رفع دونغهي رأسه من على الطاولة و التفت لصديقته الجالسة بجانبه ليتذمر بصوت منخفض .
دونغهي : ما بال هذا الأصلع العجوز !! ألا يتوقف عن الحديث ؟؟ كيف لشخص أن يتحدث ساعتين متواصلتين !!
قال دونغهي ذلك و هو يحرك يديه بدرامية زائدة و صوته كصوت شخص يوشك على البكاء ، حاولت سو جين كتم ضحكتها بصعوبة و ربتت على شعر دونغهي بهدوء و هي تحاول تهدئته ، عندما مررت سو جين أصابعها بين خصلات شعر دونغهي استرخى و نظر لها كطفل مدلل يستمتع بلمسات أمه الحنونة.
سو جين : لحسن حظنا أننا نجلس في المقاعد الأخيرة و إلا كان ذلك الأصلع الثرثار سيطردنا خارج القاعة ، اهدأ قليلاً، مضى زمن المحاضرة فعلاً و سيخرج المحاضر في أي لحظة.
تنهد دونغهي بعمق و أعاد رأسه مرة أخرى إلى الطاولة ، نظرت سو جين في إتجاه ذلك الفتى الذي إعتادت مراقبته دائماً ، إبتسمت بلطف لمنظره اللطيف حتى من الخلف ، شعره المصبوغ باللون البني الفاتح ، ملابسه التي تعكس شخصيته المرتبة و المحبة للنظام .
خرج المحاضر من القاعة فصرخ دونغهي كمن فاز بجائزة ما: أخيييييراً.
ضحكت سو جين بصوت عالي على منظر دونغهي الطفولي ، رمقها دونغهي بنظرة ليزرية و تمتم بغضب .
دونغهي : ياااا !!! ما المضحك ؟؟؟ كدت أموت هنا !! أكاد أقسم أن ذلك الرجل المشعوذ ألقى بطلاسم ما علينا .
قرصت سوجين خدي دونغهي ثم كوبت وجهه بين يديها حتى برزت شفتاه بلطف .
سو جين : ايقوو ، تبدو لطيفاً حتى و أنت غاضب صغيري .
نظر لها دونغهي ثم إنفجر ضاحكاً على كلماتها .
نظر لها ذلك الفتى و ابتسم بإبتسامة غير مفهومة ، وقعت عينا سو جين عليه و تبادلا النظرات للحظات حتى أتى صديقه و لف يده حول رقبته و قطع إتصال الأعين ذاك.
جونسو : هيا يا إنهيوك ، أنا جائع حد الموت !!
اتسعت إبتسامة إنهيوك و أبعد يد جونسو بخباثة و ركض بسرعة و هو يصرخ.
إنهيوك : من يصل متأخراً يدفع من أجل الطعااام !!!
ركض جونسو خلفه و هو يصرخ غاضباً .
جونسو : أيها الأنشوفة المخادع !!! سوف أقتلك !!
ضحكت سوجين على هيوكجاي و تصرفاته الطفولية التي تكاد تنافس تصرفات دونغهي ، وقفت و سحبت صديقها دونغهي ليتناولوا الطعام أيضاً.
جلس كل من سوجين و دونغهي لتناول الطعام ، انضم إليهم هيتشول و شيوون صديقا دونغهي ، بعد أن تناولوا طعامهم بدأ الفتيان بالحديث ، إندمجوا به تماماً فلم يلاحظوا لسوجين التي إعتذرت و إنسحبت ببطء ، ذهبت متسللة إلى صالة الألعاب الرياضية و بالتحديد صالة كرة السلة ، ألقت نظرة داخل الصالة لترى ذلك الفتى الذي إعتادت على مراقبته "إنهيوك" يرقص على ألحان ذلك المسجل الذي يضعه بالقرب منه ، جلست في ذلك المكان المعتاد ، حيث تستطيع رؤيته و لا يراها ، لم تبعد نظرها عن ذلك الجسد المتناسق الذي يتمايل مع تلك الموسيقى ببراعة ، إندماجه مع الموسيقى كأنها جزء منه ، وضعت يدها على صدرها لعلها تخفف نبضاتها المتسارعة ، أما إنهيوك فهو يعلم بوجودها عكس ما تظنه سوجين ، في البداية كان الأمر غريباً عليه ، فهو يلتجيء لهذا المكان لكي يرقص بعيداً عن أنظار الناس ، ولكن يوماً بعد يوم إعتاد وجودها بل أصبح يتلهف لقدومها ليريها رقصاته الجديدة .
