في إحدى ليالي الشتاء الهادئة، جلست أجوان على سريرها تتأمل صفحات روايتها المفضلة، "خوف" للكاتب أسامة المسلم. كانت تعرف كل سطر وكل فصل عن ظهر قلب، ولكن في هذه الليلة، كان هناك شيء مختلف. شعرت بارتباط غريب بين كلمات الرواية وأعماقها، وكأن الصفحات تخاطبها.
كانت في الفصل الذي يصف عالماً غامضًا، عالمًا مليئًا بالظلال والخوف الدفين، وكانت تشعر وكأن الهواء في غرفتها قد أصبح أثقل، وكأن الحدود بين الواقع والخيال قد بدأت تتلاشى.
وبينما كانت عيناها تبحران في سطور القصة، خفَّ ضوء الغرفة، وتغيرت نبرة الرياح التي تهب خارج النافذة. فجأة، اختفى كل شيء. أحاط الظلام بها، وفقدت إحساسها بالعالم الحقيقي. شعرت وكأنها تغرق في بحر من الأحاسيس المختلطة، وفجأة استيقظت لتجد نفسها في مكان غريب.
لم تكن أجوان في غرفتها بعد الآن. نظرت حولها، وجدت نفسها في غابة كثيفة محاطة بأشجار عالية تنبض بالحياة، ولكن هذه الحياة كانت غريبة، مشحونة بالقلق والترقب. بدأت تدرك أن هذا المكان ليس سوى العالم الذي طالما قرأت عنه في روايتها المفضلة: عالم "خوف".
"لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا!" تمتمت، لكن الأرض التي تحت قدميها، والهواء البارد الذي يلفح وجهها، كانا حقيقيين بشكل مؤلم. أخذت نفسًا عميقًا وحاولت التركيز. "أنا هنا الآن. ولكن كيف؟ ولماذا؟"
بينما كانت تسير ببطء في هذا العالم الغامض، بدأت تسمع أصواتًا خافتة، تمتمات تأتي من بين الأشجار. تعرفت على هذه الأصوات. إنها أصوات الشخصيات التي كانت تقرأ عنها لسنوات، ولكنها الآن واقعية، حية، تنبض بالخوف الذي كانت تشعر به على صفحات الكتاب.
تقدمت بحذر نحو مصدر الصوت، وهناك، بين الظلال، رأت شخصًا واقفًا. كان وجهه مألوفًا جدًا. كان هو بطل الرواية الذي طالما كانت تتعلق به. كان يقف هناك، صامتًا، عيونه تراقبها. شعرت بموجة من القلق تجتاحها، ولكنها تقدمت نحوه.
"أنتِ... أجوان؟" سألها بصوت خافت مليء بالدهشة.
أومأت برأسها ببطء. "نعم، ولكن... كيف تعرفني؟"
ابتسم ابتسامة غامضة، وقال: "لقد كنت دائمًا هنا. لطالما كنتِ جزءًا من هذا العالم، حتى وإن لم تدركي ذلك."
شعرت أجوان بمزيج من الرعب والانجذاب. هل كان قدرها دائمًا أن تدخل هذا العالم؟ هل كانت محاطة بالخيال إلى هذا الحد، حتى أصبحت جزءًا منه؟
بينما كانت الأسئلة تدور في ذهنها، أدركت أنها لم تعد قادرة على التمييز بين الحقيقة والخيال.
يتبع 🤍