الفصل الثالث «النهاية»

24 5 2
                                    

الثقة ليست خيارًا، بل حياة
هي أن تؤمني أن كل جزء منكِ، حتى أدقّ تفاصيله، هو جزء من كونٍ أوسع وأعظم. هي أن تدركي أن ضعفكِ ليس عيبًا، بل نبعٌ يتفجر منه قوتكِ حين تعلمي كيف تنضج تلك الجراح وتتحول إلى شفاءٍ عميق،الثقة هي أن تحبين نفسكِ في لحظات الانكسار، أن تحتفظي بشجاعة قلبكِ رغم كل محاولات الزمان لتثنيكِ، هي أن تظلي تؤمنين بأن كل ألم يحمل في طياته وعدًا بإعادة تشكيلكِ من جديد، كما النحت الذي يخرج من الحجر الصلب تحفة تدهش الناظرين،الثقة ليست مجرد شعور يعبر، بل هي وجود ينبض في داخلكِ، يحترق كالنجمة في سماءٍ مظلمة، ليخبركِ أن لا شيء أبديّ سوى قوتكِ الداخلية، هي أن تصمدي أمام عواصف الحياة دون أن تنكسر، لأنكِ تعلمين أن كل لحظة شك أو خوف هي اختبار يرسلكِ إلى أفق أوسع وأرحب.

وبينما كانت والدتها قد بدأت تفهم وتقدر رغبة ابنتها في الثقة بنفسها، نظر إليها نظرة مختلفة، نظرة حملت في طياتها شيئاً لم تكن تتوقعه. كانت تلك النظرة مفعمة بإحساس غامض، أعمق من الصداقة، وأبعد من مجرد تعاطف نظرة كشفت للحظة عن سرٍ دفين كان يحمله في أعماقه، سر ظل مختبئاً خلف الاهتمام الذي أبداه لها على مر الأيام.

تلاقت أعينهما، وتوقف الزمن للحظة قصيرة. بدأ وكأن كل شيء حولهما قد خفت صوته، وكأن العالم نفسه تنفس ببطء، منتظرًا ما سيحدث،كان يتردد، وكأن الكلمات التي أراد أن ينطق بها تثقل لسانه وتمنعه من البوح بها،لكن عينيه، تلك النظرة المشبعة بالحنين والاهتمام، قالت ما لم يستطع لسانه قوله.

وأخيرًا، كسر الصمت بصوت خافت، لكنه كان صوتًا عميقًا، كأنه يحمل عبء سنوات من الصبر والانتظار،كل كلمة نطق بها كانت تتسرب ببطء، كأنها رسائل من قلبه الذي أنهكته السنين، وجعلت صوته يرتجف بشيء من الحنين والحذر، محمّلًا بإحساس لم يكن مجرّد حديث.

"أميرة... أنا عمري ما كنت مجرد صديق ليكِ،أنا بحبك من زمان، يمكن كنت خايف أقول لك، خايف إنك ترفضي، أو يمكن ما تكونيش حاسة نفس الإحساس، لكن بعد اللي شفته النهارده، وبعد قوتك وإصرارك... ما بقتش قادر أخبي عنك أكتر".

شهقت "أميرة" من المفاجأة، لم تكن تتوقع تلك الكلمات، ولم تكن مستعدة لمثل هذا الاعتراف، كانت تحاول استيعاب كل شيء، قلبها ينبض بسرعة، وكأن شيئًا كبيرًا تغير فجأة في عالمها. كيف لم تلاحظ من قبل؟ كيف لم تدرك كل تلك العلامات الصغيرة التي كان يحاول بها إظهار حبه دون أن يجرؤ على الإفصاح عنها؟

وقفت في مكانها، عاجزة عن الرد، تت
كلماته  التي اخترقت قلبها، كأنها تحمل في طياتها كل الصدق الذي كانت تفتقده في حياتها،لم تتوقع يومًا أن يجرؤ أحدهم على حبها بهذا العمق، على رؤية جمالها الداخلي الذي كانت تخفيه خلف الحواجز والخوف.

تلعثمت للحظة، ثم نظرت إلى "يونس" بعينين متلألئتين بالدموع، وصوتها بالكاد يُسمع:

""يونس"... أنا طول عمري شايفة إني ما استاهلش الحب دا، إني... إني عادية، يمكن أقل من العادية كمان،دايمًا كنت خايفة، خايفة أصدق أي كلمة حلوة تتحكي لي وتطلع مجرد مجاملة، مش حقيقة".

الجمال الذي لا يُرى Where stories live. Discover now