1

18.8K 486 40
                                    

حلَّ الظلام وأخذ المساء يخيم على الأزقة الضيقة، حيث تلاشت أصوات الحياة اليومية تدريجيًا حتى لم يبقَ سوى همسات الليل الباردة. كان الفتى يسير ببطء، يتمتم بأغنية قديمة بصوت خافت، وكأنها رفيقه الوحيد في هذا السكون. فجأة، شعر بشيء غريب، خطوات تتبعه. توقف لبرهة، قلبه ينبض بتسارع، واستدار ببطء، لكن لم يكن هناك أحد.

حاول إقناع نفسه أن الأمر مجرد خيال، وأكمل طريقه، لكن الشعور بالخوف ظل يتسلل إلى داخله. للمرة الثانية، شعر بتلك الحركة خلفه، استدار بسرعة ولكن لم يجد شيئًا مرة أخرى. ارتفعت دقات قلبه، وبدأ في الإسراع بخطواته، محاولًا تجاهل الصوت الذي بدا وكأنه يتبعه.

لم يكن بإمكانه أن يلتفت مجددًا، بل اندفع يركض نحو منزله. وصل وهو يلهث، قلبه يكاد ينفجر بين ضلوعه. أغلق الباب خلفه بقوة، ووقف يحاول تهدئة أنفاسه المضطربة.

"يا كيم! لعنة! أين كنت؟" جاء صوت والدته صارخًا من الغرفة المجاورة، ليجد نفسه يتنهد بعمق وهو يخلع حقيبته عن كتفه.

"هل أعطاك مديرك راتبك؟ أين المال؟" سألته ببرود وهي تنظر إليه بحدة.

أدار وجهه عنها وقال بتهكم: "عادةً، الآباء هم من ينفقون على أولادهم، وليس العكس!" لم تتركه يكمل جملته، إذ صفعت وجهه بقوة، الصوت الحاد لصفعتها تردد في أرجاء الغرفة.

"لسانك الاذع هذا... اذهب و"العق به قضبان الرجال"! لا تتجرأ على الوقاحة معي! أفهمت؟" صاحت بغضب، بينما تايهونغ يضحك بمرارة، أخرج المال من جيبه ورماه باتجاهها قائلاً بسخرية، "خذي! هذا ما تريدينه، أليس كذلك؟"

ابتسمت والدته بجفاف وهي تلتقط النقود وتعدها بهدوء. "يبدو أنك جيد بما تفعله لدرجة أن راتبك زائد!" تنهد تايهونغ بعمق، واستدار متوجهًا إلى غرفته دون أن ينطق بكلمة أخرى.

عندما دخل إلى غرفته، ألقى بنفسه على السرير. عينيه بدأت تمتلئ بالدموع التي طالما حاول حبسها. تكور على نفسه وهمس بصوت مكسور: "هذا ليس عدلاً... أنا لست هكذا."






















رن جرس المدرسة مُعلنًا انتهاء اليوم الدراسي، وسرعان ما عمَّ الضجيج المكان. أصوات الطلاب تملأ الساحة وهم يخرجون من بوابات الثانوية، يتحدثون، يضحكون، ويدفعون بعضهم البعض في ازدحام عشوائي. وسط هذا الزحام، كان تايهونغ يسير وحيدًا. نظراته الحادة ولسانه اللاذع جعلا الجميع يرفض الاقتراب منه أو مصادقته. لم يكن بحاجة إلى رفقة، أو هكذا أقنع نفسه.

بينما كان يتجه نحو البوابة، اقترب منه شاب في بداية العشرينات، مرتديًا زيًا أنيقًا. "مرحبًا، هل بإمكانك مساعدتي في حمل بعض الأغراض إلى سيارتي؟" قال الشاب بنبرة مهذبة.

هّوٌسِ | VKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن