لم تكن حياتي جيدة علي الاطلاق بل كانت مثل الجحيم .. نشأتي كانت مختلفة قليلاً .. كنت منذ صغري اشعر بشئ من الغرابة و الاختلاف في كل شئ .. أشعر أن الاله قد اختارني لشئ ما .. أنني لست مثل الجميع ..لست مثل أي طفل .. لم أبكي عند خروجي و رؤيتي للعالم أول مرة .. كنت اتسم بالهدوء و الانطوائية .. لا أثق بالأشخاص بسهولة .. لا يمكنني أن أثق بأحد .. لا يمكنك إقناعي بشئ أو علي وجود شئ .. كنت أحياناً أفكر بالهروب من المنزل لاستكشاف ما بالخارج .. ما خلف هذه القضبان .. اكتشف وحشية العالم الخارجي .. من الظلام الي الظلام .. من الجحيم الي الجحيم .. كنت و ما زلت أعشق الظلام بخلاف معظم الاطفال او الاشخاص عموماً ..
كل شئ حدث في حياتي .. هل كان باستطاعتي إيقافه ؟ .. اشعر انني كنت السبب في كل شئ .. انه القدر .. لم يكن بيدي حيلة سوى المشاهدة و الشعور بالألم .. و لكن هذا الألم أكسبني قوة لم تكن لأحد ..
مواقف تمر و تثبت لي أكثر و أكثر أنني غريب..
اتهمني بالجنون او انعتني بالمريض السيكوباثي .. لا يهم .. فالمجانين هم فقط من استطاعوا فهم الواقع و لكن لم يتقبلوه ..تعلم..! حينما ترى من حولك يلعن الحياة و أكبر مشاكله هو خلاف مع أهله أو لمسائل مالية .. أو أنه لم يقض الاجازة الصيفية في باريس .. و من ناحية أخري تجد أشخاص أقصى طموح لهم أن يمر اليوم في سلام .. ينامون و هم قلقون من الغد .. لا يرتاح لهم بال .. أطاحت بهم الدنيا .. نهشت قلوبهم .. أصبحوا عبيداً للفكر النفسي المريض .. يكون ناتج عن تجارب قاسية .. و حين أقول قاسية فأنا أعني قاسية حرفياً ..
أحياناً تتمني لو يكون هناك دواء للنسيان .. خطأ ان الماضي تجارب يجب أن نتعلم منها .. بل هي تجارب يجب محوها .. سواء كانت سيئة أو جيدة .. بالنسبة لي ذكريات سيئة أفضل من جيدة .. لأن السيئة عندما تتذكرها و تنظر لحالك الآن .. ستكون ممتناً .. أما الجيدة فلن تجدها حاضرة مجدداً ..
أنا أشفق علي فريدة و أمثالها و علي أشخاص كثيرون من الماضي .. فهم لا يدركون معني أن تفكر .. أنا أحسدهم علي جهلهم فهو شئ مريح ..
أتذكر حينما قابلت أول تجربة لي في حياتي .. البلهاء.! حقاً كانت تجربة مثيرة .. أتذكر ثلاث سنوات غيروا مجرى حياتي .. جعلوني أفكر بشئ من المنطقية .. أفكر كيف حدث كل هذا .. و لماذا حدث و ما هي النهاية ؟!
أنا لا أعرف شعور الحب حقاً.. فقط في تلك المرة كان يراودني شعور غريب و لكني لم أكن عاطفي أبداً .. لا يمكنني إظهار الحنان أو تلك الأشياء البائسة .. و لكني أعلم شئ واحد أنني عندما أحب سيكون فريد من نوعه .. العلاقات لا تكون مبنية علي مشاعر من نوع واحد ..
في تلك الفترة .. كانت العلاقات بين الجنسين منتشرة مثل الوباء .. مما جعلني أمقتهم جميعاً .. جعلني أشعر أنني تائه .. أشعر بالغرابة .. يظنون انهم يعيدون إحياء قصة حب روميو و جولييت . البُلهاء!
