ﻗﺮﻳﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﻗﺮﻯ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ .. ﻛﺄﻱ ﻗﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﻯ ﺩﻭﻝ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ، ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻊ ﺗﻨﺤﺪﺭ ﻣﻦ ﺳﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻮﺍ ﻭﺗﺒﺮﺯ
ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﺮ ﻭﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ... ﻣﻊ ﺧﻴﻮﻁ ﺍﻟﻔﺠﺮ
ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻳﺘﻌﺎﻟﻰ ﺻﻴﺎﺡ ﺍﻟﺪﻳﻮﻙ ﺑﻴﻦ ﺃﻛﻮﺍﺥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮﺓ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺘﺒﺊ ﺗﺤﺖ
ﻏﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﻨﺨﻴﻞ ﻭﺍﻟﺪﻭﻡ . ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺷﺒﻪ
ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﻭﻳﺔ .. ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﻴﻦ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﻣﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻭﺑﻴﻮﺕ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ، ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﻮﺏ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻕ ﻭﻣﻄﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﺠﻴﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺫﻟﻚ ﺗﺸﻜﻞ
ﻧﻐﻤﺔ ﻧﺸﺎﺫ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺎﻛﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﺮ .. ﺣﺎﺝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺗﺎﺟﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ
ﺃﻛﺒﺮ ﺭﺟﺎﻻﺕ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ .. ﻭﻳﻠﻘﺐ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﻮﺩ ﺍﻟﻤﻬﺘﺪﻱ ﻷﻥ ﺃﺳﻼﻓﻪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ
ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭﺃﻋﺘﻨﻖ ﺟﻠﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﺎﺟﺮ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ .. ﻳﻘﻒ
ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺷﺎﻣﺦ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ .. ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﺯﻳﺔ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻣﻦ
ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻳﺠﺴﺪ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺮﺟﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺭﺟﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻳﺄﻭﻡ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺑﺘﺨﺰﻳﻦ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻭﺍﻟﺴﻜﺮ ﻭﺍﻟﺠﺎﺯﻭﻟﻴﻦ ﻓﻲ
ﻣﺘﺠﺮﻩ ﺍﻷﺷﺒﻪ ﺑﺠﺤﺮ ﺍﻟﻀﺐ ﺍﻟﺨﺮﺏ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻋﻀﻮ ﺑﺎﺭﺯ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ
ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ﺯﺭﺍﻉ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻣﺘﺰﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﺃﺗﻴﻦ، ﺍﺑﻨﺔ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ
ﻭﻫﻲ ﻋﻘﻴﻢ ﻻ ﺗﻠﺪ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺷﻘﻴﻘﺔ ﻋﺒﺪﺍﻟﺒﺎﺳﻂ، ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺑﺎﻹﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ، ﺗﺪﻋﻰ
ﻣﺮﻳﻢ، ﺃﻧﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻟﺪﻳﻪ ﻛﻤﺎﻝ ﻭﺇﻳﻤﺎﻥ . ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﺒﻄﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻴﺦ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﺒﺎﺳﻂ ﺃﺳﻄﻮﺭﺓ، ﻇﻠﺖ ﺗﺤﻜﻴﻬﺎ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺁﻣﻨﺔ ﻟﻠﻐﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺢ، ﻓﻲ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﻘﺎﺋﻆ، ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﺣﻀﺮ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺰﺭﻋﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻌﺔ
