ولكن

529 35 45
                                    


عندما يعدك احدهم انه سيبقى معك..بانه لن يتخلى عنك..تفيان بوعدكما ويخذلكما القدر ليخطفه الى السماء بين ليلة وضحاها.
وضد صدمة القدر التي لم تتقبلها يوما..يعلن الخيال الحرب..لتحول خيالك الى عالم يتسع لك ..و لحبيبك الراحل..
ولكن هل سيستمر الحلم!

كان صباحاً جميلا..

نهضت من سريرها بخفة لتفرك عينيها الناعستين وتتجه الى الحمام لتغتسل وترتدي ثيابها ..

عليها الا تتأخر عليه في ذكرى تعارفهما..

ليس عليه ان يتصل بها ليحدد موعد لقائهما في يوم كهذا..
الامر واضح.. أمام البحيرة التي كانا يذهبان اليها في الحديقة العامة و في الصباح الباكر ليتجنبا الازدحام لاحقا..
ارتدت فستانا بسيطا بلون أزرق سماوي ليظهر جمال كتفيها واشراقة عينيها العسليتين..القليل من احمر الشفاه وبعض الكحل كان كفيلا بجعلك تسرح في ملامح وجهها
قبلة لصورة سيهون الموجودة على الرف وابتسامة رضا الى المرآة
مع بساطة كل شئ ارتدت حذاء مريحا فهما سيمشيان طويلا
سيمشيان حتى الغروب
حملت حقيبتها و مشت
وصلت ولم يكن هناك احد

هناك حيث تستطيع أن ترى اشعة الشمس التي بالكاد قد سطعت و صفاء السماء الذي ينعكس على البحيرة، رطوبة الجو التي تقشعر لها الأبدان وعصفور صغير ليلقي التحيه.

وسط هذا الهدوء تستطيع سماع وقع خطواتها المتسارعة نحو البحيرة لتلمس بيدها القليل من الماء وتزيحه بخفة مع ابتسامة مشرقة.

لربما تجد قاربين او ثلاثة امام البحيرة واحد منها يعمل فقط.

صعدت الى القارب لتجدف به نحو وسط البحيرة..تماما كما فعل اخر مرة..


خلع سيهون قميصه لتغمض عينيها بشده بخجل..
ابتسم لتصرفها ووقف على حافة الزورق ليصرخ بصوت عال "سأفعلها" كانت تضحك عليه وتردد "
إياك ايها المجنون"

لينظر اليها بثقه ويقفز الى البحيرة..مع ارتطام جسده الشبه عار بمياه البحيره المتجمدة
لم يستطع اخفاء ارتجافه من البرد لتعلن شفاهه التي بهتت ومالت الى اللون الازرق تجمده التام.

هي لا تريده أن يمرض وهو يستجمع ماتبقى من كبريائه الذي تجمد مع جسده المبتل
لتصرخ "   انت تتجمد هيا اصعد وارتدي قميصك "

عندها استسلم ليصعد ويرخي بجسده على سطح القارب..قطرات المياه على صدره العاري وشعره المبتل..شفاهه الزرقاء تجعلها تشيح وجهها عنه مع وجنتين متوردتين..و تمد يدها إليه لتعطيه قميصه..نظر اليها بمكر ليمسك بيدها الممتده ويشدها اليه بقوة..بقي ينظر الى شفاهها تارة وإلى عينيها تارة أخرى جاعلا نبضات قلبها تتسارع حتى شعرت بشفاهه المتجمدة تلامس شفاهها لتسمح له بتقبيلها معلنة استسلامها ليتعمق هو..وتخجل هي من جديد..
ذكرى تعارفهما، القارب، جنون سيهون، وقبلتهما الاولى..
كانت تضحك على سيهون نفس ضحكاتها السابقة تعيد المواقف والاحداث بحذافيرها لم تفوت اي شئ فعلاه سويا..كررت كل شئ تماما كما لو أنه معها..
ولكنها احضرت منشفة هذه المرة ففي المرة السابقة أصيب بالبرد..
بعيدا عن الزورق في الوسط
وعلى كرسي امام البحيرة عجوز يراقب فتاة في قارب تضحك لوحدها تقترب من حافته تارة و تبتعد تارة اخرى تضحك من اعماقها لكن.. مع من ؟؟
يستطيع سماعها تتكلم مع شخص ما.. لكن.. لا يوجد أحد..
ويراها عائدة الى الضفة مع ابتسامة خجولة..
كانت تمشي في الحديقه وتنظر الى جانبها تتكلم وتبتسم ..لكن شعرها أزيح ليتوضع خلف أذنها مما جعل العجوز يفقد صوابه ويرحل..

هي ذهبت لتشتري الشاي المثلج فهو المفضل لديهما..احضرت اثنين..شربت واحدا ووضعت الاخر على الحافة التي كانت تجلس عليها.. انهت خاصتها ووقفت وبقي الكأس الاخر هناك..على الحافة..و إلى الابد..

منظر الغروب رائع من هنا اليس كذلك تحدثت هي لتنظر امامها..دون النظر الى عينيه المتوجهتين نحوها..لتهمس بخفة وداعا الى السنة القادمة..وترفع قدميها لتصل الى وجنته لتطبع قبلة ناعمة لتبتعد بعدها وكأنها مجبرة على ذلك..نظرة أخيرة ثم الى الخلف دون التفات..

هي.. عادت إلى منزلها لتبدل ثيابها وتحتضن سريرها..
ربما هو قد رحل عن الواقع..لكن ماذا عن الخيال..كم منا يرفض واقعه ويستسلم لأحلامه وسرحان مخيلته
يرجع ذكريات واشخاص مواقف وكلمات بعضها ذهب و لن يعود..يبتسم لخياله ويواجه واقعه في اليوم التالي وبين هذا و ذاك يضيع جزء منا..
دمعة تشق طريقا على خدها لتمسحها بصمت وتغمض عينيها وتعود لتلتقي به في حلمها من جديد..
أما هو..فقد بقي واقفا ينتظرها أمام البحيرة..إلى يوم كهذا من السنة القادمة..

انتهت..

ولكنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن