تبدأ الحكاية في فجر يومٍ رمادي حيث كان الضباب الكثيف يحيط بأطراف قرية "إيثرن" واحدة من القرى المنسية على حدود المملكة
كانت القرية غارقة في صمتٍ ثقيلٍ كأنما تتهيّأ لشيءٍ عظيم على وشك الحدوث، ولم يكن أحد يدرك أن هذا الصباح سيغيّر مجرى حياتهم إلى الأبد.في زاوية مهجورة من القرية حيث تتشابك الأشجار العتيقة وتظلل المسارات المتعرجة كان "أريان" يتسلل بخفة عبر الغابة ملتفتاً حوله بحذر.
أريان شاب في مقتبل العمر، يحمل على كتفه عباءة ممزقة، وعيناه تلتمعان بتلك النظرة المميزة لمن يحمل عبء سرٍ دفين.
كان يسعى للعثور على شيءٍ ما، شيءٍ قال له والده الراحل قبل سنوات أنه سيقوده إلى فهم سرٍّ عظيم.بعد خطواتٍ مضنية وصل إلى تلّة عالية تطل على الوادي هناك في أعلى التلة كانت تنتصب شجرةٌ عتيقة ذات جذور ملتوية وأغصان ممتدة نحو السماء كأنها تبحث عن خلاصٍ بعيد المنال همس أريان لنفسه وهو ينظر إلى الشجرة: "هنا تكمن البداية."
لم يكن يدري ما ينتظره، لكنّه شعر بدفقةٍ من القوة تجتاحه مد يده بتردد إلى قلب الشجرة، وبدأ يتحسس جذعها ببطء في تلك اللحظة، بدأت الأرض ترتعش تحت قدميه، وانبعث ضوءٌ غريب من قلب الشجرة، تلاه صوتٌ عميق كأنه يأتي من عمق الأرض.
"أريان..." همس الصوت هادئًا لكنه مثقل بأصداء الماضي.
تجمد أريان في مكانه، يحدق بدهشة في الشجرة التي بدأت تفتح فجوة صغيرة تظهر من خلالها دربٌ مظلم يقود إلى مكان مجهول لم يستطع التراجع فها هو أمام أول اختبار حقيقي طريق لا يعرف نهايته وأسرار دفينة تنتظره في أعماق هذا الممر الغامض.
تنهد بعمق وأخذ خطوة إلى الأمام تاركًا خلفه القرية التي لطالما كانت ملاذه.
في ليلةٍ مظلمة بعد أيامٍ من دخول أريان إلى الغابة المسحورة وجد نفسه يتيه بين الأشجار الملتوية وقد اختفت كل معالم الطريق صوت الرياح كان يشبه همساتٍ غامضة وصدى خطواته بدا كأنه يطارده شعر أريان بثقل غريب يضغط على قلبه لكن فضوله ورغبته في كشف السرّ دفعاه للاستمرار.بينما كان يمشي رأى في الأفق ضوءًا خافتًا يتسلل من كوخٍ خشبي متهالك اقترب بحذر حتى وقف أمام الباب ولمّا طرقه فُتح تلقائيًّا بصوتٍ خشن في الداخل كانت هناك امرأة مسنّة تجلس وسط الغرفة تحيط بها الكتب والمخطوطات القديمة وترتدي رداءً داكنًا تزينه رموزٌ غريبة.
رفعت المرأة عينيها نحو أريان وبدا وكأنها كانت تتوقعه همست بصوتٍ مليء بالغموض: "كنت أعلم أنك ستأتي في النهاية، أريان."
ارتبك أريان ونظر إليها بدهشة وقال: "كيف تعرفين اسمي؟"
ابتسمت ابتسامة غامضة وأجابت: "أنا حارسة الأسرار، أعرف الكثير عنك وعن القدر الذي ينتظرك." ثم أشارت بيدها إلى كتابٍ قديم موضوع على الطاولة أمامها مغلف بجلدٍ داكن وعليه نقوش قديمة "هذا الكتاب يحوي خفايا مملكتك، وأسرارًا عن عائلتك لم تجرؤ على تخيلها."

أنت تقرأ
ظلال الغياهب
Fantasyفي أرضٍ تتقاطع فيها الأساطير مع الواقع، وبين ظلال الغابات العتيقة وسهول الممالك البعيدة، تنكشف أسرار عائلة "أريان"، الشاب الذي يجد نفسه محاصرًا بين إرث قديم ومصيرٍ غامض بعد اكتشافه لممرٍ سحري يقوده إلى عوالم مجهولة، ينطلق في رحلة مليئة بالأسئلة، با...