نظرت سوجين إلى الساعة ، تبقت دقيقتان على إنتهاء فترة الغداء ، تسللت بخفة مقلدة الجواسيس على التلفاز ثم ركضت بسرعة عندما خرجت من الصالة ، ضحك إنهيوك على تصرفاتها الطفولية ، رتب أشياءه و خرج ليجد تلك الفتاة تتكيء على الحائط و تنظر إليه ، كانت تلك الفتاة هي "أيو" ، تنهد إنهيوك و واصل سيره محاولاً تخطيها و لكنها...
أيو : لي سو جين ...
توقف إنهيوك عن المشي .
أيو : لقد رأيتها تخرج من الصالة قبل قليل ، ما الذي يحدث بينكما ؟
إنهيوك : لا دخل لك بذلك .
أيو : لا تحاول ، إنها تحب ذلك الفتى الملتصق بها دائماً ، يدعى ... دونغهي !!
جفل إنهيوك للحظة ، مشاعره تضطرب عندما يفكر بنوع العلاقة بينهما ، نظر لها إنهيوك ليحاول أن يدافع عن سوجين.
أيو : رغم أنك تشك بذلك لكنك لا تصدقه تماماً ، حسناً سأثبت لك ذلك غداً ، ولكن ...
إنهيوك : و لكن ماذا ؟؟
أيو : لنعقد إتفاقاً !!
في اليوم التالي :
دونغهي و سوجين جالسان تحت إحدى الأشجار في ساحة المدرسة ، وجدت سوجين أن هذا المكان أفضل مكان لتدريس دونغهي الذي يكره جو الدراسة المشحون في أماكن مثل القاعة و المكتبة ، يراجعان دروسهما تارة و يتبادلان الضحكات و الأحاديث تارة أخرى ، و هما يتحدثان نظر دونغهي خلف سوجين ، و أشار لسوجين أن تنظر أيضاً.
دونغهي : أليست تلك المغرورة أيو ؟؟ لماذا تأتي بإتجاهنا ؟؟
إلتفتت سوجين ناحيتها ، أتت أيو ووقفت أمامهما ، إبتسمت إبتسامة جانبية ، نظرت لسوجين نظرات خبيثة ، و بادلتها سوجين بنظرات مستغربة.
أيو : أوه ، سوجين !!
سوجين : أوه ، أيو !!
رفعت أيو حاجبها و ضمت ذراعيها لصدرها و بدأتت تتحدث بنبرة مستفزة .
أيو : رأيتك تخرجين من صالة كرة السلة البارحة ... و التي بالصدفة إنهيوك يتدرب فيها على الرقص يومياً !!!
إضطربت سوجين و تسارعت نبضات قلبها و أصبح ما يدور في رأسها "هل رآني إنهيوك أيضاً" بلعت ريقها ببطىء و نظرت بنظرة تحدي لأيو محاولة معرفة ما يجول برأسها ، لاحظ دونغهي إرتجاف يد سوجين فأمسكها و ضغط عليها برفق و هو يمسد راحة يدها ، إبتسمت سوجين و تحدثت بثقة.
سوجين : نعم فعلت ذلك ، كنت أراقب رقصته ، أفعل ذلك دائماً ، إني معجبة برقصه حقاً.
أيو : أوه ، حسناً ، سوف أعيد صياغة جملتي ، هل تحبين إنهيوك ؟؟
جفلت سوجين للحظة ، هل تعترف بمشاعرها الحقيقية التي لطالما كنتها لإنهيوك ؟ أم تخترع كذبة تخرجها من هذا الموقف الذي علقت به مع لا أحد سوى أيو المعروفة بخبثها و مكرها ، نظر دونغهي إلى سوجين المتوترة و المحتارة ، أحكم إمساكه بيدها و نظر لها نظرة "غاضبة" كما يظنها ، إلا أنه أقل ما يقال عنها لطيفة لدرجة تجعلك ترغبه في قرص وجنتيه بشدة.
دونغهي : من إنهيوك هذا ؟؟ حبيبتي !! هل تخونينني ؟؟!!!
إستغربت سوجين من كلماته و لكنها إستدركت أنه يحاول مساعدتها فأكملت التمثيلية.
سوجين : دونييي خاصتي ... هل يمكنني خيانتك ؟؟ أخبرتكما ، أنا معجبة برقصه فقط !!
نظر دونغهي لأيو الواقفة أمامهما التي تكاد السعادة تقتلها رغم أنها ما زالت تضع تعابيرها الخبيثة ، إبتسمت بإتساع ثم غادرت المكان تاركة سوجين و دونغهي في حيرتهما ، مرت أيو بجانب ذلك الشاب الذي تسمر في مكانه و همست في أذنه .
أيو : أخبرتك بذلك !! و الآن لا تنسى إتفاقنا.
أخفض إنهيوك رأسه و عبث بخصلات شعره ليضعها على عينيه حتى لا يراهما أحد ، حمل حقيبته و غادر الجامعة رغم أنه تبقت عدة محاضرات.
عند سوجين و دونغهي :
دونغهي : و الآن أخبريني الحقيقة من إنهيوك هذا ؟؟
سوجين : إنه هيوكجاي ، لي هيوكجاي ، ذلك الطالب في قاعتنا.
دونغهي : إسمه هيوكجاي ، لما قالت إنهيوك ؟؟
قهقهت سوجين على دونغهي .
دونغهي : يااا !! ما المضحك ؟؟
سوجين : إنهيوك هو مجرد لقب أطلق عليه.
دونغهي : إذاً الفتى الذي تحبينه هو إنهيوك !!
سوجين : في الحقيقة ...
دونغهي : لقد لاحظت نظراتك له في المحاضرة ، إبتسامتك الحمقاء و أنتِ تحدقين بظهره ، و عندما يبادلك النظرات تبتسمين !!
إحمر وجه سوجين و غطته بكفيها ثم أنزلتها لتظهر عيناها فقط ، حدق لها دونغهي بحزن و لمعت عيناه بالدموع.
دونغهي : إذا أصبحتما معاً لن تتركينني صحيح ؟؟
سوجين : دوني هل جننت ؟ لن أتركك حتى عندما أحظى بأحفادي !!
دونغهي إحتضن سوجين بقوة و كأنه خائف أنها ستبتعد عنه، بدأ يبكي و شهقاته تتعالى ، بادلته سوجين الحضن و ربتت على ظهره .
دونغهي : لا تتخلي عني كما فعلت أمي !!
سوجين : لن أفعل !!
(والدة دونغهي و والدة سوجين شقيقتان ، إلا أنهما تختلفان عن بعضهما كثيراً ، والدة سوجين تزوجت في منتصف العشرينات بينما أختها ما زالت في الثانوية ، عندما كانت والدة سوجين حامل بسوجين في الشهر السابع إكتشفت أن أختها الصغرى حامل في الشهر الثالث ، و لحسن حظ والدة دونغهي أن حبيبها تحمل المسؤولية كاملة و قرر أن يتزوجها فور تخرجهما الذي قبل ولادتها بقليل ، إلا أنها تهربت منه حتى أنجبت دونغهي و تركته لأختها و هربت مع فتى غني آخر و تزوجته ، دونغهي الذي كبر و لم يعرف والدته مطلقاً أحب خالته كأنها أمه و كذلك أحبته سوجين كأخيها الأصغر ، أصبح سوجين و دونغهي كالتوأم لا يفترقان مطلقاً ، يحبان بعضهما كثيراً ، أما والد دونغهي يزوره من حين لآخر و علاقته بدونغهي جيدة نوعاً ما).
في تلك الغرفة المظلمة يحدق بالفراغ و عيناه قد إحمرت من كثرة البكاء ، مازالت بعض الشهقات تهرب من شفتيه ، كيف يقنع قلبه أنها تحب غيره ؟؟ لطالما أحبها طوال تلك الفترة التي راقبته فيها ، و هو يعتقد أنه تبادله نفس المشاعر ، تنهد إنهيوك و نظر إلى الساعة فيجدها الثالثة صباحاً ، إحتضن وسادته و إلتجأ إلى النوم ربما يغسل حزنه.
