"سِر بَوابة عِشْتَارَ"

Part - 2 -

جَنات عَلي عَبـد الكَريـم .. Jannat Ali

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

.
.

بَعْدَ سَاعَاتٍ مِنَ السَّفَرِ، بَدَأَتِ الحَافِلَةُ فِي التِّبَاطُؤِ بَيْنَمَا اقْتَرَبَتْ مِنْ مِنْطَقَةِ بَابِلَ، كَانَ مَنْظَرُ المدينةِ القديمةِ يَظْهَرُ بوضُوحٍ مِنْ خِلَالِ النَّافِذَاتِ، حَيْثُ يُمْكِنُ رُؤْيَةُ الأَهْرَامَاتِ القَدِيمَةِ وَالمَوَاقِعِ الأَثَرِيَّةِ الَّتِي تُمَيِّزُ ٱلْمِنْطَقَةَ، كَانَتْ دَارِينُ تُرَاقِبُ ٱلْمَنَاظِرَ الطَّبِيعِيَّةَ الَّتِي تَتَغَيَّرُ تَدْرِيجِيًّا، وَهِيَ تَتَطَلَّعُ بِتَرَقُّبٍ إِلَى المعَالِمِ التَّارِيخِيَّةِ الَّتِي حَلَمَتْ بِزِيَارَتِهَا

تَوَقَّفَتِ الحَافِلَةُ أَخِيرًا أَمَامَ مَدْخَلِ الموقعِ الأَثَرِيِّ الكَبِيرِ، كَانَتِ الأَجْوَاءُ فِي الهواءِ مُشَبَّعَةً بِتَرَقُّبِ الحُضُورِ وَتَوَقُّعَاتِ الاستِكْشَافِ، نَزَلَ الطُّلَّابُ مِنَ الحَافِلَةِ بِبُطْءٍ، وَعِنْدَمَا رَفَعَتْ دَارِينُ عَيْنَيْهَا إِلَى الأُفُقِ، رَأَتْ مَجْمُوعَةً مِنَ النَّاسِ فِي مَلَابِسَ تَقْلِيدِيَّةٍ تَحْمِلُ لَافِتَاتٍ كُتِبَ عَلَيْهَا "مُرْشِدٌ سِيَاحِيٌّ"

تَوَجَّهَتِ المَجْمُوعَةُ نَحْوَ نُقْطَةِ الالتِقَاءِ، حَيْثُ كَانَ المُرْشِدُ السِّيَاحِيُّ، يُوسُفُ، يَقِفُ بانتِظَارِهِمْ، يُوسُفُ كَانَ رَجُلًا فِي مُنْتَصَفِ الأَرْبَعِينِيَّاتِ، ذُو مَظْهَرٍ مِهْنِيٍّ وَأَنِيقٍ، يَرْتَدِي زِيًّا تَقْلِيدِيًّا مَعَ سِتْرَةٍ خَفِيفَةٍ وَقُبَّعَةٍ كَبِيرَةٍ لِحِمَايَةِ وَجْهِهِ مِنَ الشَّمْسِ، كَانَ يَبْدُو وَاثِقًا وَيَظْهَرُ عَلَى وَجْهِهِ ابْتِسَامَةٌ تَرْحِيبِيَّةٌ

عِنْدَمَا اقْتَرَبَتِ المَجْمُوعَةُ، رَفَعَ يُوسُفُ يَدَهُ وَقَالَ: "أَهْلًا وَسَهْلًا بِكُمْ فِي بَابِلَ! أَنَا يُوسُفُ، سَأَكُونُ مُرْشِدَكُمْ خِلَالَ هَذِهِ الرِّحْلَةِ، نَحْنُ مُتَحَمِّسُونَ لِلْغَايَةِ لِاسْتِضَافَتِكُمْ هُنَا، وَأَتَمَنَّى أَنْ تَسْتَمْتِعُوا بِكُلِّ لَحْظَةٍ فِي هَذِهِ المدينةِ العَرِيقَةِ"

دَارِينُ، الَّتِي كَانَتْ تَقِفُ بِالقُرْبِ مِنْ مَرْيَمَ، قَالَتْ: "أَنَا مُتَشَوِّقَةٌ جِدًّا لِبَدْءِ هَذِهِ الرِّحْلَةِ، لَقَدْ قَرَأْتُ كَثِيرًا عَنْ بَابِلَ وَتَارِيخِهَا، أَتَطَلَّعُ إِلَى اكتِشَافِ المَزِيدِ"