في نظر شيرلوك هولمز، هي دائم ً ا »المرأة،« المرأة التي فاقته حيلة ودهاء.ً لم يكن على صديقي سوى أن يقول »المرأة،« فأفهم عمن يتحدث. كان اسمها إيرين أدلر.
دعوني أقدم لكم نفسي: اسمي دكتور واطسون. تشاركنا أنا وهولمز السكن في بناية رقم ٢٢١ب شارع بيكر، إلى أن ً تزوجت. وعشنا هناك صديقين أعواما، كنت أساعده حينها في تحقيقاته. وقد حولت فيما بعد الكثير من هذه المغامرات إلى قصص لقرائي . في إحدى الليالي، كنت أتجول في لندن، ووجدت نفسي في شارع بيكر. كان ذلك يوم ٢٠مارس/آذار .١٨٨٨نظرت إلى أعلى، فرأيت هولمز في نافذة الدور الثاني. تمكنت من رؤية ً جسده الطويل النحيل، وهو يسير جيئة وذهابًا. كان رأسه ً منخفضا، لكنني تمكنت مع ذلك من رؤية أنفه، الذي يشبه منقار الصقر، وذقنه الحاد، وكان يضع يديه خلف ظهره. لقد كان صديقي القديم صعب المراس في العمل. لم أره منذ وقت طويل، لذلك قرعت الجرس ودخلت.نظر إليَّ هولمز بعينيه الحادتين الثاقبتين، وألقى عليَّ التحية ً مبتسما. بدا مسترخيً ً ا وجسده الطويل النحيل ممددا على ً أريكته القديمة المفضلة. تملكني شعور بالراحة مجددا عندما تنفست هواء ردهته كريه الرائحة، ذلك المكان الذي تدارسنا ً فيه تفاصيل العديد من القضايا معا. بدأ شيرلوك الحديث ً قائلا: »أرى يا واطسون أنك تستمتع بالزواج، أعتقد أن وزنك قد زاد سبعة أرطال ونصف منذ أن التقيت بك آخر مرة، وألاحظ كذلك أنك عدت إلى ممارسة مهنة الطب. يؤسفني ً أن الأمطار هطلت عليك مؤخر ً ا، وأن لديك خادم ً ا مهملا في المنزل«. ً قلت له مندهشا: »عزيزي هولمز، لقد زاد وزني بالفعل سبعة أرطال منذ أن رأيتك آخر مرة. وهطلت عليّأمطار غزيرة في الريف الخميس الماضي. وأنت محق كذلك في اعتقادك أنني وزوجتي لسنا راضيين عن الخدم في المنزل. لكن كيف علمت بكل ذلك؟« ٍّ ضحك هولمز وقال: »حق ً ا؟ كنت متأكدا أنها سبعة أرطال ونصف. الأمر بسيط يا واطسون: يوحي حذاؤك بأنه كان ً مغطى بالوحل مؤخرا، ويمكنني رؤية علامات الكشط التي ً تدل على أن شخص ً ا مهملا نظف الحذاء. ً كما أنني أشم فيك رائحة معقم ضعيفة، وأرى مسحوقا أسود على إصبعك لا يُستخدم سوى في علاج حالات العدوى، ً يوجد أيض ً ا نتوء في معطفك حيث تحمل عادة سماعتك. تشير هذه الأدلة إلى أنك عدت لامتهان الطب من جديد«
فقلت له: »يبدو الأمر بسيط ً ا دائما للغاية عندما تشرحه يا ً هولمز. لكنني لا أفهم أبدا كيف تنتقل من النقطة أ إلى النقطة ب، بالرغم من أنني أرى كل ما تراه«. قال هولمز، وهو يعطيني ورقة سميكة: »أنت ترى، لكنك لا تلاحظ. على سبيل المثال: ماذا ترى في هذه الرسالة الموجزة؟ اقرأها بصوت مرتفع يا صديقي«. ً فبدأت القراءة: »سيأتي رجل طويل القامة يرتدي قناعا ً لزيارتك الليلة، إنه يرغب في التحدث إليك. لقد ساعدت أشخاصا ّ من أصول ملكية من قبل، لذا فأنا أعلم أن بإمكاني الوثوق بك. لقد سمعنا بذلك من العديد من المصادر الموثوق بها«. سأل هولمز: »ما الذي توصلت إليه من الرسالة يا واطسون؟« فأجبته: »إنها مكتوبة على ورق غالي الثمن؛ فأيٍّا كان من أرسلها، فهو ليس فقيرًا«. ورفعت الورقة إلى أعلى في الضوء، وقلت: »وتوجد كذلك علامات على الورقة«. قال هولمز: »تشير العلامات إلى الكثير؛ فهي توضح اسم ً الشركة التي صنعت هذه الورقة تحديدا. وقد توصلت إلى أنها تقع في مملكة بوهيميا«. ً وتابع حديثه قائلا: »ليس هذا كل ما في الأمر. فالشخص الذي كتب هذه الرسالة ألماني. هل لاحظت الاستخدام الغريب للغة في الجملة الأخيرة بالرسالة. ما كان ليكتب جملة كهذه شخص فرنسي أو روسي. لا يمكن أن يكتبها سوى شخص يتحدث الألمانية. وإذا لم أكن مخطئًا، ها هو ذا قد أتى «