ﻓﻲ ﻣﻌﻴﺔ ﺭﺟﻞ ﻏﺎﻣﺾ ﻳﺮﻓﻞ ﻓﻲ ﺃﺳﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻴﺔ ﻭﻳﺤﻤﻞ ﺣﺒﻼً ﻣﻠﻔﻮﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ
ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ، ﻛﻌﺎﺩﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻤﺔ ﺍﻷﺻﺎﻟﺔ ﺗﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺗﺪﻋﻮ ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻴﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻌﻚ ﻃﻌﺎﻡ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ .. ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻐﺎﻣﺾ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ
ﻣﻌﻬﻢ ﻭﺩﻋﺎ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﺮﻛﺔ ﻭﺑﺎﺕ ﻟﻴﻠﺘﻪ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻧﺎﻭﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎﺳﻂ
ﺍﻟﺤﺒﻞ ﻭﺃﺧﺒﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻌﻮﺩ ﻟﻴﺄﺧﺬﻩ ﻳﻮﻣﺎً ﻭﺃﻧﺪﻓﻊ ﻓﻲ ﻃﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻭﺍﺧﺘﻔﻰ ﻛﺄﻧﻤﺎ
ﺍﺑﺘﻠﻌﺘﻪ ﺍﻷﺭﺽ .. ﻣﻀﺖ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻭﺍﻧﻔﺘﺤﺖ ﻛﻨﻮﺯ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎﺳﻂ
ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺨﻄﻮ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺜﺮﺍﺀ .. ﻧﺠﺢ ﻣﺤﺼﻮﻝ ﺍﻟﺒﺼﻞ
ﺍﻟﺬﻱ ﺯﺭﻋﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻮﺳﻢ ﻭﺍﺷﺘﺮﻯ ﺷﺎﺣﻨﺔ ﺛﻢ ﺃﺳﻄﻮﻝ ﺷﺎﺣﻨﺎﺕ ﻳﻨﻘﻞ
ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺒﻼﺩ، ﻟﻢ ﻳﻐﺮ ﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ
ﺣﺎﺝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎﺳﻂ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺎﻗﺎً ﻟﻠﺨﻴﺮ، ﺑﻨﺎ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺓ ﺑﺤﺮ ﻣﺎﻟﻪ، ﻭﻓﻲ
ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻄﻮﻟﻰ، ﻇﻞ
ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻳﻠﻬﺞ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺯﻕ ﻣﻦ ﻳﺸﺄ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﺴﺎﺏ، ﻭﻣﻨﺬ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻴﻦ ﺗﻤﻨﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻐﺎﻣﺾ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺤﺒﻞ
ﺿﻴﻔﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻮﻩ، ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ، ﺍﻟﺨﻀﺮ . ﺗﻤﻨﻮﺍ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺻﺎﺩﻓﻮﻩ ﻓﻬﻮ
ﻳﺄﺗﻲ ﻣﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺟﺎﻟﺒﺎً ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺤﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻓﻪ، ﻷﻧﻪ
ﻳﺄﺗﻲ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻓﻲ ﻣﻼﺑﺲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺘﺴﻮﻟﻴﻦ ﻭﻣﻈﻬﺮﻩ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻻ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ
ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺘﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻤﻈﻬﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ .. ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ
ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺎﺟﺔ ﺁﻣﻨﺔ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺯﻭﺟﺔ ﻋﺒﺪﺍﻟﺒﺎﺳﻂ . ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ﻣﻦ ﻣﺘﺠﺮ ﺣﺎﺝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ
ﻳﻠﻮﺡ ﺳﻮﺭ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻷﺑﻴﺾ . ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ، ﻣﻠﺤﻖ ﺑﻬﺎ
ﻣﻨﺰﻝ ﺣﻜﻮﻣﻲ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻠﻨﺎﻇﺮ، ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﻭﺩ ﺍﻟﺰﻳﻦ
ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﺯﻳﻨﺐ ﻭﻃﻔﻠﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ، ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺣﻀﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻞ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ .. ﻭﺩ ﺍﻟﺰﻳﻦ ﺭﺟﻞ ﺛﺎﺋﺮ ﻻ ﻳﺮﺿﻴﻪ ﺍﻟﺤﺎﻝ
