فيلم حكايات الغريب ١٩٩٢
إزاي تعمل فيلم عن حر ب اكتوبر بأقل إمكانيات ممكنة ومن غير ما تجيب مشاهد عن حر ب أكتوبر كمان وهو ده اللي حصل في فيلم حكايات الغريب للمخرجة انعام محمد علي.
فيلم حكايات الغريب بيتكلم عن معاناة الشباب المصري خلال فترة النكسة من خلال رصد حياة السائق عبدالرحمن (محمود الجندي) سائق عربية الصحافة والمتغيب من ٢٣ اكتوبر سنة ١٩٧٣ اي من وقت حصار السويس واللي أستمر عده أشهر لذلك ترسل المؤسسة الصحفية التي يعمل بها عبد الرحمن لجنة لتبحث عن العهدة التي كانت بحوزته وهي سيارة فورد وعدد من الكتب والجرائد دخل بها للسويس قبل غلقها في ٢٣ أكتوبر وعليه يتوجه استاذ طائل المصري ومساعدة لمنزل عبدالرحمن للبحث عنه وهناك يكتشفوا الكثير عن حياة عبدالرحمن.
عبدالرحمن كان زيه زي اي شاب مصري في الوقت ده حلمه أنه يشتغل بوظيفة كويسة ويتزوج البنت اللي بيحبها وده كل آماله قصدي أن آماله كلها هي ابسط حقوقه واللي مش عارف يأخدها فكان طول الوقت مهزوم وعنده اكتئاب خاصة بعد استشـ،هاد اخوه فؤاد ومن بعده بنت أخته أمل وضياع خطيبته اللي أصر جارهم شفيق الحر امي (حسين الإمام) أنه يتجوز خطيبة عبد الرحمن.. لحد هنا ده عبد الرحمن اللي الفيلم سرد قصة حياته في القاهرة لكن في السويس وقت الحصار كان في عبدالرحمن تاني عبدالرحمن مش مهزوم عبدالرحمن قادر يواجه هزيمته وينتصر عليها وعلي العد و اللي عايش يدخل الأرض وينبهر اصدقائه ومعارفه بقصص بطولات عبدالرحمن ويقولوا انتوا متأكدين أن قصدكم عبدالرحمن بتاعنا فيقوللهم أيوه بس مش اسمه عبد الرحمن ده إسمه "الغريب" أو "خلف" أو "كمال " مش مهم الاسم المهم أن صاحب الصورة هو اللي كان بيقوم بكل ده عشان ينتهي الفيلم وهما بيدورا علي صاحب الصورة بغض النظر عن إسمه لكن المهم اللي شافه يقول.
الفيلم بيرمز لشخصية الإنسان المصري عامة واللي حتي في قمة انكساره وانهزامه لما يتحط في ظروف صعبة بيتغير وتتبدل شخصيته تماماً ويصبح الشخص اللي تحتاجه بلده وقت شدتها.. كمان اختيار حسين الإمام ليكون رمز للعد و الداخلي والخارجي بإمكانيات جسدية ومادية اضخم من محمود الجندي وده عشان يعطي انطباع الي ضخامة حجم التحديات اللي بيواجهها المواطن المصري المتمثل في شخص عبدالرحمن مع ذلك بيقاومه ومش خايف منه.
رغم إمكانيات الفيلم المادية القليلة إلا أن المخرجة انعام محمد علي اختارت مشخصاتيه علي مستوي فني عالي من التمثيل ومخترتش نجوم شباك بل اختارت ممثلين شبه الشخصيات اللي بيمثلها زي محمود الجندي اللي كان مجند في حر ب أكتوبر فهيكون عنده روح اكتوبر بطريقة أو بأخرى بس ما أخذ علي الفيلم أن الجندي كان قد تجاوز الأربعين من العمر ورغم كده دوره في الفيلم دور شاب لم يتم الثلاثين..
استخدام لغة حوارية بسيطة وعميقة في نفس الوقت واللي غزل خيوطها بنعومة السيناريست محمد حلمي هلال علي موسيقي ياسر عبد الرحمن واللي اعطي للمشاهد احساس النكسة وانكسارها وانكسار بطلنا.
فيلم حكايات الغريب من أفضل الأفلام اللي اتكلمت عن حر ب أكتوبر عامة وعن التحولات اللي حصلت في الشخصية المصرية في الوقت ده خاصة شخصية عبدالرحمن وشخصية خطيبة شريف منير واللي اتغيرت بعد الحر ب وأصبحت شخصية أنانية وعندك كمان شخصية موظف الجريدة المرافق للاستاذ مدحت مرسي الباحث عن السيارة بغض النظر عن إن كان صاحب السيارة حي او مات أثناء الحر ب وده بيمثل كتير من المواطنين برضو لكن اجمل شخصية كانت شخصية الفنان مدحت مرسي واللي بدأ بيدور علي العربية المفقودة وانتهي بيدور علي سائق السيارة وده في حد ذاته تحول في الشخصية لما عرف أن شخصية عبدالرحمن ضحت بحياتها عشان خاطر البلد وقال في نهاية تقريره:-
"و أقر على مسئوليتي أن السائق عبدالرحمن أو اي كان إسمه قد منحنا شرفاً أرجو أن نستحقه".