أتسائل هل هؤلاء بشر ؟ هل لديهم مشاعر و عقل يفكرون به مثلي ؟ أم أنا شاذ بين هؤلاء ؟غالباً عندما كنت أتحدث مع أحدهم لا يفهمني مطلقاً ، و يدعي أنني أجعله يفهم ما أريده فقط .. من طبيعتي عندما أتحدث في موضوع .. لا أخبر التفاصيل .. أخبرك بالشكل العام .. و من المفترض أنك تمتلك عقلاً تحلل و تفكر به .. هناك أشياء بديهية لست مجبراً علي إخبارك بها .. أنا لم أكن منغلقاً سواء فكرياً أو عاطفياً و لكنني لم أجد فقط من يستحق .. كلهم يدعون المثالية .. كلهم مثاليون .. أنا لا .. و في تلك المرحلة أيضاً .. كانت معظمها في سن المراهقة التي يفهمها معظمنا بشكل خاطئ علي أنها مجرد علاقات عابرة و ضغوطات نفسية .. و لكن في هذه المرحلة يكون عقلك مشوشاً و مزدحماً .. أنا مثلاً لم أدخل في علاقة أبداً .. ليس من الضروري أن ما يفعله الآخرون أقوم به أنا الآخر .. فلنتمتع ببعض الخصوصية .. !
و من ضمن الاشياء التي تجعلك تتمني الموت .. أن الأمور التافهة كانت موضع الحديث .. تجد السوشيال ميديا بين الحين و الحين.. يكون هناك موضوع هو موضع النقاش للجميع.. و إذا نظرت له من زاوية سطحية تجده تافهاً لا يستحق كل هذه الضجة .. فقط يستحق أن تبصق عليه و تمضي قدماً کأن شيئاً لم يكن ..
أخبرني ما شعورك عندما تكون مخلصاً لشخصاً ما و تحبه علي طريقتك .. المهم انك تحبه بإخلاص .. و يخزلك..!؟ و رغم خزلانه تحاول معه مراراً و تكراراً و يعدك بأنه سيعود للأفضل .. و تظل أنت معلقاً بحبل متآكل .. آملاً الوفاء بالوعد ..و لكن يكون الرد أسوأ من الذي قبله ..الأمل و الألم .. يكون تغيراً للأسوأ و رغم ذلك لا تهتم كيف يتعامل معك .. بل أنت حزين علي حاله و مشفق عليه و هو يرى ذلك .. و لكن في المقابل يظهر نوعاً من اللامبالاة و يتمثل برود الكون فيه .. و تظل صامداً محاولاً مرة أخري و لكن ما المقابل كي تصمد ؟! هو أنك تخليت عن كل شئ .. عن أشخاص لو طلبت منهم روحهم لما ترددوا و أعطوها لك .. خذلتهم أنت الآخر .. من أجل شخص لا يهتم سوي بفكره المريض .. يختلق أسباباً و أعذاراً و أنت تحترق بداخلك .. تتمني من صميم قلبك لو يشعر بهذا الألم الذي تذوقه من أجله .. و عندما تنوي الرحيل يتهمك بالخذلان .. و يقول لا يمكنك الرحيل دون أسباب فلتظل بجانبي..! في لحظة تتجاهل كل أفكارك و تتنازل مرة أخري و أخري من أجله .. ! حتي لا تجد شئ متبقي تستند عليه .. نعم لقد استنزف كل ذرة حب و شعور تمتلكها .. حينها لا تكتفي بالرحيل .. بل يجب أن تذيقه شئ من الألم .. و الطريقة هي أن تتركه لحاله .. تتركه وسط ذئاب تخلي عنك من أجلهم .. هذا هو الألم الحقيقي الذي سيشعر به .. هو فقدان قلب أحبه بصدق .. !
" هناك نوعان من الخسارة و الألم ، نوع عندما تخسر شئ و لكنه في الماضي فتتخطي الأمر من أجل شخص يهتم لأمرك و عندها تكون خسرت شئ في الماضي و اكتسبت الحاضر .. و نوع عندما توقف حياتك بسبب شئ ماضي و تخسر شخص حاضر يحبك فيصبح هو الآخر من الماضي .. و هناك نوع لا يحتسب حينما تكون معلقاً بين الماضي و الحاضر ، لا تستطيع فهم شئ .. حينها تكمل تائهاً بلا هدف .. " .
"حاضرون اليوم .. غائبون غداً"
هكذا هي الحياة ..
YOU ARE READING
سترينجر
Mystery / Thrillerاقترب كل شئ الآن .. نحن في سباق مع الزمن .. أنا مع نهايتي كما أظن أو بدايتي .. لا فارق فالنهايات مجرد بدايات .. "القدر لا يستأذن" .. يأتي غفلة دون سابق إنذار .. إما شئ رهيب أو شئ يجعلك في قمة سعادتك .. لا يهم .. لم أعد أشعر بشئ .. و لكن من حولي هم...