الحلقة ( 1 ) - فراشة .. عالقة في شرك -:
إنضمت "هنا" في تلك اللحظة إلي أمها ، و تساءلت بوجه عابس:
-ماما ! في ايه ؟؟
تجاهلتها السيدة "قوت القلوب" و عادت تسأل الضابط في توجس:
-هي عملت ايه يابني ؟ عايزينها ليه ؟؟
صاح بها الضابط بفظاظة:
-مالكيش دعوة يا ست انتي ، جاوبي علي اد السؤال و بس ، هانيا مصطفي علام قاعدة عندك هنا ؟؟
و قبل أن تنطق "قوت القلوب" بحرف ، أتت "هانيا" من خلفها بخطي ثابتة و وجه متجهم متصلب ، ثم أجابته بصوت مرتج:
-انا هانيا مصطفي علام يا حضرة الظابط .. خير ؟؟
صوب الضابط ناظريه نحوها .. عاينها للحظات قبل أن يقول:
-مطلوب القبض عليكي يا انسة .. اتفضلي معايا بهدوء لو سمحتي.
علت نبرة "قوت القلوب" و هي تسأله مستنكرة:
-ليه يا باشا ؟ هي عملت ايه بس ؟؟
أجابها الضابط بإقتضاب حاد:
-و الله ماعرفش يا ست ، كل اللي اعرفه ان معايا امر بضبط و احضار الانسة و لازم انفذه.
-طب ممكن اغير هدومي الاول ؟؟
قالتها "هانيا" بجمود ، فأومأ الضابط رأسه قائلا:
-اتفضلي بس بسرعة.
إستدارت "هانيا" علي عقبيها ، و إتجهت إلي غرفتها ..
بدلت ملابسها بآلية و هي تفكر بقلب واجف .. تري ما طبيعة الفخ الذي نصبه لها "عاصم الصباغ" ؟؟***************
أمام قسم الشرطة ..
وقفت "هنا" تستجدي أمها بإسلوب إنفعالي قائلة:
-يا ماما احب علي راسك يلا بينا نرجع البيت ، احنا مالناش فيه ما تتحبس و لا تولع بجاز احنا مالنا !!
نهرتها "قوت القلوب" بقسوة قائلة:
-اخرسي يا بت انتي ، احترمي نفسك بقي و اياكي اسمع منك كلمة زيادة ، انا اصلا ماكنتش عايزاكي تيجي معايا انتي اللي شبطي فيا.
ردت "هنا" في سخط إستنكاري:
-كنتي عايزة تدخلي القسم لوحدك ؟؟!
-و ايه يعني ياختي هايكلوني و لا هايكلوني ! و بعدين اتهدي و اسكتي خليني ادخل اطمن عالبت ، ده انا اللي ربيتها من يوم ما امها اتوفت الله يرحمها و من كتر حبي فيها سميتك اسم مقارب لأسمها في الاول ماكنتش بعرف انطق اسم هانيا ده ، و الله ما كان هيغمدلي جفن لو ما كنتش عرفت فين اراضيها لولا اتصلت بعمها الاستاذ توفيق ماكنتش هعرف انها محجوزة هنا.
و نظرت إلي بوابة القسم الحديدية ، و هي تبتهل قائلة:
-منه لله اللي كان السبب.
ثم خطت إلي الداخل تتبعها "هنا" علي مضض ..
توجهت نحو أقرب مكتب بالرواق الأقل إزدحاما في تلك الساعة ، حيث غربت شمس النهار ليحل محلها الليل الحالك ..
ثم سألت بتلقائية ذلك الضابط صاحب رتبة - أمين الشرطة - :
-لو سمحت يابني ، في واحدة محجوزة عندكوا هنا من الصبح اسمها هانيا مصطفي علام .. اعمل معروف دخلها الاكل ده احسن دي ياعيني علي لحم بطنها من ساعة ماجبتوها هنا.
و رفعت سلة الطعام الصغيرة ، ثم وضعتها فوق سطح المكتب قائلة:
-و لو انها تقالة لو قدرت تخليني اشوفها و اطمن عليها يبقي كتر خيرك.
باغتها الأخير في عنف و هو يلوح بيده بقوة:
-شيلي الحاجات دي من قدامي يا ولية انتي ، انتي فاكرة نفسك فين !!
عند ذلك ، تدخلت "هنا" قائلة و قد إرتفعت نبرة صوتها بقدر جذب الإنتباه نحوها:
-ولية مين يا حتة نطع انت ؟ انشالله يولولو عليك ، ما تحترم نفسك و اتكلم بأدب.
إكتست ملامح الضابط بذهول إستحال إلي غضب متقد و هو يقول مستنكرا:
-انتي اتجننتي يا بت انتي ؟ بتكلمي مين كده ؟؟
إهتاجت "هنا" و هي تصب سبابها فوق رأسه:
-بت في عينك يا قليل الادب ، لم نفـ ...
كممت "قوت القلوب" فم إبنتها قبل أن تكمل عبارتها و هي تقول محاولة التمويه عن رعونة إسلوب "هنا" الدفاعي:
-معلش يابني سامحها هي ماتقصدش و الله.
حاولت "هنا" تخليص فمها من كف أمها المطبق عليه لتكمل سيل لعناتها دون فائدة ، بينما نظرت إليها "قوت القلوب" و زجرتها بغضب قائلة:
-اتأسفي للباشا يا هنا.
و بقوة أزاحت "هنا" يد أمها عن فمها قائلة بعصبية:
-مين اللي يتأسف لمين ؟ ده انا ممكن اعملله محضر دلوقتي و انزله من عالمكتب اللي فرحان بالقاعدة فوقيه ده.
إبتسم الضابط في تهكم ، و إسترخي فوق مقعده ، ثم صمت لثوان قبل أن يقول بهدوء خبيث:
-بمناسبة المحاضر .. انا عندي هنا في درج المكتب شريطين برشام محتار اوديهم فين ! .. تاخدي واحد ؟؟
شهقت أمها و همست لها متوسلة:
-يابنتي بالله عليكي انكتمي ليلبسك تهمة بجد و انتي واقفة.
إلتمعت عينا "هنا" بالغضب و هي تحدق بذلك البغيض عاجزة عن الرد عليه ، حتي شنف سمعها من خلفها صوت رجولي يقول:
-ايه الدوشة دي ؟ ايه اللي بيحصل هنا ؟؟