انا

63 5 0
                                    

ماهذا الشعور الغريبب الذي يقطع احشائي ويمزقني إلى قطع صغيرة لا يمكن إعادة لصقها ببعضها البعض.
اظن انني فهمت الان لماذا الاولاد الصغار يبكون بعد نوم عميق تغلغلو فيه .على الارجح يحسون بالوحدة تقطعهم و تتوغل في قلوبهم الصغيرة لتعصر كل الحنان و الطمانينة التي كانتا فيه و تترك فراغا تعلنه الوحدة منطقة محتلة ...
تخبطت في نوم عميق كان من اللازم ان يكون نوم الليل لكن قطعت خارطة اليوم و قلبت الليل نهارا و النهار ليلا .
رجعت من الجامعة بنوع من الخيبة و إحساس بالندم ...اخذت وقت العودة إلى الإقامة ملتصقة بسماعات الاذن التي اصبحت جزءا مني  ......من اغنية إلى اخرى بدون التمعن في الكلمات لان طبيعتي ان استمع إلى لحنها و بعد اسبوع من سماعها اكتشف الكلمات التي كانت تقال و هذا سيحدد ماإذا كنت ساكمل سماعها او اعرضها إلى خطر النسيان و الحذف .
وصلت إلى الإقامة اجر معي ألمي الذي اثقل علي المشي .فاصبحت معوجة كإعوجاج النخلة التي تكون صاحبة طول فارع و إستقامة جميلة لتنهيها بإنحنائة إلى الامام "قطعا" لم اكن كذلك فقد تكورت كلي الى الامام .
كتفين مائلين و كأن جبال الدنيا عليهما او كأن للارض حبالا قاسية تسحبني باتجاهها كلما امشي عليها ......يمكن ان يكون نوعا من العقاب لاننا دائما ندوس عليها بكل انواع الاحذية فإما يكون الحذاء رياضيا حنونا على تربتها او يكون ذا كعب عالي ينقرها مع كل خطوة لهذا إختارت الارض هذا اليوم لتلصقني بها .....
ذهبت إلى المطعم لاكل بعضا من طعامهم كي ازداد قوة لكن كلما افتح فمي لادخل تلك القمة إليه حتى تكاد كل امعائي تخرج  دون إرادتي. فتوجهت إلى بائع العقاقير علني اجد ما يرجعني قوية كالحصان إشريت زعترا بدراهمي التي تحتضر و صعدت الادراج واحدة بواحدة تمنيت لو كان هناك من من اعرفه ليساعدني على الوقوف.
صرت ابكي من الالم فقد كان ينتزع احشائي ببطئ تمنيت فيها لو اسرع و تركني ارتاح .
فتحت باب غرفتي و لم اجد نفسي إلى مرتمية في احضان الارض فقد إستسلمت إلى تلك الحبال التي تجذبني إليها علها ارادت ان تحضنني و تنسيني وحدتي .....
شربت قطرة من الزعتر عبرت إلى بطني بسرعة ...كانت ساخنة و كانني التهمت نارا ..
ومع هذا لم تساعدني على تخفيف الالم بل و زادت علي شقائي ....فعاندتها و إبتلعت باقيها في ثانية و إرتميت على السرير آملة ان يترحم علي بحنانه و دفئه و يترك لي مجالا للراحة ....
نمت ....غفوت....و....لحظات يزورني الالم ليذكرني انه لم يبتعد عني و إنما اعطاني فرصة الهروب من دونه .....لكنني ظننته افلتني إذ انه هو الآخر تعلق بي بحباله التي تشتد كلما نسيته ....
لنعتبر ان الالم وقع بحبي ولم يرد تركي وشاني حتى اقع في شباكه .هل من الممكن ذلك؟ ....فلا يوجد إنسان يتلذذ صحبة الالم ..او يشتهي تذوقه ...فنحن البشر نبتعد عن ما يؤلمنا حتى لو كان اعز شيء لنا .....
*********
فارقني الالم اخيرا بعد ان فقد الامل في ان يجعلني ملكه.....ضعت في متاهة  النوم حتى تلك الرنة على الهاتف التي افجعتني و ايقظت حب  الالم من جديد ..
رفعت السماعة و بكلمات تتخللها الهواء قلت :
"الو "
و إذا بصوت لا اعرف صاحبه ...نعم إنها فتاة و لكن ما هاته النبرة .....كانت تقول بنبرة حادة :
_"ازربي هبطي ليا ضرك بعد".
و انا اردت ان اتعرف عليها من خلال الصوت لكن الحيرة و الدهشة غلبت تفكيري فقلت لها :
_"لماذا؟" و كانني عرفتها. لتجيب :
_"ازربي برك ارواحي عندي ".
من انتي و كيف آتي إليك .و لم تقولي اسمك او حتى رقم غرفتك .
قلت و انا لاأزال تحت وطئة الدهشة:
_"خلاص مالا ، نعم".
و إذا بها تقفل الخط في وجهي رحت استفسر عن الرقم الذي يناديني ان اتي عنده بلهفة ...فإذا به غير مسجل في قائمة الاشخاص الذين اعرفهم !!!! هل وصلت إلى حد الهلوسة هل هذا من عقاب الالم و إنتقامه لانني ابيت ان أقبل حبه.....ام انني جننت مثلما قالت امي .
طلبت اختي بالهاتف لان الرقم كان يشبه رقمها و
كانت عيناي قليلا ما تنفتح من شدة التعب. اكلمها و انا لا احتمل ثقل الهاتف ، وضعته على وجهي و انا مستلقية على السرير عاجزة عن تحريك اطرافي،
قلت :..."نتي للي هدرتي معايا ضرك ".
قالت بتعجب: ..."لالا بصح علاه ".
قصصت لها ما جرى فضحكت و قالت لماذا لم تستفسري الإسم .
ذكرت لها سبب تعبي و ان الالم يلاحقني
و اتممنا حديث الفتيات فنسيت دهشتي
رميت الهاتف بعد المكالمة.
إحتضنت وسادتي و دخت في النوم!
وكانت الساعة السادسة عندما نهضت و احسست الوحدة تقتلني.^^
تمت

Je^^Où les histoires vivent. Découvrez maintenant