في تلك الليالي الطويلة، حيث يلف السكون أرجاء قرية كونوها وتغرق الظلال في زواياها المتعرجة، كانت ميكوتو تحمل في قلبها حملاً ثقيلاً لا يكاد يطاق. لم يكن لساسكي الصغير نصيب من دفء والده، فقد كانت قسوة فوكاغو لا تعرف رحمة. كان يقف دائمًا على مسافة، بعيدًا، ينظر إلى ابنه بنظرات باردة كالجليد، متسلحة بجدار من القسوة التي لم يستطع قلب الطفل الرقيق اختراقها.
أما ميكوتو، فكانت تظل ساهرة طوال الليل، تمسح على شعر ساسكي الأسود وهي تهمس في أذنه قصصاً عن الحب والأمل. كانت تحاول جاهدة أن تغمره بكل ذرة حنان تستطيع أن تقدمها، علّها تعوضه عن غياب دفء الأب، عن تلك اللحظات التي كان فيها فوكاغو يقف في الظل، يُراقب من بعيد، دون أن يُظهر أي إشارة على أنه يرى ساسكي كابن، بل كأداة... كوسيلة لتحقيق ما يطمح له من قوة وسلطة.
وكان هناك إيتاشي، ذاك الفتى الهادئ، البالغ من العمر عشرة أعوام، ولكنه كان يحمل في قلبه حكمة تضاهي أعمار الكبار. لساسكي، كان إيتاشي أكثر من مجرد أخ، بل كان أباً روحياً، وصديقاً، وأماناً. لم يكن يفارقه أبداً، كان يحتضنه في قلبه كما لو كان يحميه من ظلام العالم. لم يكن إيتاشي ليدع تلك القسوة تغزو قلب أخيه الصغير، فكان دائمًا هناك، يمسك بيده الصغيرة ويقوده خلال الظلمات نحو النور.
حين اقترب موعد العملية، بعد شهرٍ من عودة ساسكي إلى العشيرة، شعرت ميكوتو بالقلق يلتهم قلبها شيئًا فشيئًا. كانت تعلم أن العملية ليست بالأمر السهل، وأن ساسكي قد لا يفهم لماذا عليه أن يخضع لها. طلبت من الأطباء ألا يُخبروه بالسبب؛ لم ترغب في أن يختبر مشاعر الخوف أو الحزن في سنٍّ صغيرة كهذه. ورغم أنها كانت متأكدة أن ساسكي الصغير لم يكن ليدرك عمق ما سيحدث، إلا أنها كانت تخشى أن يُحزن الأمر أخاه إيتاشي، الذي كان سيضحي بأي شيء لأجل سعادة أخيه الصغير.
وفي ليلة العملية، كان ساسكي غارقًا في نومٍ عميق، وقد لفّه الضوء الخافت الذي تسلل من نافذة الغرفة. قُبلةٌ من والدته على جبهته، ومسحةٌ دافئة على خده الصغير، كانت تلك آخر اللمسات قبل أن يُغيب في سباتٍ عميق، ليشفى من جروحه.
كانت ميكوتو تجلس بجانب فراش ابنها الصغير، ساسكي. كان نائمًا بسلام، ملامحه البريئة غارقة في عالم الأحلام. لم تكن تدري أن هذا النعاس يخفي خلفه تضحيةً عظيمة. فمهما كان فوكاغو قاسيًا في ظاهره، كانت تلك القسوة دائمًا مصحوبة بحبٍ دفين، حبٌ لا يستطيع التعبير عنه، حبٌ ربما لم يكن يعرف كيف يُظهره. كان فوكاغو، رغم صلابته، يحمل في داخله قلب أب لا يستطيع الهروب من حقيقة أنه، في نهاية المطاف، لن يكون قاسيًا على ابنه الوحيد للأبد.
لقد أحب ميكوتو حبًا عميقًا، وكان هذا الحب هو ما منعه من كسرها يومًا. كانت هي الضوء الذي يتسرب من بين الشقوق المظلمة في قلبه، وكانت هي المنقذة لساسكي، تحميه بحنانها الأمومي المتدفق، تداوي جروحه بالكلمات الدافئة التي لا يستطيع فوكاغو أن ينطقها. ورغم كل برودة فوكاغو، كان يعلم في أعماق قلبه أن ساسكي هو امتداد له، جزء من روحه التي لا يستطيع التخلي عنها، مهما بدا متصلبًا وظالمًا في الظاهر.
أنت تقرأ
صراع الأقدار
Paranormalهذه القصه مشتركه لي انا وصديقتي Rosamares123. وهي لها التعب الأكبر ✨💓 ليست هذه رواية الفرح أو النهايات السعيدة أو تزوجو وعاشوا في سلام ، بل هي قصة تجري بين دروب الألم. لم تكن السعادة،يوما جزءا من حياتي. فليس لها مكان في حكايتي . الأطفال يتبادلون م...