أن تعيش مع عائلة كثيرة التنقل هي أكبر مشكلة تصادفك , و خصوصا إذا كان رأيك مثله مثل ذبانة ازعاج تطن بالقرب من أذانيهم , فيضربوها أو يصعقوها أو يرشوها , أو يفتحوا نافذة السيارة ليسحبها الهواء و تموت .
تنهد بكل تعب وهو ينظر لعائلته يجلس خلف مقعد السيارة
ثم نظر لأخته الصغيرة تلعب بهاتفها المحمول وهي متحمسة حتى خسرت فرمت الهاتف على الأرض تصرخ غاضبة
: " عندما كنت في عمرك لم يكن عندي هاتف "
بوقاحة : " إذا ؟ "
ارتدى سماعات هاتفه قائلا : " لا شيء فقط كوني ممتنة "
الشرود إلى عالم آخر هو عادتا ما يفعله , و كأنه يحمل هموم الدنيا على أكتافه , فتح هاتفه ينظر إلى تاريخ اليوم
هم الآن في إجازة صيفية , ولقد استغلت الأم هذه الإجازة للانتقال لمنزل جديد , منزل ذي أجواء هادئة .
لا زمجرة سيارات , ولا قطط شوارع تغني ليلا , ولا جارة غثيثة , ولا رائحة قمامة تنبعث من الأزقة , لا لصوص حقائب ولا نشالين , ولا زحمة مرور , ولا أسواق غالية , ولا ناس متباهين ... إلى آخره
و بعد رحلة سفر طويلة دامت سبع ساعات دون توقف وصلوا إلى القرية و توقفوا أمام منزلهم الجديد بحلة القديم فمنظره من الخارج لا يبشر بخير بل يبشر بعمل لا يقل عن شهر , فالسقف لن يصمد أمام أول قطرة مطر , النوافذ تحتاج لتغير بالكامل , و الباب لا بأس به و رغم ذلك يحتاج تغير .
أول ما فتحت أخته الباب أطلقت صرخة عظيمة جعلت من بعض النوافذ السليمة تسقط !! : " فآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآر !! أمي فأر فأر !! "
خلع الأب الحذاء : " أين هو عزيزتي "
دخل إلى المنزل فسمعوا تحطيم و سقوط أشيء , و جري , يحلق خلف هذا الفأر , و ابنته تشجعه متحمسة : " عليك به أبي !! "
بينما الابن أخذ ينزل الحقائب من السيارة يراقب والده بأسى
ثم خرج ووجه بالكامل مخدش فقال وهو بإنجاز : " إنه ليس فأر إنه سنجاب عزيزتي "
فرماه على الأرض و أسرع لأقرب شجرة .
اقتربت الأم تصرخ عبر الهاتف : " ألم أدفع لكم ترمموا المنزل !! لا يهمني !! .. أقسم أنني ... لا يوجد تشويش !! "
: " أمي .. هل هنالك خطب ؟ "
: " إنها شركة الصيانة اللعينة !! "
و بعد حرب مع سنجاب عنيفة يجب أن يروق رأسه بسيجارة من النوع الثقيل , فقال وهو يطلق أنفاس دخانية كالتنين : " أتعرفون ما الشيء الرائع هنا ؟ ! لن يؤنبك الضمير عندما تدخن - يقترب إلى شجرة وينفخ على أوراقها وهو يتحدث إليها - أعلم أنه يعجبك ... تشعر أنك تنقذ حيات شجرة "