صديقتي .. سأبحث عنك ، و إن لم أجدك :
سأجوب البراري و الأدغال بحثا عن كهف يحضن وحدتي من دونك
سأقطع ألاف البحار لأصل لغصن شجرة تعوضك و تمسح غيث أقداحي
سأضيع في مدن الدمار الكئيب علني أجد لك أثرا حتى و لو خطا على جدار مندثر.
سأحلق عاليا ، لأسد جوع قلبي من ثمار الغيم الرمادي .
حرب بيني و بين لقياك ، لم تكن يوما بمجرد حرب ، لم تكن يوما تعبيرا مزاجيا ، لم تكن و لن تكون مجرد صراحة أطلقتها كي لا أختنق.
الحياة ٱحتراق ، أجل إنها كذلك
تمنيت الموت عله يطفئ حرقتي
عله يمحي ذكراك الخالدة
حرب كنت فيها للخصم و الحكم و لكن فشل قرار الحكم بنهاية الدمار.
ربطت بعنقك سلامي النفسي
آمنت انه سيأتيني يوما ، و لو للحظات ، آمنت بذلك ، إنتظرته ، أعطيته ثقة عمياء.
لكن السلام لم يأتي و أنت لم تأتي .
قليل ممن أثق بهم أخبروني أن أبحث عنك و عنه .
كنت صغيرة حينها ، كنت أجوب الشوارع ليلا بحثا عنكما ، كنت أعلم أنكما تتجاوران.
كنت أعلم أنكما لا تفترقان .
أتذكر ليلة سهرتها على سطح المنزل ، أترقب مجيئك ، ليلتها خطرت ببالي مقولتك :
" أشعري صغيرتي ، فقط أشعري ، ستجدينني بإحساسك ، سنلتقي بالأفكار "
ليلتها ، رأيت الله ، شعرت بوجوده قربي أكثر من ذي قبل ، رأيته بقلبي الطاهر المشوه بسموم الدنيا .
كنت سعيدة حين رأيته ، سعيدة لدرجة أني كنت أقف على أطراف أقدامي الحافية ، إرادة في الوصول إليه ، إرادة في لمس السماء.
كنت ضعيفة لكنه زادني قوة
كنت وحيدة دونك ، لكني تعلمت أن أكون رفيقة لنفسي.
كنت طفلة مؤدبة ، خالطت من أصحاب السوء بعدك مالا يحتسب ، لكني لم أتغير .
كنت دائما أتشبث بكلامك و خاصة حين تقولين :
" لا تتغيري ، لا تفكري فلسفيا لحد الجنون ، بل أشعري فقط أشعري ، ستجدين نفسك في صميم المنطق و الصواب. "
علمتني أهم درس تلقيته ، و كنت دائما تكررين :
" السماء بعيدة و لكن الله قريب ، هو قريب لدرجة أنك لا ترينه ، لا تلمحين ظله بل فقط تشعرين بوجوده. "
و هذا ما كنت أفعله ، أتردد إلى الله كلما ٱشتقت إليك.
و كما كنت ترددين دائما :
" الأدب ، لم يكن لديني دور في تربيتي ، فالرب موجود و الإنسانية مزروعة داخلي ، جانبي الإنساني كان دائما ما يحثني على الأفضل ، جانبي الإنساني لم يجعل مني مجرد عبدة تتبع دينا معينا ، لا ، بل جعل مني إنسانة بفطرتها تتبع الرب.
إن الإنسانية يا صغيرتي ، يصحبها الخير
إن الإنسانية -يا صديقتي- في حد ذاتها دين يقودك لعبادة رب واحد ."
مازلت أعيش على أراضي الحزن في غيابك
حيث الثلوج لا تذوب أمام ٱشتعال القلوب البائسة ، و إنما تذوب تحت شمس الفرح الحارقة لتخلف وراء ٱنصهارها مياها جارفة تغرقنا .
لا أعلم إن كانت ذكراك تلاحقني أم أنني كدت أنسى ...
لكن ما أعلمه أنك تبقين - و بعد رحيلك - هبة من السماء ، جعلتني أفكر فيك أضعافا ، و أشعر بك أضعافا و الأهم ، أن أفكارك رغم عدوانيتها ، جعلتني إنسانة ترى الرب.
إنسانة ترى الرب بقلبها ...
فشكرا لكل راحل لم يود الرحيل
و شكرا لكل رائد للرحيل و لم يرحل
و شكرا لذاكرة مزدحة بك و بإنسانيتك ...عظيمة يا أنت و ستبقين عظيمة كما عهدتك.
لا تتأخري في زيارتي
لا تجعلي للدرب الطويل نهاية
سنلقي يوما على رمال الغيوم
سنلتقي ...
* اللانهاية *
أهلا !
هذه ثاني قصة قصيرة أكتبها و أنشرها في هذا الشهر .
* العنوان
* الغلاف
* الوصف
* الأسلوب ...
* كلمة لي
* إنطباع حول "عواء روح" .
أنت تقرأ
عواء روح
Short Storyآخر ما صرحت به تلك الصديقة الراحلة : " كنت ذئبا فٱصطادتني الوحدة..." *ليست قصة خيالية بل واقع*