1

78 4 0
                                    

كانت ليلة هادئة من حياتي الروتينية اللعينة و في غرفتي المظلمة تراودني افكار كالعادة عن خيبتي و عن ندمي اني قد عشت في هذه الدنيا مع هؤلاء الاشخاص و تلك الاماكن.. تتجسد امامي كل يوم صور من ذكريات قديمة تؤلمني بشدة .. ليس لسوء الذكرى و لكن لفقدان الاشخاص الذين كانوا فيها .. فالذكريات الجميلة لا تصنع الا مع اشخاص تحبهم بشدة و تثق فيهم .. و لكن عندما يرحلون تفقد الامل في كل شئ و تعش كالاحياء الاموات .. كائن بلا هدف ..مجرد من الحياة بكل معانيها .. ليست الحياة مجرد شهوات لترضي بها شياطينك و إنما الحياة بمعناها الحقيقي لم نعشها بعد .. لأننا لا نمتلك الجرأة لعيشها .. فقط نستسلم .. و لنا الحق مما نراه ممن حولنا من غدر و خيانة و فراق و موت و هذه الاشياء التي تقضي علي الانسان و تجعله يسير تائهاً في طريق ليس له نهاية .. كالسائر في الصحراء ..كل ما يراه أمامه هي كتل من الرمال ، لا يعلم متي سيصل او متي سيلقى حتفه .. و إلي اين سيصل ان وصل من الاساس .. هذا ما نعيشه كلنا الآن من أكاذيب و خداع .. لا نري الحقيقة ابداً امامها .. نحيا و ننتهي دون معرفة الحقيقة دون معرفة سبب الحياة .. سبب وجودنا ، لم نأتي لهنا عن طريق الصدفة و لكن منا من يحاول إيجاد تلك الحقيقة و يموت خائب الأمل و منا من يعيش كالانسان الآلي يردد ما يحدث حوله فقط و في النهاية يموت خائباً كالآخر ..
"كلما كان الألم عميقاً ، كلما كانت الحقيقة أكثر وضوحاً "

هذا جزء من افكاري التي تراودني و تنهش عقلي و تعذبني ليلاً نهاراً .. و لكن كنت اتساءل لماذا انا بالاخص .. لما لا انحدر مع التيار و انتهي معه كالآخرين ..!
هل هذا يعد اختلافاً ام انا مجرد هاوٍ تراوده هلوسات لا تحمل معني .. لا يهم .. لا اكترث كتيراً .. ، و لكن مع الوقت أدركت ان الحقيقة تقترب ، يراودني شعور سئ .. شئ ما سيحدث ..
"القدر لا يستأذن"
عقلي الباطن ..

  قاطعني صوت أعرفه جيداً حيث بات إدماناً لنا جميعاً .. اشعارات الهاتف .. لا بد انه الشخص الوحيد المتواجد في حياتي البائسة .. لقد جن حقاً من يفكر في التفكير بي .. انا شخص اجتمعت امراض الكون داخله ..و انتجت مرضاً جديداً لم يكتشفوه بعد .. ليس لديهم القدرة علي ذلك .. لعلكم تتسائلون حقاً من انا .. لا اعلم حقاً .. لعلي سأحل هذا اللغز قريباً او ربما لا .. لا يهم ..

"هناك نوعان من الاشخاص .. هناك من يعارضك ليس لصالحك او انه يهتم لامرك .. و لكن لانه فقط يجد متعة في ذلك و و يزيد من بأسك الذي اصبح لا يقدر بثمن الآن .. اما النوع الاخر يعارضك لانك اصبحت جزءاً من روحه كأنه يعارض نفسه .. هذا نوع منقرض بالتأكيد .. "

-إزيك؟
-تمام .. خير فيه ايه ؟
-انا .. عاوزاك في موضوع مهم .. بص يا نادر .. إحنا صحاب و الصحاب بيحكوا لبعضهم علي كل صغيرة و كبيرة .. بس انت مش بتعمل كده .. اه انا اكتر حد فاهمك .. بس انت بتوصلي اللي عايزني اعرفه .. بتضيع تفاصيل في النص عشان معرفهاش .. بسألك كتير لما تكون مضايق .. مبتقولش .. ممكن تقول اسباب انا عارفة ان فيه باقي .. بقالنا اكتر من شهرين مبنتكلمش ولا بشوفك .. ازاي صحاب بقي ؟

..شعرت بألم غريب يتسلل إلي رأسي .. ليس من حديثها و لكن لانها احيت مشاهد و ذكريات .. اتمني لو لم تحدث .. ! الاحداث تتكرر و بصدفة غريبة .. و لكن هل سأصمد كالمرة السابقة .. لا يهم .. فقط اكتفيت بالرد البسيط حيث كنت اتسم بالبرود .. أو بالدقة اكتسبت هذا البرود في المشاعر من التجارب الماضية ..

-اشعلت سيجارتي و قلت في لامبالاة:
"طب ايه الجديد؟"
نظرت لي نظرات تتسم بالغرابة و الشرود و قالت لي :"الجديد هتعرفه بنفسك"

قامت مسرعة ثم ذهبت في طريقها .. و انا قد شردت في ذكرياتي .. اتمني لو كان هناك زر "Delete" لكل الذكريات الاليمة.. تذكرت حينما التقيت فريدة لاول مرة .. كان هذا منذ اعوام ، احياناً اشعر بأن العيب مني .. و ليس ممن حولي ..و أحياناً يثبتون لي أنهم شياطين و أنا ضحية بينهم .. لا يهم ففي الحالتين أنا متضرر..! فكرت أيضاً في آخر كلمات قالتها لي و ما وراءها .. فلقد كان لي قدرة علي قراءة أفكار المقربين مني و لكن بالعكس لا يفهمونني اطلاقاً .. احياناً فعلاً اجعلهم يدركون ما أريد أن أوصله فقط .. حتي لو كان هناك تفاصيل أخري .. و لكن ما مهمة الأصدقاء إذا لم يكتشفوا الجزء الباقي .. يا لهم من اغبياء..! فهناك أشياء تصل إلي القلب .. لا تحتاج الي شرح أو أي من هذا .. لا يهم ..من هؤلاء ليدركوا هذا الكلام..!

فقدت اشياء كثيرة في حياتي و أشخاص كنت أعتمد عليهم .. أثق بهم .. و لكنني أقر أن كل ما فقدته كان لخوفي من فقدانه .. و بسبب كبرياء من حولي .. فهناك قدرة لكل شخص عندما تنفذ  يهرب من هذا الواقع .. و هذا ما حدث معي .. أو ما فعلته بالتحديد ..

لقد فقدت أخاً لي و صديقاً .. اختارهما الله قبلي .. سألحق بهما قريباً .. لغز الموت .. لم يستطع أحد تفسيره .. يأتي مباغتاً دون سابق إنذار .. ليس له شكل محدد .. نخشي الموت ؟ لا اخشي الموت و لكن اخشي المجهول .. ألم تتسائل قبلاً ماذا حدث للاشخاص الذين فارقونا .. ؟! أليس من المحتمل ان يكون نحن الذين فارقناهم ؟ هل حقاً يسمعون حديثنا ؟ إذا تحدثت إلي السماء .. سيسمعني أحدهم ؟ سيكون هناك رد فعل ؟ هذا الهاجس .. تخشي الموت ؟ .. بل انت حريص علي الحياة .. لا تصدق ؟! ضع نفسك في موقف تتوقف عليه حياتك .. و ستعرف الاجابة .. تتمني الموت ؟ كيف تتمني شئ مجهول !!  .. في مخيلتك انه لن يكون اسوأ من الواقع .. من يعلم .. ربما و ربما هو اسوأ ..بل اسوأ من الاسوأ .. العيش مع المجهول ..
الظلام .. الظلام فقط لا شئ آخر .. الوحدة .. انت لست وحيداً .. بل انت لست موجوداً بالأحرى .. الأسود .. روح الظلام .. لماذا يرمز بالاسود لكل شئ سئ.. ؟ الشر أسود ؟ الموت أسود ؟ الوحدة سوداء ؟
أجده لوناً عميقاً .. كلما دققت فيه ذهبت الي عالم آخر .. و لكنك لا تعود منه أبداً .. و ستبقي في المجهول .. حتي تأتي الحقيقة .. ربما سنعلمها عندما لا يكون لنا وجود إطلاقاً ..

#عقلي_الباطن ..

سترينجرWhere stories live. Discover now