ﺍﻟﻤﺎﺋﻞ، ﻋﺮﻑ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺛﻮﺭﺍﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺿﺪ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻭﻣﻦ ﻣﺆﺳﺴﻲ
ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺨﺮﺟﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺪﺡ ﺍﻟﻤﻌﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﺟﻼﺀ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ
ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ . ﻋﻨﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻭﻣﻨﺰﻝ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ
ﺍﻟﺠﺰﺍﺭ، ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ، ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﻳﻌﻤﻞ ﻛﺎﺗﺒﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﻗﻀﺎﺓ ﻣﻮﺳﻤﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ، ﻛﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺫﻭﻱ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ، ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺳﺮﺓ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ
ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺗﻮﻓﻰ ﻧﺼﻔﻬﻢ ﺑﺎﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﺔ، ﻭﺑﻘﻴﺖ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻣﻠﻜﺔ، ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﺍﻟﻌﻨﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺃﺟﻤﻞ ﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺷﺒﺎﺑﻬﺎ، ﺗﺼﺎﺭﻉ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﻭﺩﻫﺎ
ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻏﻨﻴﻬﻢ ﻭﻓﻘﻴﺮﻫﻢ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭﺕ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﻟﺸﻲﺀ ﻓﻲ ﻓﺆﺍﺩ ﺃﻡ
ﻣﻮﺳﻰ ﺭﻏﻢ ﺑﺴﺎﻃﺘﻪ ﻭﻻ ﻣﺒﺎﻻﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺒﺎﺑﻪ، ﺃﻭﻻﺩﻫﻢ .. ﻣﺤﺎﺳﻦ
ﻛﺒﺮﻯ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺛﻢ ﺻﺎﺑﺮ ﻭﺷﺮﻳﻒ ﻭﺯﻳﻨﺐ ﻭﻣﺴﻚ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﻭﻟﻴﺪ ﺍﻟﺮﺿﻴﻊ .. ﺑﻘﻲ ﺃﻥ
ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻭﻫﻮ ﻗﺒﺔ ﺷﻴﺦ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻨﺪ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ، ﺟﻮﺍﺭ
ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻡ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﻣﻨﺎﺯﻝ
ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﻭﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ *. * * ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺟﻠﺴﺖ ﻣﻠﻜﺔ ﺗﻌﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﺬﻫﺎﺏ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻞ، ﻳﺮﻗﺪ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﻜﺴﻮﻝ ﻓﻲ ﻓﺮﺍﺷﻪ ﻋﻨﺪ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﻗﺪ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﻏﻄﻴﻄﻪ
ﻭﺗﺤﺘﻪ ﺯﺟﺎﺟﺔ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻔﺎﺭﻗﻪ ﺍﺑﺪﺍً . ﻭﻛﻮﺏ ﻣﻠﻘﻰ ﺑﺠﻮﺍﺭﻫﺎ ﺟﻠﺴﺖ ﻣﺤﺎﺳﻦ
ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﻗﺪ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﺸﺎﻱ . ﺻﺎﺑﺮ ﻻﺯﺍﻝ ﻧﺎﺋﻤﺎً ﺳﺎﺑﺤﺎً ﻓﻲ ﺃﺣﻼﻣﻪ ﺍﻟﻮﺭﺩﻳﺔ .. ﻓﻬﻮ ﻻ
ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ ﻣﻐﻠﻮﻃﺔ ﺃﻭﺟﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ .. ﺃﻣﺎ ﺷﺮﻳﻒ ﻭﺯﻳﻨﺐ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻴﻘﻈﺎ ﻣﺒﻜﺮﻳﻦ ﻭﺟﻠﺴﺎ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﻗﺪ ﻓﻲ ﺇﻧﺘﻈﺎﺭ
ﺍﻟﺸﺎﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﺗﺤﻤﻞ ﺷﻘﻴﻘﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻭﻟﻴﺪ ﻭﺍﻟﺪﺟﺎﺝ ﻳﺠﺮﻱ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻭﻗﺪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻬﻴﻖ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺍ ﻟﺨﺎﺭﺝ، ﺍﻟﺘﻔﺘﺖ ﻣﻠﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻨﺘﻬﺎ ﺯﻳﻨﺐ -. ﺍﺫﻫﺒﻲ
