ومضت فترة من السكوت امضتها ماري وزويا تزرعان ارض الغرفة جيئة وذهابا واخيرا جلستا قرب النافذه ...وعادت ماري الى الحديث قائلة :
-تأكدي زويا حتى امي لا تعرف اني ارسلت في طلبك وإلا لكانت منعتني من ذلك .
-انت محقة في اعتقادك هذا يا ماري ...طبيعي ان لا تسمح لك والدتك بدعوتي ...فالحصية مرض معدٍ...وطبيعي ايضا الا تسمح لي والدتي بالحضور الى هنا .
-المهم اننا الان معاً..انا جد مشتاقة اليك .كانت زويا ترتدي كنزة صوفية سميكة تقيها برد الطريق من سان بطرسبورغ القصر؛وكانت اصغر سناً بأسبوعين من ماري واكثر اناقه لكن الجميع كان ينظر لماري على انها اجمل فتيات العائلة ورثت الوسامة وزرقة العينين عن ابيها وتحب الجواهر والثياب الانيقه بعكس شقيقاتها،وتشترك مع زويا بالاحساس المرهف و بالتطلعات ذاتها ؛ولذلك فلم يكن من العجيب ان تسترسلا في الحديث عن الملابس الجميلة والمجوهرات وعن قبعات والدة زويا التي تعجب ماري بها كثيراً.
انا بخير قالت ماري لا اشكو من شيء مطلقا إلا انني منزعجة من امي فهي لن تسمح لي -كما العاده كل يوم احد-ان اذهب مع عمتي اولغا الكسندروفنا للتجول في المدينه وزيارة الجدة في قصر آنيتشكوف إضافة لبعض الاصدقاء .كل هذا بسبب مرض شقيقاتي .
نظرت زويا لها نظرة اشفاق .انا جد مشتاقة لك وكنت خائفة من هذا فإذا خوفي بمكانه كنت ارغب بجعلكي ترين عباءتي الجديدة التي جلبتها لي جدتي أيفيجينا ستروفنا اوسيبوف من باريس .
رغم بلوغ أفيجينا الواحدة والثمانين من العمر فهي ما تزال ساحرة جذابة ويصر الكل على ان زويا ورثت عنها ذلك السحر وتلك الجاذبيه خاصة العينين النجلاويين المشعتين دائما .والدة زويا انسانة ممشوقة القوام ،جميلة الوجه ،زرقاء العينين ،ذات شعر اشقر طويل .يرغب جميع الرجال مجالستها والنظر اليها ويطمحون لنيل ابتسامة واحدة من ابتساماتها ؛ولهذا كان زوجها شديد الحرص عليها يعاملها وكأنها طفلة صغيره يغدق عليها من حنانه ويعبر لها عن حبه .
-جلبت لي جدتي عباءة من قماش الساتان الفاخر المطرز بحبات اللؤلؤ الصغيره هكذا كانتا تتحادثان وكأنهما طفلتان صغيرتان تندهشان لاتفه الاشياء .
-بعد اسبوع سيشفى الجميع وتذهب الحصبة بعيدا وهكذا اتمكن من زيارتك يا زويا وارى هذه العباءه التي تتحدثين عنها وسأستغل هذه الفترة لافكر كيف اساعدك على زخرفة غرفتك .
زخرفة غرفتي ؟تساءلت زويا انها فخمة كغرفة والدتك .
غرقت الفتاتان بالضحك ،واصيبتا بالدهشة حين دخلت جراء الكلاب الى الغرفة ،وراحت تلعب عند اقدامهما فيما كانت زويا تدفئ يديها وتروي لماري قصص الفتيات في معهد سمونلي ؛كانت ماري تحب سماع هذه القصص .فهي قصص تختلف جداً عن قصصها مع اخيها واخواتها إن مع السيد غيليارد او مع استاذ اللغة الانجليزية السيد جبس .
- شكراً للرب ،لن اكون مضطرة لتحمل سخافات السيد غيليارد لانه مشغول بالاهتمام بأخي اما السيد جبس فلم اره منذ اسبوع ،انه يعزل نفسه عن الآخرين مخافة ان يصاب بالحصبه .
ضحكت زويا لما قالته ماري التي كانت تجدل لها شعرها ،منذ صغرهما تعودتا ان تجدل كل واحدة شعر الاخرى فيما هما تتحدثان عن سان بطرسبورغ او عن الناس ولكن الحرب بدلت اشياء كثيرة في نمط حياتهما ،لم تعد هناك حفلات تقام في القصر وحتى والد زويا لم يعد يدعو الاصدقاء مما سبب غماً وكدراً لها انها تحب الإختلاط بالرجال الذين يرتدون البذلات الأنيقه وبالنساء اللواتي يرتدين افخر الفساتين و يتزين بأغلى المجوهرات حتى تجمع القصص والحكايات لترويها على مسمع ماري وشقيقاتها .ماذا كانت ترتدي الاميرة فلانه او الامير فلان وكذلك لتروي على مسمعهن قصص الحب والعشق بين الاميرات والامراء ؛انه المجتمع الارستقراطي الروسي ،وزويا ليست بعيدة عن هذا المجتمع ،فهي قريبة القيصر من ناحية الاب ولهذا تتمتع ببعض الامتيازات الخاصة التي لا يتمتع بها الا كبار النبلاء مع فارق بسيط هو ان منزل والديها ليس كقصر آنيتشكوف وان زميلاتها هن من عامة الشعب الذي يصنع التاريخ ولكن هذا لم يسبب لها ازعاجاً في يوم من الأيام .
((انه سعيد جداً))قالت زويا وهي تشير الى الكلب الذي يلاعب قدميها واستطردت ((كيف حال الجراء ؟)).
ابتسمت ماري وهزت كتفها ((على احسن ما يرام..))وافلتت ضفيرة زويا الطويلة واسرعت نحو دُرج طاولتها .اعتقدت زويا أن هناك رسالة من اصدقاء مشتركين او اية صورة جديدة لشقيقها ألكسي او شقيقاتها .
عادت ماري وبيدها زجاجة عطر ،فصاحت زويا ((ما هذه ؟)).
- عطر باريسي رائع .قالت ماري وهي تقبل وجنتيها ((انها لك)).
أوه ماشكا ..هل هي ..هل هي ؟قالت زويا وهي تتنشق العطر .
-انها ليلاس ؟(العطر المفضل لماري الذي تتمنى زويا ان تقتنيه ،كيف حصلت عليها ؟.
إنها من ليلى التي عادت مؤخراً من باريس وقد صممت ان تكون لك فأنا عندي واحدة أخرى )).
انتهى البارت اتمنى يعجبكم
كلمة 700
