وفي الليلة الثامنة بعد الأربعمائة
قالـت: بلغنـي أيهـا الملـك السعيـد أن المركـب لمـا وصلـت بالصيـاد والــورد فــي الأكمــام إلــى مدينــة علــى
شاطـئ البحـر أراد الصيـاد أن يرسـي مركبــه علــى تلــك المدينــة وكــان فيهــا ملــك عظيــم السطــوة يقــال
لـه دربـاس وكـان فـي ذلـك الوقـت جالسـاً هـو وابنـه فـي قصـر مملكتـه وصـارا ينظـران مـن شبـاك القصـر
فالتفتـا إلـى جهـة البحـر فرأيـا تلـك المركـب فتأملاهـا فوجـدا فيهــا صبيــة كأنهــا البــدر فــي أفــق السمــاء
===
وفـي أذنيهـا حلـق مـن البلخـش الغالـي وفـي عنقهـا عقـد مـن الجوهـر النفيـس فعـرف الملـك أنهـا مـن بنـات
الأكابــر والملـــوك فنـــزل الملـــك مـــن قصـــره وخـــرج مـــن بـــاب القيطـــون فـــرأى المركـــب قـــد رســـت علـــى
الشاطـئ وكانــت البنــت نائمــة والصيــاد مشغــولاً بربــط المركــب فأيقظهــا الملــك مــن منامهــا فاستيقظــت
وهـي تبكــي فقــال لهــا الملــك: مــن أيــن أنــت وابنــة مــن أنــت ومــا سبــب مجيئــك هنــا فقالــت لــه الــورد
فـي الأكمـام: أنـا ابنـة إبراهيـم وزيـر الملـك الشامـخ وسبـب مجيئـي هنــا أمــر عجيــب وحكــت لــه جميــع
قصتها من أولها إلى آخرها ولم تخف عنه شيئاً ثم صعدت الزفرات وأنشدت هذه الأبيات:
قد قرح الدمع جفني فاقتضى عجباً من التكدر لما فاض وانسكبا
من أجل خل سوى في مهجتي أبداً ولم أنل في الهوى من وصله أربا
لـــه محيـــا جميـــل باهـــر نضـــر وفي الملاحة فاق الترك والعربـا
والشمس والبدر قد مالا لطلعته كالصب والتزما في حبه الأدبا
وطرفه بعجيب السحر مكتحل يريك قوساً لرمي السهم منتصبا
يا من له حالتي أوضحت معتذراً ارحم محباً به صرف الهوى لعبا
إن الهوى قد رماني في وسط ساحتكم ضعيف عزم ومنكم ارتجى حسبا
إن الكرام إذا ما حل ساحتهم مستحسب فحماهم يرفع الحسبا
===
فلمـا فرغـت مـن شعرهـا حكـت للملــك قصتهــا مــن أولهــا إلــى آخرهــا فقــال لهــا: لا خــوف عليــك ولا
فـزع قـد وصلـت إلــى مــرادك فــلا بــد أن أبلغــك مــا تريدينــه وأوصــل إليــك مــا تطلبينــه فاسمعــي منــي