INTRO

120 24 13
                                    



الـخامِس وَ الـعِشرون مِـن أُكـتوبر
1998


لَـيلٌ قـاتِم وَ هُـدوءٌ عـارِم وَ كَـثيرٍ مِـنَ الـسَواد الـذي كـانَ يَـبدوا كَـثَقبٍ يَبتَلِعُ سَـماءَ اللَيل التي تَخَلَت عَن نُجومِها فـي لَيلةً كـانَت بِـ أَمَـسِ الـحاجةِ إِلَـيها بِـها!!

وَسَـط هـذا الـثَقبِ الـداكِن أَو كَـما يُـطلَق عَلى ذلِكَ الـظَلام الـكَثيف الـذي إِبتَلَعَ كُـل مـا حَـولَهُ فـي واحِـدة مِـن زِقـاق سـيؤول الـكَثيرة يَعتلي تِلكَ الـبِناية ذات الـثَلاثة طَـوابِق الـحاصِدُ الـصامِت

أَو كَـما قـامَ سُكـان الـمَدينة بِـ تَسمِيَتِه كَـونُه يَحصِد روح كُـل مَن يَـرغَب بِـصَمتٍ شَـديد عِـندَ نِـهاية الـسيجارة الـثانية التي تُحاوِط شَفَتيه مُستَنشِقاً سُـمومَها بَينَما يُـراقِب الـضَحية الـجَديدة...

فـي ظِـل ذلِكَ الـجِدار الـقَصير حَـيثِ يَستَنِدُ ذلِـكَ الـسِلاح ذو اللَـون الأَسـود يَجلِسُ هـادِئة مُلتَقِطاً أَنـفاسَهُ بِكُلِ هُـدوءٍ مُعاكِساً لِـما يَنتَظِرُهُ تـالِياً ، عَـينَين حـادَتين كَـخاصة الـصَقر تَنظُرُ بِـدِقة بَينَ مِـنظارِه وَ الـهَدَف الـذي سَيَحتَضِن رَصـاصَتُه تـالِياً

لا تَـكُفُ الـرياح عَـن صَفعِ وَجهِه الـمُختَبِئ أَسَفَلَ تِلكَ الـقُلنسوة الـسَوداء الـخاصة بِـسُترَتِه الـمُشابِهة بِـلَونِها بِنطالَهُ حـذاءُه وَ لَـون خِـصال شَعرِه الـغُرابِية ، كـانَ عَـرَقُه يَنـسابُ عَن جَبهَتِه لـكِنَهُ كـانَ أَكـثر هُـدوءاً مِـن أَن يَكتَرِثَ لِأَمـرٍ كَـهذا

رَسَت أنـامِلُه التي تُغَطيها الـقفازات الـجِلدية عَلى ذلِكَ الـزِناد الـخاص بِـ سِلاحِه بِكُلِ ثَبـات دون أَي ذَرة واحِـدة مِنَ الـتَوَتُر بَينَما عَينَيه بَـدَأت تُـلاحِقُ الـهَدَفَ الـمَعنِي حَيثُ كـانَ عَلى مَـرمى بَصَرِه يَتَحَرَكُ بِبُطئٍ شَـديد...

صَـوت رِيـاح خـافِت ، وَقتٌ يَكادُ يَتَحَرَك ، ثَقب أَسـوَد يَلتَهِمُ كُـل مـا حَـولُه وَ أَنـفاسٍ هـادِئة قـد خَـرَجَت مِن شِفاه مَن زَفَـرَ آخِـر نَفَس مِـن سـيجارَتِه الـثانِية مُـلقِياً بِـها عَلى الأَرض جـانِباً

ثَـلاثة ، إِثـنان ، واحِـد

لَـحَظات قَصيرة تَكـاد تُـستَوعَب وَ هـا قَد كُـسِرَ الـصَمت بِصَوت تِلكَ الـطَلَقة الـذي صَـدى حَـولَ الـمَكان مُـختَرِقاً الـهَواء وَ الـرياح التي كـانَت تَلفَحُه قَبلَ لَـحَظات كَـنَصلٍ حـاد...

إِنـهار جَـسَدُه عَلى الأَرض أَمـام ذلِكَ الـمَبنى الـشاهِق بَعدَ لَـحَظاتٍ فَقَط مِـن إِخـتِراق الـطَلَقة لِـ صَدرِه ، مُـلقَياً عَلى الأَرض كَـوَرَقة خَـريفية هَـوت عَن شَـجَرَتِها رَغماً عَنها بَعدَ مُعاناةٍ ، لِـ يَبقى بِـدِمائه التي إِنتَثَرَت عَلى الأَرض مـا حَـولِه مُـعلِنة رَحـيلِه

لَـم يَـرفَع نَـظَرُه إِلا بَعدَ أَن تَأَكَدَ أَن الـعالَم قَـد فَقَدَ شَـخصاً آخـَر ، وَ بِـكُلِ هُـدوءٍ تَحتَ كَثيرٍ مِـنَ الـضَجيج فـي الأَسـفَل جَـمَعَ مُـعِداتُه مُختَفياً بَينَ ثَنـايا الـظَلام كَـما ظَـهَرَ تَـماماً تـارِكاً خَـلفَهُ لُـغزاً جَـديداً يَحمِلُ بَينَ طَـياتِه عُـنوان

"ضَـحِية جَـديدة فَقَـدَت حَـياتُها عَلى يَـد الـحاصِد الـصامِت!!"

كـانَت مُجَرَد مُهِمة جَـديدة أَنـجَزَ إِتـقانَها دون أَي نَـدَم أَو رَفَـةٍ لِـ جُـفونِه ، فَقد شَـعَرَ بِالإِنتِصار عَلى ذاتِه التي لا تَـزال تَرفُض.


الـحاصِد الـصامِت.
لا شُـعور بِـالذَنب وَلا شُـعور بِالراحة...
فَـراغ بـارِد مَليئ بِالصَمت
هـذا مـا يَجِب أَن يَبـدوا عَلَيه حـاصِداً مِثلُه
صـامِت.

انتَهى.

انتَهى

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 6 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

|THE SILENT REAPER|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن