الفصل الاول

904 18 3
                                    

في تلك الساعة المتأخرة من الليل هزت تلك الصرخة المدوية ارجاء المصحة النفسيه وفي داخل تلك المصحة هرعت بعض الممرضات والطبيب المعالج الى تلك الغرفه في منتصف الممر الطويل في سرعة واقتحموا الغرفه وهم يجدون تلك الفتاه الرقيقة بريئة الملامح التى تدعى (ندى) على ارضية الغرفة فاقدة الوعى وقد اغرورقت عيناها بالدموع فقاموا بأنعاشها وأمرهم الطبيب المعالج بأعطائها حقنة مهدئة وتركها في الغرفة .

بعد ثلاث ساعات استيقظت لتجد الطبيب المعالج بجوارها وهو يبتسم لها في صمت وفجأة شق صوته الهادئ سكون الصمت قائلا :

(من فضلك انا لا اريدك ان تكونى هكذا , انا أعلم انك تعانى من اضطرابات نفسيه حادة بعد وفاة زوجك وأبنك ولكن عليك ان تتماسكى)

 نظرت (ندى) اليه نظره خاوية وكأنها لم تسمعه , لم يكن ذلك الذي قاله ليعيد بكاؤها ودموعها مرة اخرى,لقد كانت بكاؤها لشئ اكبر من هذا بكثير لقد احست بفقدانها لنفسها بعد تلك الحادثة لم تعد تشعر بأى شئ كأنما ماتت وتنتظر الحساب لم تعد ابدا كما كانت من قبل ولن تعود كما كانت هى تعلم جيدا انها عانت كثيرا في حياتها بلا سبب ولكن ما حدث اكبر من ما كانت تتوقعه, نظرت للصورة اللتى تحملها في يديها الصغيرتين ثم استلقت على السرير متجاهلة ما يقوله الطبيب المعالج واغمضت عيناها فقام الطبيب بالنظر لملامحها الطفوليه في حنان وربت على ذراعها قائلا:

 ( سأعود ولكن الأن عليك ان تسترخ).

عاد الطبيب بعد عدة ساعات وتسبقه الممرضة التى تحمل اطباق الغداء لها وقد كان الطبيب يعلم جيدا انها لا تأكل الا النذر اليسير واحيانا يقومون بتعليق المحاليل لها عند تصميمها على عدم الاكل تماما لأيام .

كان ذلك الطبيب يدعى (أحمد) في منتصف الثلاثينات من عمره ذا بشرة قمحية مائلة للسمار وطول متوسط , عيناه زرقاوان , شعره بنى لا يتلائم مع سمار بشرته , يرتدى منظارا طبيا في أغلب الأحيان بالرغم من عدم احتياجه له , لم يكن يعلم لماذا تلك المريضة بالذات من يحاول الأهتمام بها وسبر أغوار عقلها وقلبها ولكن شئ ما في داخله يخبره ياحتياجها له هل لأنه معجب بها ام لانها مريضة نفسيه فعلا وتعانى وتطلب منه المساعدة , يتذكر كل لحظة رأها فيها منذ دخولها المصحة ,يتذكر نظراتها الخاوية وابتسامتها المحطمة لصورتها اللي تحملها دائما على هاتفها واللي لا تغلقها دائما وابدا , كل هذا يخبره ان هناك شئ ما غامض حول تلك المريضة .

كل هذا اخذ يدور في عقله وهو في طريقه لغرفتها وما أن دخل الغرفه حتى وجدها راقدة على سريرها في هدوء ناظرة الى سقف الغرفه بنظرة خاوية كعادتها فقام بتحيتها في حين وضعت الممرضة الاطباق بالغرفه وجلس هو على طرف السرير قائلا :

( انا هنا لسؤالك بعض الاسئلة , من فضلك انا لست كمثل اى شخص عرفتيه من قبل , انا هنا فعلا لمساعدتك وأريد ان اعرف بعض الاشياء المهمة عنك وأعدك انك سوف تشعرين ان ذلك الكاهل الثقيل على صدرك قد زاح بعض الشئ )

ُتـوهمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن