"حلا الحياة"

5 2 0
                                    



قربك حياة، وبعدك أوجاع وعروق
يا ليت عمري في غرامك أهديه


في اليوم التالي، الجو كان مليان برودة، وقطرات المطر اللي استمرت طول الليل خلت الأرض تغرق بعبق الرطوبة. الدكتور عبدالعزيز دخل المستشفى بجدية المعتادة، لكن بذاك الشعور الغريب اللي تركته مقابلة سدن في قلبه.

فتح باب غرفة سدن بهدوء، وتوقع يلقاه نايم أو يتأمل النافذة مثل أمس. لكنه انصدم بالمشهد اللي قدامه.

سدن جالس على السرير، محاط بعلب صغيرة ملونة وكيس مليان شوكولاتة وحلويات. كان قاعد يأكل قطعة شوكولاتة وهو مبتسم، كأنه طفل صغير في حفلة عيد ميلاد.

عبدالعزيز، بصوت مليان استغراب: "وش هذا يا سدن؟ حلويات؟"

سدن رفع راسه على عبدالعزيز، وفي عيونه لمعة شقاوة واضحة: "إيه، وش فيها؟"

عبدالعزيز تقدم بخطوات بطيئة، يحاول يمسك أعصابه: "وش فيها؟! كيف تاكل حلويات وأنت وضعك الصحي ما يسمح؟"

سدن، وهو يقلب قطعة شوكولاتة صغيرة بيده: "يا دكتور، شوف... أنا ما آكل كثير. بس أحيانًا لازم أدلع نفسي شوي."

عبدالعزيز جلس على الكرسي القريب من السرير، وتنهد: "سدن، أنا عارف إنك تحاول تعيش اللحظة، بس صحتك أهم."

سدن ابتسم بثقة: "طيب، لو قلت لك إن الشوكولاتة تعالج الحزن، تصدقني؟"

عبدالعزيز رفع حاجبه، واضح إنه ما اقتنع: "تعالج الحزن؟ بالله؟ وش جاب الشوكولاتة للعلاج؟"

سدن ضحك وهو ياخذ قطعة ثانية: "صدقني، كل مرة أكل شوكولاتة، أنسى كل التعب. ليش ما تجرب؟ يمكن تقتنع."

عبدالعزيز ناظر الشوكولاتة للحظة، ثم رفع عيونه لسدن: "والله إنك عنيد."

سدن، بابتسامة صغيرة: "تعرف يا دكتور، عنادنا هذا اللي يخلينا نعيش رغم كل شي."

عبدالعزيز حس بكلام سدن يضرب في عمق قلبه. كان يحس إن الولد ذا عنده قدرة على تحويل أبسط الأشياء لحكمة. رغم ذلك، قرر يبقى في دور الدكتور الجدي.

عبدالعزيز، وهو يرفع صوته شوي بلهجة شبه صارمة: "لكن هالمرة، عنادك لازم توقفه. لازم تقلل من الحلا، ولا راح أضطر أمنعه عنك."

سدن، بنبرة مزاح: "إيه يا شيخ، صارم مرة. طيب، كم قطعة مسموح لي باليوم؟"

عبدالعزيز، وهو يحاول يخفي ابتسامة صغيرة: "قطعة واحدة... صغيرة. ولا تفكر تاكل أكثر."

سدن ضحك بصوت عالي: "تم! بس على شرط... تجيب لي قطعة شوكولاتة من عندك المرة الجاية."

عبدالعزيز وقف من الكرسي، وعلى وجهه ابتسامة ما قدر يخفيها: "نشوف... إذا كنت متعاون، يمكن أفكر."

طلع عبدالعزيز من الغرفة، لكن هالموقف ترك في قلبه شعور غريب. كان سدن بطريقة ما يعلمه كيف يعيش بمرونة، وكيف يوازن بين الجدية واللحظات الصغيرة اللي تصنع الفرق.

"على نافذة المطر"Where stories live. Discover now