الموت

3K 39 53
                                    

كانت الساعة السادسة فجراً وثلاث عشر دقيقة عندما أدركت فاطمة بأنها ستموت. معرفتها بلحظة موتها لم تأتي صدفة أو كما يقول المتدينون بأن الزمن يتوقف فيتذكر الانسان كل شيء في حياته السابقة. لا أبداً. فاطمة عرفت لحظة موتها لانها أرادت أن تعرف الوقت وهي تقود مسرعة سيارتها الفارهة في أطراف مدينة الجهراء الكويتية بأتجاه العيادة حيث تنتظرها مريضة حالتها مستعجلة بسبب نزيف حاد أصيبت به أثناء الليل. عندما نظرت الدكتورة فاطمة بأتجاه أرقام الساعة الحمراء، قرأت الساعة 06:13 ثم رفعت عينيها فأدركت أنها الساعة التي ستكون مكتوبة في شهادة الوفاة. سبب الوفاة سيكون حادث تصادم مع سيارة حمل من نوع سكانيا. الموت كان فوري بسبب دخول مؤخرة سيارة الحمل مباشرة في كابينة القيادة في سيارة اللاندروفر الفارهة التي تقودها الدكتورة فاطمة. الموت فوري ومؤكد بسبب تهشم الجمجمة أثر الاصطدام. فاطمة أدركت أن زمانها أنتهى وبأنه بعد يومين سيزور زوجها مركز أستلام الجثث للتعرف على جثتها من الملابس وخاتم الزواج المحفور فيه أسميهما وتاريخ زواجهما.

فاطمة أغمضت عينيها، لم تتذكر أي شيء من حياتها عندما شعرت يزجاج السيارة يتهشم فوق وجهها وشيء صلب وسريع جداً أرتطم في وجهها وسمعت للتو صوت تهشم عظام الجمجمة، وكيف أصبح لون الضوء أحمراً بسبب تمزق شرايين العين ثم أسود بسبب تهشم أنقطاع أطراف النهايات العصبية وغياب النظر. لم يكن هناك الم ولا نفق مضيء. كان النهاية فقط... صمت أحاط تلك الظلمة وحل الموت.

في عمق الظلمة سمعت صوت لحن حزين... كأنه ناي يعزف في مكان بعيد. حاولت أن تفتح عينيها لكنها شعرت بالانهاك والتعب، فسمعت صوت إمرأة رخيم بجوارها تهمس بقربها وتمسك بيدها، فاطمة... فاطمة... لاتخافي أنا هنا بجوارك.

هل أنا في المستشفى؟ قالت فاطمة بصعوبة
لا يا صديقتي... أنت في عالم الخلود. همست تلك المرأة بجوارها بصوت يشبه عزف الناي البعيد.
هل... هل... حاولت فاطمة أن تنطق الكلمة فما أستطاعت.
نعم يا فاطمة، لقد متِ في حادث السيارة قبل قليل. قال الصوت جوارها.
فاطمة حاولت أن تفتح عينيها فما أستطاعت.
لماذا لا أستطيع فتح عيني؟ سألت فاطمة.
لانك لم تستعمليهما أبداً، وعظلات جفنيك لازالتا ضامرتين، لكن بعد بعض الوقت ستفتحيهما، حتى ذلك الوقت سأبقى جوارك فلا تخافي.
لكن... لو مت أنا فأين أنا الآن ومن أنتِ؟ همست فاطمة وهي تشد بقوة على تلك اليد التي تمسكها.
قلت لك يا حبيبتي فاطمة، أنتِ في عالم الخلود وأنا الله جوارك أتحدث معك الآن حتى تتعودي على جسدك الجديد هنا وتقفي على ساقيك.
أنتِ ... أنتِ الله؟ صرخت فاطمة... وحاولت أن تفتح عينيها دون جدوى... رفست الهواء بساقيها ويديها المرهقتين حتى صفعت الله
بيدها. الله رجعت للوراء لتتحاشى المزيد من الصفعات فتعثرت وسقطت للوراء وسحبت معها فاطمة على الارض.

على الارض، رفعت فاطمة رأسها، فتحت عينيها قليلاً فرأت إمرأة في مقتبل العشرين متشحة بالسواد بيضاء البشرة وعيونها زرقاء ملتهبة كأنها جوهرة.
أنتِ الله؟ سألت فاطمة تلك المرأة المستلقية على الارض وتحاول رفع نفسها عن الارض والدموع تهطل من عيونها.
نعم... أنا الله، همست الله ثم جهشت بالبكاء.

=========
هذا الفصل الاول من القصة، اذا كان هناك اهتمام سأكمل القصة.

د. فاطمة الجهراء
#عقلانيون

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 20, 2015 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

السر الاعظم في الكونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن