سنونوة و كمنجة

1.4K 74 10
                                    

خلف أجنحةِ الرياح
و في منأىً عن شجرة الصفصاف القديمة
توارت سنونوة.
لا لشيءٍ، إلا انتظار المساء.
شغوفةً، مجنونةً، بذلك الصوت العميق
لحظة انزياح الضوء و انحساره،
و تراقص الهندباء مع الشفق.
لم تكن مغرمةً بالشمس
بل ببناتها:
خيوط الضوء اللا مرئي،
انعكاسُ القمر على سطح البحيرة،
و كوكب الزهرة لائحاً في دُجى الفجر.
يحلُ الليل بكوكبه: الصمت،
فيغرق التلُ في سكونٍ مطبقٍ.
في أسفل جرف الذاكرةِ، تقع السنونوة،
تراقب أحلامها المأطرة بالشغف
تدنو من الأفقِ البعيد للزمن.
لا شيء قد يعكرُ صفو هذه اللحظة،
 إلا اضطرابٌ في المشاعر و الأفق.
تنوح السنونوة: الحزن يلي الحياة!
يطول الانتظار
ينقضي الألم بليله
و يغدو الصباح.
لا شيء يدعو للبقاء، و لا الرحيل!
قالت السنونوة تداعب أجنحةَ الحمام المرفرفِ فوقها.
استرسلتْ:
لا ساعةُ الموتِ حانتْ
و لا الموؤودة اختنقتْ!
لازالتْ تخبيءُ بعض المفردات،
تتنفس الذكرى
و ترتوي بالمعجزات.
-
على عكس السنونوة البائسة
كانت إحدى الكمنجات
تعشقُ الصباح
و شجرة الصفصاف.
لكنها، كانت سقيمةً بالعَطَب.
"الموتٌ و الحياة،
و لا شيءَ بينهما،
إلا الكثير من النواح"
تقول الكمنجةٌ ملتحفةً أوتارها استعداداً لهيجان الرياح.
تأتي الرياح
محملةً بأصداء عاشقين من أرضٍ بعيدة.
تهمسُ السنونوة في أذني الكمنجة:
" فلترقصي و لتنتشي فإن عيد الكون حان"
تهزُ الكمنجةُ أوتارها
يتصاعد من جوفها الدخان
ليشي عن تفاعلٍ زمني
أودى بالماضي الذي ما كان.
تتحلل الكمنجة، يتلاشى جثمانها
ثم تستحيل أوتارها أصداءاً، تهمس في التلال:
"و الكثير من النواح".

قهوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن