الفصل الثاني

423 40 95
                                    

في اليوم التالي ، استيقظت بنشاط غير معتاد ، وأنا أتذكر تفاصيل ذاك الحلم ، والابتسامة تعلو وجهي ، أخيرا سأراه ، لقد تعلقت به بشدة في وقت قياسي ، لا أعلم السبب ، أو ربما أعلم لكن لا أريد الاعتراف أن هذا هو السبب .

أنهيت إرتداء ملابسي وتوجهت إلى المدرسة ، مرت الدروس بروتينية ، لكنني لم أره ، لم ألمحه ، ولا حتى شعرت به ، لماذا لم يأت ؟ ألم يقل أنه اشتاق إليّ ؟ ألم يعدني أنه سيأتي ؟ لماذا خلف خلف وعده ؟ هل كان يكذب ؟ أم ..... أصابه مكروه ؟!!

ربااه ، ماذا لو أصابه مكروه ؟ ماذا سأفعل ؟ لقد كان غارقا في دمائه أمس ، لقد قال أنه سيموت ، هل مات حقا ؟ لا ... لا يمكن ، لقد أخبرته أنني أحبه ، من المفترض أن ينقذه حبي ، هل أنقذه حقا ؟ أم أن الأوان كان قد فات بالفعل ؟ هل تأخرت في الاعتراف ؟ أم حبي لم يكن بالقدر الكافي ؟ يا إلهي ، سأجن ، أكاد أموت قلقا عليه ، كيف أصل إليه ؟ آآه ، ربما أراه إن نمت .

عدت إلى البيت سريعا ، مازال هناك ثلاث ساعات على موعد عملي ، يمكنني النوم قليلا ، أتمنى حقا أن أراه ، حاولت النوم ، وما كاد النعاس يغشاني ، حتى فتح الباب بقوة ؛ لتظهر أختي وعلامات الغضب والكره بادية على محياها ، صرخت بقسوة :

- لماذا أنتِ نائمة ؟ انهضي واغسلي الأطباق ، ثم نظفي غرفة المعيشة ، حتى يأتي موعد عملك .

نظرت لها بحزن وقمت مُكرهة ، هي دائما هكذا ، لا تعاملني كأختها ، بل كخادمتها ، توجهتُ خارج الغرفة لنها أمسكت ذراعي بقسوة ، وقالت بتحذير :

- اليوم ستقبضين نقود العمل ، احضريها إلي فورا ، لا تصرفي منها مليما واحد ، أفهمتي ؟

هززت رأسي موافقة بأسى ، توجهت إلى المطبخ وبدأت في غسل الأطباق ، لتختلط دموعي بالمياه ، منذ صغري وهي تكرهني ، تلك الحقيرة لم أرها تحبني أو تعاملني كأخت أبدا ، وما زاد في كرهها وسوء معاملتها لي هو وفاة والدينا ، هي تدعي أنني السبب ، رغم أنها هي السبب الأساسي ، فقد كانت حفلتها هي التي بسببها سافرنا في ذاك اليوم الممطر ، لكنها تقول أنه لو لم أكن معهما لما ماتا ، فأنا سيئة الحظ وأنا التي جلبت لهما الموت ، هي دائما أنانية ولا تهتم بغيرها ، رغم هذا والداي كانا يحبانها أكثر مني ، ويفضلانها علي ، لكنهما كانا يمنعانها من أذيتي أحيانا .

انتهيت من التنظيف وخرجت مسرعة أحمل حقيبتي إلى العمل ، لقد تأخرت في التنظيف ولم أنتبه للساعة ، وأثناء ركضي في اتجاه المطعم الذي أعمل به بدوام جزئي ، اصطدمت برجل ؛ لتسقط حقيبتي وتتبعثر محتوياتها في كل مكان ، انحنيت ألملم أشيائي بسرعة وساعدني الرجل ، رفعت رأسي لأشكره ؛ فدق قلبي بعنف لوهلة ، ثم تباطأت دقاته فجأة ، ودارت الدنيا حولي ، وشعرت بالقشعريرة الباردة تسري في جميع أنحاء جسدي ، هذا الشعور يأتيني عندما أراه ، لكن هذا ليس هو ، ملامحه مختلفة .

حُبِّك منقذيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن