.
- قلتي فقد ذاكره مؤقت؟
قالت ملاك لآلاء وبيديها كتاب ذا غلاف أبيض:
- نعم؟
- يقول هنا " هو نوع من فقدان الذاكرة المؤقت ينتج عن صدمة قوية للشخص، فينسى كل شيء عن تلك الصدمة، ولكن قد تعود إليه ذاكرته عندما تمر به نفس ظروف تلك الصدمة مرة أخرى"
- من أين هذة المعلومة؟
- من هذا الكتاب " أسباب فقدان الذاكرة ومضاعفاتها"
- منذ متى وأنتي مهتمة بعلم النفس؟
- لم أهتم به، لكن وجدت هذا الكتاب في مكتبة والدي، فيه أشياء عجيبة، منذ البارحة وأنا أقرا منه واحضرته معي للمدرسة.
- دعيك من هذا، هل تذهبين معي لحفل تكريم الفائزات بمسابقة الرسم أو لا؟
- آلاء! أخاك مريض في المستشفى وأنتي تحضرين الحفلات!
- ماذا! أنا كنت عنده طوال الوقت، أذهب إلى المدرسة ثم أعود له، لقد تعافى وسيخرج اليوم من المستشفى، هل تحضرين معي الحفل الآن؟
-طبعاً سأحضر، لماذا أنا صديقتك إذا.
أنهت صديقتها جملتها بقهقه مرحةوفي المستشفى،
-سارة، دعي ضاري يأتي لمنزلي، أفضل من وجوده عند عمه، أو على الأقل حتى يحل مشكلة السلاح المفقود.
-لكن، أنا أريد أن أراه معافى بجانبي، لا أستـ..
-أمي... سأذهب لمنزل خالي.
-لكن قد يحدث لك شي و...
-لا... لن يحدث شي، حتى لو حدث، فالمسافة بين منزل عمي غالب ومنزل خالي شارعين فقط، والمستشفى قريب.
يدخل الطبيب إلى الغرفة ويقول:
- تستطيع الآن أن توقع خروجك من المستشفى ياضاري، وإذا أحسست بأي ألم مفاجئ وغير معتاد فاحضر للمستشفى مباشرة، هذه هي وصفة الأدوية.
يتناول خاله أيوب ورقة الدواء:
- شكراً دكتور
.مرت ثلاثة أيام على خروج ضاري من المستشفى وقد تحسنت حالته ويستطيع المشي على قدميه ولكن بعرجة بسيطة وبعض الألم في عظامه.
كان يمشي في الطريق المظلم ذا الإنارات المكسورة ماعدا واحدة تنير نهاية الشارع، مطأطئ برأسه ويمشي ببطئ وينظر إلى قدميه وهي تضرب الأرض وتحدث صوتاً، كانت الوقت متأخر من الليل، والطريق خالٍ إلا من سواه وهادئ إلا من صوت وقع حذائه على الطريق المزفلت، فالجو بارد هنا، لا يجرؤ أحدٌ على الخروج، كان مرتدٍ بنطالاً أزرق وقميصاً أخضر ذا رسومات وخطوط عشوائية ومتلثم بشماغه كعادته السابقة عندما يخرج ليلاً في الشتاء، كانت النسمات الباردة تلعب بقميصه وطرف شماغه وتحركه يمنة ويسرة. وكان فكره مشغول بمحاوله تذكر آخر شيء حصل له عندما كان في البرية ومعه السلاح، مالذي حدث له؟ هل هاجمه شخص؟ هل ضاع وشعر بالظمأ والجوع؟ كانت لديه الكثير من التوقعات لكن أياً منها لا يفسر ألم العضام الفضيع التي حتى الطبيب لم يجد تفسيراً لها.
تذكر ضاري السيارة التي قاد بها، أين هي؟ هل على حالها في البرية؟ أم أن الرجل الغريب قادها لمنزل عمه وركنها هناك؟
.اتجه نحو منزل عمه غالب، لكنه يقف عندما يلاحظ ظل شخص عاكس أمامه التفت نحو الشخص فرأى رجل بثوب أبيض مائل للصفرة من شدة اتساخه وبشعر أسود كثيف ومبعثر، واضع يديه خلف ظهره ومستند على الجدار ومثنيا إحدى قدميه تجاه الجدار، ابتسم الرجل ابتسامة صغيرة غريبة عندما نظر إليه ضاري، كان يقف بجانب باب منزل عمه:
- ضاري، صحيح؟
- من أنت؟
- لا عليك، أنا أعرف من أنت، وأعرف ماحدث لك.
- عن ماذا تتكلم؟
- عن ماذا اتكلم؟ اتكلم عن الشيء الذي تحاول تذكره ولم تستطع، أنا أعرفه.
- أنت هنا مرة ثانية!
قطع حديثه صراخ غالب للرجل الغريب وقد خرج من المنزل:
- ألم أقل لك لا تقترب من منزلي أبدا!
اختفت ابتسامه الرجل واعتدل في وقفته واقترب من ضاري ووضع يده على كتفه وقال بصوت منخفض وبلهجة جادة:
- إذا كنت تريد ما حدث لك، تجدني في الوادي.
ابتعد الرجل، ثم التفت لغالب وابتسم ابتسامة ساخرة وأكمل طريقه.
تشتت نظرات ضاري بين عمه وبين الرجل الغريب وهو يبتعد.
- أتعرفه؟
- ما دخلك؟ لم أتيت إلى منزلي أصلاً، ألم أقل لك لا تأتيني بدون السلاح، كم صبرت عليك من أجل والدتك، لكن سأعطيك مهلة حتى تحضر السلاح لي.
التفت ضاري إلى آخر الشارع لكن الرجل الغريب قد اختفى.