ﻭﺟﻬﺰﻱ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ .ﻧﻬﻀﺖ ﺯﻳﻨﺐ ﻭﺳﻠﻤﺖ ﻭﻟﻴﺪ ﻷﻣﻪ ﻭﺍﻧﺼﺮﻓﺖ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﺗﻀﺮﺏ
ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺄﻗﺪﺍﻣﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ، ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭ ﻳﺘﺼﺎﻋﺪ ﻣﻦ ﺻﻨﺒﻮﺭ ﺇﻧﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﺎﺭ .. ﺍﻧﺰﻟﺖ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻹﻧﺎﺀ ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺗﺼﺐ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﻮﺍﺏ، ﻧﻬﺾ ﺷﺮﻳﻒ
ﻭﻧﺎﻭﻝ ﺃﻣﻪ ﻛﻮﺏ ﺍﻟﺸﺎﻱ، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﻜﺔ ﺗﺤﻤﻠﻖ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺻﺎﺑﺮ ﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ
ﻭﺍﻟﺪﻩ " ﻭﻣﻦ ﺷﺎﺑﻪ ﺃﺑﺎﻩ ﻓﻤﺎ ﻇﻠﻢ" ، ﻋﺎﺩﺕ ﺯﻳﻨﺐ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﺪﺕ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻭﺟﻠﺴﺖ
ﺗﺮﺷﻒ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ﻭﺗﻠﺬﺫ، ﻭﺿﻌﺖ ﻣﻠﻜﺔ ﻭﻟﻴﺪ ﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﺟﺎﻧﺒﺎً، ﻧﻬﻀﺖ ﻗﺎﺋﻠﺔ :
- ﻣﺤﺎﺳﻦ -!! ﻧﻌﻢ ﻳﺎ ﺃﻣﺎﻩ - ﺍﻫﺘﻤﻲ ﺑﺸﻘﻴﻘﻚ ﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﻫﺬﺍ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﺻﺎﺑﺮ
ﺩﻋﻴﻪ ﻳﺤﻀﺮ ﺇﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﻞ ﻭﻻ ﺗﻨﺴﻲ ﺃﻥ ﺗﻀﻌﻲ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻇﺔ ﻟﻮﺍﻟﺪﻙ
ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻭﻳﺤﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺇﻟﻰ ﺟﺤﻴﻢ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺁﺧﺮ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﻠﻜﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
ﺗﺨﺮﺝ ﻭﺗﻤﺘﻄﻲ ﺣﻤﺎﺭﻫﺎ، ﺗﺸﻖ ﻃﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﺮﺑﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﺘﺒﺎﺩﻝ ﺗﺤﻴﺔ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ
ﻣﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ
ﻛﻌﺎﺩﺗﻬﻢ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻨﻔﺲ ﺻﺒﺎﺡ ﺟﺪﻳﺪ . ﺧﺮﺝ ﺷﺮﻳﻒ ﺧﻠﻒ ﺃﻣﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ
ﺇﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ، ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﺃﺫﻧﻪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻙ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﺑﻴﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻭﺃﻣﻪ
ﺯﻳﻨﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻳﻒ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ ﺳﻠﻔﺎً، ﺯﻳﻨﺐ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﻬﺎ
ﺃﻥ ﻳﺄﻭﻡ ﻓﺮﻭﺿﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ﻳﺮﻓﺾ ﺫﻟﻚ، ﻫﺬﺍ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﻭﻓﺎﺓ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻭﺩ
ﺍﻟﺰﻳﻦ، ﺗﺮﻙ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻇﻼﻻً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻣﺤﻮﻫﺎ، ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺤﺪﺙ
ﺍﻟﺠﻠﻞ ﻃﻔﻼً ﻣﻨﻌﺰﻻً، ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻳﻒ ﻳﺮﺍﻩ ﻳﺠﻠﺲ ﻭﺣﻴﺪﺍً ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﻬﺮ، ﻳﺤﻤﻠﻖ
ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺃﻣﺎﻣﻪ .. ﻇﻞ ﺷﺮﻳﻒ ﻳﺮﺩﺩ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﻧﺼﻒ ﻋﻤﺮﻩ ﻟﻮ ﻋﺎﺭﻑ ﻣﺎﺫﺍ
ﻳﺪﻭﺭ ﻓﻲ ﺫﻫﻦ ﺻﺪﻳﻘﻪ، ﻛﺎﻥ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﻼﻣﺎً ﻏﺮﻳﺒﺎً ﺗﻘﺸﻌﺮ ﻟﻪ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ، ﻻ
ﻳﺤﺘﻤﻠﻪ ﺷﺮﻳﻒ ﻭﻻ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﺯﻳﻨﺐ، ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺟﻞ
ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ .. ﻻ ﺯﺍﻝ ﺷﺮﻳﻒ ﻳﺬﻛﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺑﺦ ﺻﺪﻳﻘﻪ
ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﻟﺮﻏﺒﺔ ﺃﻣﻪ ﻭﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﺻﺎﺡ ﻓﻴﻪ
ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻣﺤﺘﺪﺍً : - ﺃﻧﺎ ﻟﻦ ﺃﺫﻫﺐ ﻷﺻﻠﻲ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺘﺮﻫﻞ ﺣﺎﺝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ، ﻷﻧﻲ ﻻ
ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺧﻄﺒﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻔﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻣﻨﺬ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﺳﻼﻓﻪ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ
ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ -. ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ -. ﺃﻧﺎ ﺃﺻﻠﻲ ﻫﻨﺎ .. ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻧﺤﻦ
ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺲ
ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﻄﻤﻊ، ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻐﻮﻏﺎﺀ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗﻌﺞ ﺑﻬﻢ
ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺣﺎﺝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻫﺬﺍ . ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ ﻳﻌﺼﻔﺎﻥ ﺑﻤﻌﺎﻭﻳﺔ
ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﺘﺪﺍﻓﻊ ﻣﻦ ﻓﻤﻪ ﻛﺎﻟﺮﺻﺎﺹ .. ﺣﺘﻰ ﺷﺮﻳﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺘﻤﻠﻜﻪ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﻳﺒﺬﻝ
ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ﻓﻲ ﺗﻬﺪﺋﺔ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻭﻳﺤﺎﻭﻝ ﺍﺳﺘﺮﺿﺎﺀ ﺯﻳﻨﺐ ﺑﺸﺘﻰ
ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ . ﺇﻥ ﻏﻀﺐ ﺯﻳﻨﺐ ﺛﻠﺜﺎﻩ ﺣﻨﺎﻥ ﻭﺣﺐ ﻷﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺨﺎﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ
ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻠﻪ .. ﻛﺎﻥ ﻏﻀﺐ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻣﻠﻴﺌﺎً ﺑﺎﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻟﺤﺎﺝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻼﻋﺐ ﻓﻲ
ﺃﻗﻮﺍﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ . ﻇﻠﺖ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﻦ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻻ ﺗﻌﻜﺮﻫﺎ ﺷﺎﺋﺒﺔ
ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺷﺮﻳﻒ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺎﺝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ
ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﻩ .. ﺍﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﺍﺏ ﺿﺎﻝ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻱ ﻭﺩ ﻋﻤﻴﻖ ﺃﻭ
ﺍﻧﺴﺠﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﻭﻣﻌﺎﻭﻳﺔ، ﻇﻞ ﺷﺮﻳﻒ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﻤﺮﻧﺔ ﻳﻮﻓﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ
ﻭﺗﻨﻤﻮ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﻣﺘﺴﻘﺔ ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻣﺎﺫﺍ
ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭ . ﻫﺪﺃﺕ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺯﻳﻨﺐ ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺷﺮﻳﻒ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺒﻪ
ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻧﻈﺮ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻓﻲ ﺇﻣﺘﻨﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻘﺬﻩ ﻣﻦ ﻏﻀﺐ ﺃﻣﻪ ﻭﻗﺪ
ﺍﻣﺘﻸﺕ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮﻉ ﻭﺯﻳﻨﺐ ﻣﺎ ﻓﺘﺌﺖ ﺗﺬﻛﺮﻩ ﺑﻮﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﻭﺍﻟﺪﻩ .. ﻻ ﺯﺍﻝ
ﺷﺮﻳﻒ ﻳﺬﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﻰ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﻋﻲ ﻭﺩ ﺍﻟﺰﻳﻦ . ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﺮ ﻗﺎﺋﻈﺎً ﺁﻧﺬﺍﻙ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺻﻴﺎﺡ ﻭﺩ ﻣﺮﻳﻢ ﻧﺎﻋﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ، ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﺑﺒﺚ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻮﻓﺎﻳﺎﺕ،
ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻳﺘﺸﺎﺀﻣﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﻳﺠﻮﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻣﻤﺘﻄﻴﺎً
ﺣﻤﺎﺭﻩ ﺍﻷﺳﻮﺩ .. ﻓﻬﻮ ﺭﺳﻮﻝ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻣﺎ ﺳﻠﻚ ﻃﺮﻳﻘﺎً ﻭﺇﻻ ﺳﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻳﻠﺔ
ﻏﻴﺮﻩ .. ﻟﻢ ﻳﺮﺗﺢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﺑﻮﺳﻪ ﺇﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻏﺮﻕ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻞ
ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﻴﻦ ﺷﺮﻗﺎً، ﻏﺮﻕ ﻣﻊ ﻧﻔﺮ ﻏﻴﺮ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺎﺭﺛﺔ
ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺔ ﻭﺩﻓﻨﺖ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺟﺜﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺑﻤﻮﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻏﺮﻗﺎً ﺗﻨﻔﺲ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﺍﻟﺼﻌﺪﺍﺀ .. ﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻇﻠﺖ ﻋﻮﺍﺟﻴﺰ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻳﺮﺩﺩﻥ ﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ
ﻭﻳﻠﻜﻦ ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻬﻦ ﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ . ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﻳﺼﻴﺮ ﺑﺪﺭﺍً
ﻓﻲ ﺯﻣﻬﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻳﺨﺮﺝ ﻭﺩ ﻣﺮﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻣﻤﺘﻄﻴﺎً ﺧﻤﺎﺭﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺮﻕ ﻣﻌﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ﻳﻘﻄﺮ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻳﺘﺠﻮﻻﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻟﻴﻼً ﻭﻗﺮﺏ ﺍﻧﺒﻼﺝ ﺍﻟﻔﺠﺮ
ﻳﻌﻮﺩﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻮﺍﻫﻤﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻤﺎﺀ .. ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﺗﺴﺒﺐ
ﺍﻟﺮﻋﺐ ﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺷﺮﻳﻒ ﻭﻛﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ، ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺑﻴﻦ
ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﺮﻓﺎﺕ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻀﻲ ﺟﻞ ﻭﻗﺘﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﺎﻟﻲ
ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻳﻨﺎﺟﻲ ﺭﻭﺡ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺍﻟﻮﻓﻴﺔ، ﻳﺤﺪﻕ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻖ
ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺩ ﺍﻟﺰﻳﻦ ﻳﻮﻣﺎً ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ، ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻳﺘﺴﻠﻞ
ﺇﻟﻴﻪ ﻋﺒﺮ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺍﻟﺴﺮﻣﺪﻱ ﻭﻳﺠﻠﺲ ﺟﻮﺍﺭﻩ ﻳﺤﺪﺛﻪ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﺣﻴﺎﻝ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻭﺍﻟﺮﺿﻮﺥ ﻟﺮﻏﺒﺎﺗﻬﺎ .. ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺑﻦ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻴﻪ ﻓﻲ
ﺻﻤﺖ ﻣﺸﻮﺏ ﺑﺎﻟﺤﺰﻥ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺤﺰﻧﻪ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻐﻄﻲ ﺟﺴﺪ ﻭﺍﻟﺪﻩ،
ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﺼﻠﺐ ﻭﻋﻴﻨﺎﻩ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺘﺎﻥ ﺗﻤﺴﺤﺎﻥ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﻜﺌﻴﺐ .. ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺑﻦ ﻳﺴﺄﻝ ﻭﺍﻟﺪﻩ
ﻋﻦ ﺳﺮ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻐﻄﻲ ﺟﺴﺪﻩ ﻭﻳﺮﺩ ﺍﻷﺏ ﻓﻲ ﺣﻨﻮ ﺑﺎﻟﻎ " ﺃﻧﻬﺎ ﻃﻠﻘﺎﺕ
ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻳﺎ ﺃﺑﻨﻲ، ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺘﻈﺎﻫﺮﻳﻦ ."
- ﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺆﻟﻤﺎً ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ؟
- ﻧﻌﻢ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﺗﺠﺘﺎﺡ ﺟﺴﺪﻱ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﺧﺬﺕ ﺃﻋﻠﻮﺍ ﻭﺍﺭﺗﻔﻊ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ
ﺭﺣﻴﺐ ﺟﻤﻴﻞ ..
- ﻣﺎ ﻫﻲ ﺛﻮﺭﺓ ﺍﻛﺘﻮﺑﺮ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ؟
- ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺬﺑﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ .. ﺍﺳﺘﺒﺪﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺃﺩﻧﻰ .
ﻭﻳﻨﻈﺮ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻓﻲ ﺩﻫﺸﺔ .
- ﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺫﻫﺒﺖ ﻫﺒﺎﺀ ؟ ..!
- ﻟﻢ ﺗﺬﻫﺐ ﻫﺒﺎﺀ ﻳﺎ ﺍﺑﻨﻲ .. ﺑﻞ ﺩﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻳﻤﻠﻚ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ .. ﻻ
ﺗﺼﻠﺢ ﺛﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ .. ﻟﺬﻟﻚ ﺍﺣﺘﻮﺗﻬﺎ ﻛﻼﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ .. ﻭﺃﺟﻬﻀﺖ
ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ .
- ﺍﻧﻲ ﺍﻗﺮﺃ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮﺍﺗﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ ﻟﻲ ..
- ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻋﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺭﺣﻴﻠﻲ ﻳﺎ ﺃﺑﻨﻲ
- ﻻ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ، ﺇﻧﻲ ﺍﻋﺘﺰ ﺑﻚ ﻛﺜﻴﺮﺍً .
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻳﺤﻀﻦ ﺍﻷﺏ ﺑﺠﺴﺪﻩ ﺍﻟﻔﺎﻧﻲ ﺍﺑﻨﻪ ﺑﻘﻮﻩ ﻭﻳﺘﺴﻠﻞ ﻋﺎﺋﺪﺍً ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ،
ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻻﺑﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺑﻤﻼﺑﺴﻪ ﺍﻟﻤﻐﻄﺎﺓ ﺑﺎﻟﺪﻣﺎﺀ .. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻳﺰﻋﺞ ﺯﻳﻨﺐ، ﺑﻞ
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻼﺑﺲ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻨﻮ، ﻭﺗﻨﻀﻮﻫﺎ ﻋﻨﻪ ﻭﺗﺴﺘﺒﺪﻟﻬﺎ
ﺑﺄﺧﺮﻯ ﻧﻈﻴﻔﺔ ﻭﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻤﺨﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﺮﺗﻬﺎ ﻭﺗﺒﻜﻲ ﻭﺗﺒﻠﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮﻉ،
ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺗﻌﻮﺩ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺳﻮﺀ ﺑﻔﻌﻞ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻷﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ
ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺈﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻘﻄﻨﻴﺔ . ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﺎﻥ ﻛﺎﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﻳﺤﻤﻼﻥ
ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﻣﻠﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺸﻘﺎﻥ ﻃﺮﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ .. ﺣﺎﻓﻠﻴﻦ
ﺑﺎﻟﻀﺠﺮ .. " ﺗﺒﺎً ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﻄﻠﺔ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴﺔ ﺍﻟﻠﻌﻴﻨﺔ .. ﻣﺘﻰ ﺗﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ
ﻭﺗﺮﻳﺤﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ؟ ! " ..

أنت تقرأ
الساقية تأليف/عادل الامين
Romanceالساقية : هي آلة تستخدم في الري ، فهي من ابرز الآثار التي ورثت من العهود النوبية القديمة ، وظلت الساقية معلما بارزا ، وتمثل الوسيلة الزراعية الوحيدة في كثير من مناطق السودان.