بين الكتب المتكدسة حولي أجلس ممددا على شبه السرير الذي يتكون من فرشة رقيقة مهترئة مساوية للارض ومخدتي الذي عتى عليها الزمان أمسك بقلمي وأكتب على صفحات الكتب الفارغة أشعاري أخرج مشاعري المكبوتة وأحزاني المأسورة على شكل كلمات كتبتها بحبر أخاف أن ينفذ فلا اجد مالا لأشتري غيره فالفقر يحرمني من كل الكماليات أعمل نهارا في ما يتوفر لي من الأعمال والبلليل أخرج الفنان الذي يختبئ في دهاليز شخصيتي التي ومهما أحاول تخبئتها تخرج لتضفي على فني سحرا جذابا يميزه عن غيره .
ذهبت يوما لدار نشر لكنها حين رأت شكلي المهترئ الذي يعكس مدى فقري رفضتني قبل ان اقدم ما عندي .
فكم من فنان عاش فقيرا وحين مات عظم وبيعت فنونه بارقام خيالية وسجلت ذكراه في عقل كل الشعب .
وكم من فنان نبيل قدر فنه لمكانته الاجتماعية وعندما مات حرق الشعب أعماله التي صنعت على حساب حياتهم .
مصدر الهامي الوحيد هو نافذتي التي من خلالها اتطلع على السماء التي تتلألأ فيها النجوم كعنقود لؤلؤ قطع حبله فانتثرت حباته في سواد الليل والقمر يتوهج فارضا سيطرته على السماء .
أعلق مظلية فوق رأسي علي أشعر بالدفئ قليلا او أشعر ان هنالك شيء يحيط بي في وحدتي .
فمعارفي وأهلي قد لقو حتفهم جراء الحرب الثانية فما بقي من أبي العزيز إلا مسبحته التي لطالما لازمته فقد كان شخصا متدينا يصلي لحياته .
واما امي فقد بقي لها ذكراها في عقلي التي حفرت في طياته.
يامن قال أن الفقر عيب
فما اللذي يعيب الأغنياء
قل لي لا شيء أقل لك انهم ليسو مثلي ولا بربع ابداعي.
