اكتب الان وانا اعرف ان ساعي البريد قد غاب للابد،وان زمن الرسائل الورقية انتهى مذ اقتحمت التكنولوجيا بكل سطوتها وجبروتها تفاصيل حياتنا،مذ صرنا معلقين بالهواتف النقالة،والبريد الالكتروني الذي جمد عواطفنا،وقضى على الكثير من اللهفة، اكتب وانا اعرف ان الحكايات التي اثقلنا بها الغيم الابيض لن تمطر علينا واقعا اجمل، وان الذين رحلوا لن يعودوا،والذين اكلتهم الغربة لا يغريهم الوطن بعد ان سلبتهم الغربة عقولهم ببريقها وبذخها.
وبعيدا عن كل شئ، عن الغربة والغياب والراحلين،هدأ الكوكب، او ربما هذا الحي الريفي الذي صار كوكبي بعد ان هزمتني المواعيد التي لم تنجب لي قصة الحب التي انتظرتها طويلا، والحكاية التي حلمت بها، والفارس الذي رسمت صورته في مخيلتي. وبين اوراقي وفي قصائدي وادق تفاصيلي، الحكاية التي اردت ان احياها، لا ان اكمل ما تبقى من حباتي وانا احلم بها.
الغرفة هادئة كما اعتدت كل مساء، لا احد يشاركني طقوس المساء بين الحدران الاربعج التي تحيط بي، فبعد تناول طعام العشاء يتفرق افراد العائلة كلٌ الى ((وكره)) كما اقول لهم دائما على سبيل المزاح، فامي تعد الدروس التي ستقوم بشرحها لطلبتها غدا، وابي ينشغل بمتابعة الاخبار التي لا جديد فيها بعد ان غرقت برائحة الدم، والبارود. واما الاخرة والاخوات فكل وشانة الذي يختلف ياختلاف اليوم.
وحده صوت الموسيقى الدافئة ((kiss the rain)) (فوق في الميديا) يدق ابواب الذاكرة، وصوت صرير القلم الذي يتعارم مع الصفحات البيضاء الهاربة من حمى البوح، والشموع المعطرة بنكهة اللافندر، يشاركونني كهفي الصغير هذا.
ما زال ضوء غرفتها مشتعلا كشمس تتوهج في صباح صيفي، منذ انتقالنالهذا المنزل لم المحها الا من خلف الستائر البيصاء التي تغطي نوافذ غرفتها، ولم اسمع من شرفتها الا انغام الموسيقى الحزينة، التي تنبعث في وقت متاخر من المساء، ولا تتوقف حتى الفجر على وتيرك واحدة.
اعرف في قرارة نفسي ان وراء الابواب الموصدك حكاية عميقة علمتها العزلة، والصمت، واجتناب ثرثرة البشر، والحارات السيئات اللواتي يجتمعن كل صباح على فناجين القهوة والنميمة، كمحلس الدولة الاعلى لبحث امور الحي التي من المفترض ان لا تعتيهن، لكن الفضول القاتل يحرضهن عل عدم تفويت جلسة من الجلسات التي تكسر الروتين الذي تسير عليه ايامهن في هذا الحي الهادئ.
انا لا اراها، لكني اشعر بحركتها في اروقة البيت جيئة وذهابا، واشعر بالنسيم يتسرب من الشرفح المفتوحة مقتحما الغرفة ليعبث باطراف ثوبها الطويل الذي تكاد تتعثر به في مشيتها.
ما زالت سرا مدفونا في بئز عميف، حتى ليخيل الي احيانا انها لا تحدث الجدران كما افعل، لان ((للحدران آذان)) تنصت الى كل صغيرة وكبيرة، وقد تشي بالحكايك لجدران البيوت المجاورة.
اكتب اليكَمن الوطن، من مدينتا، وشوارعناعسى ان تحمل الكلمات اشواقي الى بلاد الغربة الباردة التي تسكن فيها، اكتب اليك الان وانا احاول ترتيب ابجديةكادت تفلت من يدي، وتطيح بي عن عرشها، بينما اصطاد الغيم على سرير الوحدة والحنين.
احاول تجاهل رحيلك، وغربتك، ومسافات كبيرة امتدت بيننا من دون ان نملك حولا ولا قوة لتغيرها كما تهوى انفسنا، ومن دون ان نملك في جعبتنا شيئا يسد ظمأنا للقاء عاجل يجمعنا على ارض الوطن.
اين انت الان؟ ايك بقعة من هذه الارض تحتضنك؟
هل تتذكرني بين وقت واخر، وتهمس لنفسك ((اشتقت جنونها))، ام انك انشغلت بالعمل وفوضى الانتقال الى بلد غريب لا يشبهك.
هل حدثت البحر عني (كما وعدت)
ام انك القيت بي الى اليّم
واصدقاؤك؟
هل راوا المراة المجنونة في عينيك
ام سمعوا كلامي الذي يجري على لسانك؟--------------------------------------------
hey guys ✌🏻️✌🏻
520 كلمة
الجزء الاول من الرواية بتمنى يكون عجبكم
فوت وكومنت بليزbyeee ❤️❤️

أنت تقرأ
يافا
Randomبَعْدَ أَعْوامٍٍ عِدّة قَدْ تَقْرَأً هذا الْكِتاب لأَطْفالِك لا أَدْرى حَتّى هذِهِ اللَّحظة إلى أيّ أم سَيَنتَمون قُل لَهُم : المَجْنونة كانَتْ تُحِبُني كَثيراً. جاءَتْ إلى القَلْبِ على غَيْمة وَتَرَكَتْ خَلْفَها الكثيرُ منَ المَطَرِ. عُد حبيبي...