصابةٌ سيئة من الفتيان المُشاغبين سيلاحِقونهُ ويِبدأون عمدًا بأزعاجهُ وأحراجهُ.

أبتسمتَ برفق بينما تغادر الغرفة وتنزّلُ للطابق الأسفل . نهض تايهيونق وقام بروتينهُ الصباحّي المُعتاد وأرتدى زيّهُ المدرسي ونزل الى الطابق السُفلي بعد رُبع ساعة ليجَد أن والدِتهُ قد غادرت بالفِعل ولم يبقى في أرجاء المكان سوى عطرها و في مجال رُؤيتهُ سوى والدهُ الذي كان يحتسي القهوةَ مع دفن رأسهُ في الجريدة الصباحّية اليومية التي كان يجدها كل يوم قرب باب المنزل في بُكرة الصباح.

"صباحُ الخير أبي "
"صباحُكَ بُني ، جوابًا على سؤالكَ أنا سأكونُ مُنشغلاً اليوم فَلدّي ضيوفٌ مهمين يجبُ علّي أطلاعَهم على أهم المُستجدات لذا " ثُم رفعَ كوبهُ يرتشِفُ من قهوتهُ بهدوء ليُعيدَ الكوب مرةً أخرى الى الطاولة "لن استطيع أن أؤكد لكَ أنني قد أعودُ بالوقت المناسب لأستقّلكَ .. أعتذرُ حبيبي ، طابَ يومُك" ثم نهض من كرُسيّهُ وحملَ حقيبتهُ السوداء مُغادرًا تاركًا تايهيونق جالسًا بهدوء بدون أن ينطق بأي كلمة بعدها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 24 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حَساسِية مُفرِطة .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن