الصمت

85 3 1
                                    


في احدى ليالي الف ليلة وليلة.........

في حلماً بين الف حلماً وحلماً.........

في مكان غير مكاننا...... وزمان غير زماننا........

كنتُ واقفاً ومن حولي حشداً كحشد النحل من حول خليته....... كحشد النمل فوق عشها..........

بعيداً عن عالمنا....... في مملكة تدعى مملكة السماء......

ومن امامي رجل مسن.......ذا لحية بيضاء طويلة............

رجلاً ذا حكمة.....حكمته توازي حكمة سليمان ..........

ومن امامهُ امرأة في منتصف عمرها تسأل الحكيم....... بصياحً .......بتهريج

المرأة: يا سلطان هذا الزمان. اني اناديك برب كلُ ذي رب. باي ذنب اخذا ربك ابني ذي سبعة شهوراً في بطني. اي ذنباً قد اقترفوه ذاك الذي لم يولد.

الحكيم: رويداً رويداً يا حواء........... اتسأليني عن المولود الذي لم يولد. عن ابنكي الذي ماتا قبل ان يولد.

وقبل ان تحركا المرأة فاها.....

ناد الحكيم بصوتاً عالي: اعطي ما لله لله وما للتراب للتراب.

فنمنما الجمع يتسألون عن ما بباطن طلاسيم كلمات الحكيم

ثم سكنا المكان صمتاً مريباً كصمت قابيل عندما قتل هابيل.

لم يدرك الجمع الغفير ولا المرأة عن معاني كلمات الحكيم....

فكسرت المرأة الصمت الغريب وكررت تصرخ :

باي ذنب اخذا ربك ابني ذي سبعة شهوراً في بطني. اي ذنباً قد اقترفوه ذاك الذي لم يولد.

سكنا المكان الصمت للمرة الثانية.

ثم قالا الحكيم: أمن البيضة يأتي الطير ام من تراب؟

فأجابا الجمع: من البيضة

اذاً ليكن ما للبيض للبيض وما للتراب للتراب.

فلم يدرك الجمع والمراة ما قالهُ الحكيم...... كلماته بدت كطلاسم..... كلغز مغامرات سندباد......كأحجية ابدية

فقالت المرأة للمرة الثالثة وهي تصرخ: باي ذنب اخذا ربك ابني ذي سبعة شهوراً في بطني. اي ذنباً قد اقترفوه ذاك الذي لم يولد.

فأجاب الحكيم: الطير من بيضا..... ونحنو من تراب....... اما تلك الروح ذو المئة الف عام, تلك الروح غريبتاً عن ذاك الجسد. لا روحي تعرفوه جسدي ولا روحك تعرف جسدك. فبأي ذنب تسألين عن روح لا هي بروحك ولا هي بروح جسد ابنك. فتلك الروح غريبة عن ذاك الجسد.

فالارواح لسيت معلقة بجسد. اما روحكِ وروحِ وروح هذا وذاك, فهيا ارواح محصورة بين هذا الجسد وذاك ومتى ما حررة فقيل انها انولدة من جديد. فتلك الارواح ازالية كانت وابدية صارت . فويحكي يأمراة وويح هزيجكي و انينك لشيء ما كان لكي ولا صار. فطوبى لمن اختار الموت سبيل الحياة. فما الموت ألا بداية الحياة وما الحياة ألا بداية التكويين. فبأي ناموس تستبيدين الموت عن الحياة وهو ينبوع الحياة.

**********

ها انا الروح. لا جسد يسيجني, ولا عقلاً يحتكرني فيستأمرني بشراً وخيراً. وما الشر ألا نواة الخير وما الخير ألا استبيان بما فعُل ويفُعل من أفعال ناقصة بأطروحة الشر. فالشر هو ينبوع الخير ولا يسمى خيراً ألا ان كان شراً. وها انا حراً بين كل تلك التصاريف التي تستبيدني وانا السيد, وتحتقرني وانا المظلوم و ترمقني وانا الروح. فبأس الحياة هذه التي يسموه البشر. اما حياتي انا فلا اتذكر بدايتها. ألا ان تحرري من تلك الحياة البشرية فأسميه مولدي. لا عمر لي ولكن انا تلك الروح التي ولدة بعد موت جسدي هزيل المنظر كريه الرائحة. انا ذو اليومان من موت جسدي, وولادة ابديتي, ابدية الروح.

          


أرواححيث تعيش القصص. اكتشف الآن