جميعنا قتلة

1.7K 135 26
                                    

 ' جميعنا قتلة '


أوراق الشجر تحول لونهم للبرتقالي و بدأت بالسقوط و كان الخريف على الابواب يدق بصخب معلنا قدومه حينما كنت امسك بالمجرفة الهث و احفر قبرا كنا دفنا فيه صديقنا قبل اسبوعين، كان الشعور بالذنب يأكلنا جميعنا من الداخل ولكن ليس لاننا قتلناه بل لأننا لم نقم له جنازة استحقها و كانت الجنازة هي الشيء الوحيد الذي استحقها بجدارة.

سحب اللون من وجوهنا و بدوت شاحبة كما لو أنني رأيت ملك الموت لكن ما رأيناه لم يكن اقل خوفا من ملك الموت، كنا امضينا ساعة كاملة نحفر القبر و عند سحبنا للقماش الابيض، كان فارغا، جثة صديقنا كانت اختفت.

هناك شعرنا بالبرد يقرص اجسادنا و يعبث بعقولنا، كما متأكدين اانا دفناه في هذه المقبرة المجهورة بعدما سحبناه كل المسافة من منزل صديقنا الى هنا، و ما صدمنا اكثر حينما تم ضرب ظهورنا باضاءة صارخة حرقت جلدي تحت ملابسي الثقيلة.

كان قد تم كشف أمرنا، كنا نرفع ايادينا حينما سلط حارس المقبرة الضوء الصادر من مصباحه الكبير الاصفر صوبنا يمسكنا بالجرم المشهود امام عيناه ولم يمضي الكثير حتى اعتلت اصوات صفارات الشرطة و اكتظ المكان الميت و المهجور بسيارات الشرطة و اناس يسكنون بالقرب من المقبرة.

كان يتم ضرب الاصفاد على رسغينا خلف ظهورنا و يتم دفعنا لخارج المقبرة بملابسنا المتسخ بالطين و اوراق الخريف الميتة، يغطى وجوهنا بالجرائد و الكتب الخاصة بنا من بعض الصحافة بكاميراتهم الكبيرة، لم استغرب من وجودهم، لطالما كانت هذه المدينة ملعونة و يتسرب الاخبار فيها اسرع من الصوت.

تم وضعنا في سيارات الشرطة، كل منا على حدى و اخذنا للمركز، هناك تم اخذ هوياتنا و تسجيلها في النظام، تم فتح ملف جديد اصفر باعلان قضية جديدة و اكتظ مركز الشرطة الهادئ بالشرطيين و المحققين و صعقوا من وجود اربعة طلاب جامعيين في مركز شرطة في الواحدة ليلا من الليالي الملعونة الكئيبة و الباردة.

تم اخذنا في الممرات مكبلين الايادي المتجهة الى غرفة الاستجواب، و تم ادخال واحد منا.

كنا نجلس خارج غرفة الاستجواب و لا نعرف مالذي كان يحدث في الغرفة مع صديقنا أطلس، كنت اقبض يدي في بعضها و اهز ساقي بلا توقف، مفاصل يدي تحولت للبيضاء و كذلك الوضع مع صديقاي ايڤانجلين، اغسطس و ريتشارد.

مضى ساعة كاملة و لم يخرج اطلس بعد، كنت اموت من القلق و اشعر بضربات قلبي تتقلص مع مرور الدقائق، كان خلال الساعة من وجود اطلس في الداخل داخل محققين و خرجوا منها محققين اخرين، دخل الكثير منهم و خرجوا جميعهم بوجوه شاحبة، واحد منهم استفرغ فور خروجه من الغرفة و عند الباب.

جاء عامل يجر دلو خلفه و بدأ في التنظيف، كنا أربعتنا ننظر له بفراغ و عقلنا منشغل مع ما يحدث في الداخل، كنا اقسمنا على قول قصة واحدة ان حدث و تم القبض علينا، اننا لسنا مذنبين و ما حدث مع صديقنا الميت بيير كان ليحدث يوما ما.

لكنه لم يمر وقت طويلا حتى تبعثرت حياتنا ف يلمح البصر حينما خرج المحققين من الغرفة، متهالكين و مشحون الوانهم، واحد مبعثر شعره و الثاني ربطة عنقه مرتخية و الثالث يمسك بالملف في يده بقوة ابيضت مفاصل يده. كان اطلس مكبل اليدين و شرطيان خلفه حينما اندفع اطلس نحونا بسرعة و عانقني يهمس في اذني

"انا من ارتكب الجريمة و قتل بيير، هذه هي القصة الجديدة، اياكم و قول عكس ذلك"

سلبت الحياة من جسدي قبل ان استوعب ما يجري انظر الى اطلس يتم ابعاده عنا و جره من قبل الشرطيين، حينما خرجت صرخة عميقة من فمي و رحت اركض باتجاه اطلس، اندفع المحققين نحوي يوقفوني عن العبور و امساك بذراع اطلس، اصرخ و اصرخ و اكذبه و احاول اقناعهم انه لم يكن من يرتكب الجريمة انه ليس من قتل بيير ولكن لم يستمعو لي، لم يستمع لي اي منهم.

حينها ابتسم لي اطلس وهو يتم يجره من كتفيه و ذراعيه المكبلة يقبل ابهامه الاثنين و يرفعه تجاهه يحرك شفاهه دون اصدار اي صوت "كوني بخير"

خارت قواي و وقعت على الارض ابكي و انوح، اضم وجهي في يدي البائستين واشهق وسط بكائي، كنا قد اقسمنا، كان قد وعدني الا يتركني، كنا وعدنا ان نسير في طريق واحد اي كان، للزنزانة او للقبر.

تم اغلاق الملف و ختم القضية ب "تم الحل" بناءا فقط على كلمات اطلس بعد ساعة من امضائه في غرفة استجواب مغلقة و لكنه لم يكن القاتل، لكنه لطالما عرف بطرقه في اقناع من حوله، و ذلك اليوم نجح في ذلك.

"هو ليس القاتل" سرت اقولها باستمرار و باستمرار طوال بكائي على الارض وحتى خروجي من مركز الشرطة، حتى اليوم بعد مرور عشر سنوات لا ازال اقول هو ليس القاتل.

لم يصدقني احد.

"نحن مستعدين لو كنتِ مستعدة لسرد الحقيقة للجميع آنسة ايزادورا" رفعت رأسي للمذيع يجلس على الكرسي المقابل للأريكة التي اجلس عليها في مكتبة منزلي العتيقة، ضميت يدي بتوتر، سحبت نفسا عميقا و رفعت ذقني.

"مستعدة" اخبرته، اليوم سأرفع الستار عن حقيقة خلف جريمة حدثت قبل عشر سنوات، جريمة قتل بيير، و ازيل الثقل عن قلبي، و ليسامحني اصدقائي على مخالفة وعدي لهم لكن الوقت حان.

"مرحبا بكم في قناة العاشرة في يوم مميز جدا اليوم، حيث سيرفع الستار عن حادثة جريمة قتل حدثت قبل عشر سنوات و ستسرد القصة الحقيقة بعد تساؤلات كثيرة حولها، آنسة ايزادورا، نحن نستمع اليكِ"

العشر سنوات كانت مميتة و اليوم سترى الحقيقة ضوء النهار و سيطلق سراح اطلس بعد هذا.

.

.

.

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 06 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

WE ARE ALL KILLERS || جميعنا قتلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن