الفصل الخامس

333 34 47
                                    

إن الجميع آثمين و لكنهم لا يعترفون و أنا اعترف بآثامى ، فأينا أفضل إذاً ؟

- فيدور ديستوفسكى

ذاك كان سؤالاً دائماً ما تجول فى حجرات عقلى و لم أحر له جواباً إلى الآن و ليس الجواب الذى اشير إليه جواباً نظرياً و إنما الجواب الذى أنشده كان عملياً قابلاً للتطبيق لا ينهدم و يتغير أمام متغيرات الظروف و ألاعيب المصائر التى تختبئ لنا فى كل ركن من أركان متاهة الحياة .

توقف عقلى عن هذه الأسئلة لفترة ليس كأننى سئمت أو أضنانى البحث و تقفى الآثار خلف أسئلتى و لكنها ببساطة قاتلة ( السعادة ) ، السعادة مضاد تام للموت ، فبينما لفظة الموت وحدها تعرى امامنا الكثير من الحقائق بشتى صورها فإن السعادة تغشي على أبصارنا تمنعنا من رؤية الحقيقة ، و أنا كنت أتذوق السعادة بعد فترة طويل فى حرب مستديمة مع الحياة ، ظننت أن شاهد كان أكبر إنتصاراتى ضدها ، وعيت بعدما هاجرت حلاوة السعادة من فمى و اُحيلت علقماً أنه كان أكبر هزائمى و أكثر خيباتى ثقلاً و الغصة التى ستظل فى حلقى تبعث السم فى حساسات تذوقى كل يوم مادمت حية ، بإختصار للسعادة طعم شبهته أنا بتذوق الدماء فمن ذاقها مرة لا يكرر و من لم يذق يتمنى أن يعرف ما الطعم ، و خلافى مع السعادة ليس فى السعادة بحد ذاتها و إنما فى صدماتنامن الحياة بعد أن نفيق من مخدر أسماه البشر السعادة ليحسنوا موقعه فى نواظرهم .

هكذا كانت الأمور سعادة مطلقة و منقطعة النظير إلى أن وفد على بينما كنت أقرأ كتاباً و أنا جالسة أرعى وليد ، الذى أسميناه أنا و أباه هكذا لأنه كان وليد حبنا و شهادة نجاح زواجنا ، رجل فى حوالى الخمسين من عمره و قدَّم لى نفسه على أنه أحد أفراد عائلة شاهد ، فى بادئ الأمر ارتبت فى أمر الوافد الجديد و لكننى بعد تفكير سريع قررت أن استقبله فى حديقة المنزل بحجة أن الجو جميل اليوم تحسباً لأى فعل قد يُقدم عليه .

لكى ترى لا تحتاج فقط عينان فهناك فارق شاسع بين النظر و الرؤية .

احتشدت الأفكار فى رأسي و التكهنات عن سبب مجئ هذا الرجل ربما أخيراً سأجد أجوبة لتساؤلاتى الكثيفة عن حياة شاهد و عائلته و فور أن أتى شاهد و لمح الرجل من بعيد بدا على محياه التبدل الشديد و القلق و الرهبة فى آن معاً و اومأ لى راغباً منى الدخول إلى جوف المنزل ، انصعت لأوامره و دلفت إلى المنزل ، رأيتهما من النافذة يتحاوران و لم أفهم مما قالاه شيئاً ، كانا يتحدثان الأردو لغتهما الأم و لكن الإنزعاج كان جلياً على أسارير شاهد و لوهلة استشعرت من لهجة الرجل المقيتة أنه يهدد شاهد أو شئ من هذا القبيل و بعدها جفلت و فزع وليد من علو صوت طرقة شاهد على الطاولة ، بعد أن كور كفه و دق به بقوة على الطاولة بقوة شديدة و بعدها أشار بيده صوب الباب علامة على الطرد و بعدها نطق الرجل بعصبية تشتعل و تقدح شرراً و هرول ناحية الباب و رحل .

شاهد على العشاء الأخير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن