موت سرير رقم 12
1961
الإهداء
إلى أختي فائزة...
إن كان في القصص ما يستحق أن يهدى إلى العزيزة فائزة..
غسان
مقدمـــــــة
جرت العادة أن يحصل الإنتاج الأول لأي كاتب على " جواز مرور " للقارئ... كلمة لقلم مشهور تتصدر الكتاب..أو جمل موجزة على ظهر الغلاف، أو حملة دعائية واسعة يشترك فيها الكاتب والناشر وأصدقاء الطرفين، يحكون فيها كيف خلقت القصص، وكيف نزفها القلم المجروح، وكيف.. وكيف..
أنا أؤمن أن الكتاب يجب أن يقدم نفسه، وإذا عجز عن إحراز جزء من طموح كاتبه، فعلى الكاتب أن يقبل ذلك ببساطة، كما قبل ـ مرات ومرا ت ـ أن يمزق قصصاً ليعيد كتابتها.. أو يكتب سواها..
وهكذا ( فموت سرير رقم 12 )، أدفعها لتشق طريقها، إن استطاعت أن تهتدي إلى أول الطريق، بنفسها، دون " شفاعة " ودون " وساطة " ودون " جواز مرور "..
حتى هذه الكلمة، يجب أن لا تكتب لولا أنني أردت منها شرح نقطة واحدة..
مجموعة القصص قسمتها إلى ثلاثة أقسام.. ولم يكن الهدف من ذلك ملاحقة التطور الزمني، فبعض القصص قي القسم الأول كتبت في فترة زمنية أتت في أعقاب القصص التي كتبت في القسم الثالث مثلاً.. ولكن الهدف من هذا التقسيم هو الفصل بين ثلاثة أنواع من القصص، إذا عجزت هي نفسها عن توضيح الفرق بينها، فلن تستطيع هذه الكلمة الموجزة أن تفعل..
ولابد أيضاً، ولو بدا ذلك غريبا بعض الشيء، أن أرسل عزائي إلى العائلة المجهولة التي فجعت بموت ابنها " محمد علي اكبر " الذي مات بعيدا، وحيدا، غريبا، على السرير رقم 12، وهو ينزف عرقاً نبيلاً في سبيل لقمة شريفة..
غسان كنفاني
القسم الأول
البومة في غرفة بعيدة
شيء لا يذهب
منتصف أيار
كعك على الرصيف
في جنازتي
الأرجوحة
البومة في غرفة بعيدة
كل صور عدد كانون الاول من المجلة الهندية "أ.." كانت رائعة ، ولكن أروعها بلا شك صورة ملونة لبومة مبتلة بماء المطر .. وتكمن كل روعها في لحظة اللقطة الموفقة ، وفي براعة الزاوية .. واهم من هذا كله : في اصطياد النظرة الحقيقية للبومة المختبئة في ظل ليل بلا قمر .
كنت في غرفتي : غرفة عازب بجدران عارية تشابه إحساسه بالوحدة والعزلة .. أرضها متسخة بأوراق لا يدري أحد من أين جاءت ، والكتب تتكدس فوق طاولة ذات ثلاث قوائم رفيعة ، أما القائمة الرابعة فلقد استعملت يداً لمكنسة ما لبثت أن ضاعت .. والملابس تتكوم فوق مسمار طويل حفر عدة ثقوب بظهر الباب قبل ان يرتكز نهائياً في ثقبه الحالي .