إستيقظ الساعة الثانية عشرة ظهراً ، فتح عيناه ببطء و بالكاد إستطاع إستيعاب ضوء الشمس المتسلل من النافذة ، تنهد ببطء لينهض و يغلق ستائر غرفته تماماً و يعود إلى سريره ليغطي جسده كاملاً بالغطاء.
مرت المحاضرة الثانية على سوجين كالجحيم ، هي لم تعي أي شيء من المحاضرة ، عيناها مثبتتان على ذلك الكرسي الفارغ ، هذه أول مرة فلم يتهرب هيوكجاي مطلقاً من المحاضرات أو يغب يوماً ، وضعت رأسها على الطاولة و تفكر واضعة أسوء السيناريوهات فخيال سوجين الواسع لا يساعدها في هذا الموقف البتة بل يزيد الوضع سوءاً ، شعرت بتلك اليد تمسح على شعرها برفق أدركت أنه دونغهي لذلك بدأ قلبها يهدأ قليلاً لتقنع نفسها أنه بخير و لم يختطفه كائن فضائي أو يعضه مستذئب أو يمتص دمه مصاص دماء ، إبتسم دونغهي فهو يدرك ما تفكر به سوجين .
في اليوم التالي :
مرت نصف المحاضرة و سوجين تكاد تموت من خوفها و قلقها ، قطع شرح المحاضر فتح الباب ليدخل منه إنهيوك ، صبغ شعره للبني الغامق و قام بقصه قليلاً ، يرتدي كنزة سوداء طويلة الأكمام مع بنطال أسود ، يغطي عينيه بشعره ، و تباً إنه مثير كاللعنة ، هذا ما فكرت به سوجين و هي تبلع ريقها ببطء ، لم يرفع إنهيوك رأسه و لكنه نطق بصوت مبحوح.
إنهيوك : آسف معلم ، لقد كنت مريضاً .
و إتجه إلى كرسيه دون أن يسمع رد المحاضر ، تغاضى المحاضر عن تصرفه الفظ لكونها المرة الأولى .
إنتهت المحاضرتان و خرج الجميع نحو صالة الغداء ، تحججت سوجين بأنها نسيت شيئاً في القاعة و عادت لترى إنهيوك ، كان إنهيوك خارجاً من القاعة و كادا يتصادمان ، تبادلا النظرات للحظة ثم تجاهلها هيوك و ذهب ناحية الحمامات ، تعجبت سوجين من ذلك التصرف و أصبحت تفكر ، هل يكرهني ؟؟
مر الأسبوع على هذه الحالة ، إنهيوك الصامت البارد على غير عادته ، يتجاهل سوجين بكل برود و هي تكاد تموت من خوفها عليه و من أنه قد يكون يكرهها ، فقد خمنت أنه علم بمراقبتها له ، و من سيقبل بمراقبة أحد له ؟ ذلك أشبه بالمطاردة .
أتت نهاية الأسبوع ، و هاهو الحفل الراقص الخاص بطلاب دفعة سوجين ، إرتدت سوجين فستاناً بلون وردي فاتح ، يزينه من ناحية الرقبة قماش دانتيل اسود رقيق بتطريز ناعم ، تركت شعرها منسدلاً كغير عادتها و سرحته للجانب لترتدي قرطاً كريستالي أنيق ، رشت من عطرها المفضل ثم تنفست ببطء و إبتسمت ، خرجت ليستقبلها دونغهي ببدلة سوداء و قميص أبيض مع ربطة عنق سوداء ، شعره يغطي جبينه ، كان يبدو رجولي و وسيم للغاية ، شرد دونغهي بمنظر سوجين و الذي رغم بساطته إلا أنه خاطف للأنفاس ، إبتسم دونغهي و مد يده لتحيطها يد سوجين و يمشيا معاً نحو سيارته .
أنت تقرأ
Eunhyuk Oneshot
Romanceذلك المثير خاصتي ، آلة الرقص الساحر ، عيني تراه أوسم رجل في العالم ، حين يتمايل مع ألحان الموسيقى يعجز قلبي عن النبض بطريقة صحيحة و أنسى كيف أتنفس حتى ، كيف أحببته ؟؟ لا أدري ، و لكن ما أدركه أنني أعشق كل تفاصيله ، نظراته ، ضحكته ، وحتى طريقة مشيه ،...