اوبيرا الشياطين

33 11 0
                                    

بِرك الدِّمَاء اَلتِي قد اِخْتلَطتْ مع كُثْبان الثُّلوج رُبمَا هَذِه العبارة الوحيدة اَلتِي أخافتْ روسيا قديمًا وبالْأخصِّ  شُعُوب المناطق المتجمِّدة حِينمَا كَانَت الثُّلوج تَتَساقَط والْعواصف تَنزَلِق خَلْف بعْضهَا كانوا يُقاتلون فِي مَعارِك دَمَويَّة مُلتحمَة دِفاعًا عن نسلهِم فِي عَواصِف وشتاء رُوسْيَا البارد أَصوَات إِطلَاق الرِّمَاح واخْتراق السُّيوف جُلُود اخصامهم هذَا مَا كان يِخْترق مَسامِع الرُّوسيُّون أَثنَاء اِنْشغالهم فِي معْركتهم

لولَا هسيس العواصف اَلتِي غَدرَت بِهم فَجأَة وَأَطلقَت عِتَاب رِياحِهَا تَحجُب بِهَا عن إِبْصارهم لم يَجِدوا سِوى انَهُم محَاصرِين من قبل تلك العواصف التي شَلت بها خُطواتِهم لتسْتَغلّ الأخصام اَلفُرصة وتنْقض عَليهِم تِلْك الذِّئَاب تَمزُّق أجْسادهم لَم تَكُن ذِئابًا رَحِيمَة قطّ فلم تَترُك خلْفهَا سِوى برك دِماءَهم حَتَّى أَنهَا اَخدَت مُخلَّفاتهم لِترْضي بِهَا أطْفالهَا كَغَنيمَة حَرْب

"لكن هذا كان قديما قبل ظهور وحوش بشرية وليست ذئابا قطعا"

لَقد حلَّ الخرِيف فِي مُوسْكو سريعًا هذَا العام أيْضًا بِإمْكاني الشُّعور بِتدفُّق القليل من نسمات البرْد مِن أَرضِية اَلمُلحق رُبمَا السَّمَاء تُمْطِر الآن أو رُبمَا لََا

أُمٌّ ان الأشْجار فقط تَتَحرَّك إِثْر الريَاح ليْس بِاسْتطاعتي أن أَجزِم ذَلِك فلَا نَوافِذ هُنَا فلقد قَامُوا بنْتزاعهَا وبناء جُدْراَن بدالِهَا اما بالنسبة الى اَلْباب فهو  مُغلق بِإحْكَام  يمْنعك مِن اَلخُروج من هذا القفص المظلم 

تَحركَت اَخطُوا نَحْو تِلْك اَلغُرفة الصَّغيرة فِي آخر اَلرِواقْ احرك مِقْبضِهَا فيتضح لي رُؤيَى حائِطها  بِلَون بُنِي هَادِئ تَتَناسَق معه تِلْك الأثَاث البيْضاء التى تكاد تملأ حجْم الغرفة  نظرًا لِمساحتها
اِتجهَت نَحْو الخزانة أخْتَار مِنهَا سُترَة صُوفيَّة سَوْداء اغطِّي بِهَا كَتفُاي المكْشوفين لَعلَّهَا تُدفِّئ جَسَدي

ثم اِقْتَرَبَتْ اَخَطُوا نَحْوَ اَلسَّرِيرِ اَتْخَدْ مَكَانِ لِي عَلَى حَافَّتِهِ بَيْنَمَا أَتَلَمَّسُ نُعُومَةُ تِلْكَ اَلْأَغْطِيَةِ اَلْبَيْضَاءِ أَغُوصُ فِي شُرُودِ ذهْنٍ آخَرَ وَفَجْوَةِ أُخْرَى

فَصْلُ الخرِيف بِالنِّسْبة لي سِوى أَورَاق شجر تَتَلاعَب بِهَا الرِّيَاح ومَا أن تُلَامِس الأرْض تَغدُو مُلتهبَة لتَتلاشَى بعدَهَا وَقَلَبَهَا يُشْبِه تِلْكَ الْأَوْرَاق فَقَدْ تَلَاعَبُوا بِهِ الى أَنْ اِنطفنِأت شعلته لِيضْحَى سِوَى قَطْعَة مِنْ الْجَلِيد

لقد هبت ذكراي نسيان  لضَوضَّاء مَدينةَ مُوسكو وأشكال قصورها  و اصوات المارة في شوَارعِها التي تَنام لكنني لازالت اتذكر  شكل الحَديِقة التي تقع خلف  جدران هذا المحلق جيدا برغم من مرور حقبة من الزمن فما حفر في ذهني ذاكرتها سوى الأحْمَرِ الذي كان يغطي عشبها
وذلك الأحمر كان دماء رفيقتها الوحيدة مارلين  ...

المَهْرجَان البَارِدْ |  Cold festivalحيث تعيش القصص. اكتشف الآن