~

18.3K 1.1K 772
                                    

علقتُ أحد طرفي ذلك الحبل جيدًا في سقفِ الغرفةُ بحيثُ يكون الأخر متدلٍ مشكلًا عقدةً محكمةً. صعدت على كرسي جلبته مسبقًا. بقيتُ لعدةِ دقائق متأملةً تلك العقدة وذاك الحبل المعلق حتى حسمتُ أمري، وارتديته كما أرتدي عقد الزينة، ومن ثم ألقيتُ وصيتي كما يسمونها، أو بالأصح كانت إختصارًا لقصة حياتي كما عشتها ،وقد كتبتُ فيها : " أنا ادعى ليا، وهذا اسمي، هو اسمٌ معربٌ من أحدِ اللغاتِ الساميةِ ومعناهُ الحزينة أو الكئيبة، بدايةً عندما كنتُ طفلةً بريئةً لطالما كرهتهُ ،ولكن بعد سنواتٍ قليلةٍ بدأتُ بحبهِ. لقد أحسستُ بأنه يصفني حقًا، وأني إليه أنتمي. حسنًا هذا كله لا يهم.  أنا أبلغُ من العمرِ ما يقارب 18 خريفًا، وطوال هذه الثمانية عشر عامًا أفتقدتُ لكثيرٍ من الأشياء، وفقداني لها أدى لتبلد مشاعري تجاه الحياة.
أفتقدتُ الصداقة لم أستطع تكوين صداقة واحدة متستمرة، ودائمًا ما يحدثُ لي ممن اسميهم بأصدقائي ما تعتبره البشرية بالإساءة، وأنا تغاضيتُ عنها في أمل زائف استيقاظ ضميرهم والإعتذارُ لي ولو كانت مرةً .
في أحد المرات عندما ما زلتُ في الابتدائيةِ ساعدت إحدى ممن كنت قد اعتبرتهم صديقاتي في مراجعة ما استذكرتهُ ، وعندما نبهتها عن خطإٍ وقعت به فاجئتني بعدةِ صفعاتٍ متتاليةٍ ما زلتُ ليومنا هذا أجهلُ سببها، وأتظاهر أمام نفسي بمسامحتها رغم عدم فعلِ لذلك.
بعدما كبرتُ قليلًا ،وأصبحتُ فيما يسمى بالإعداديةِ اجتمعتُ بمجموعةٍ من الفتيات، حاولتُ الالتصاق بهم، وادعاء صداقتهم خوفًا من الوحدةِ فقد كنتُ بلا أي صديقةٍ هناك، ولكن رغم التصاقي بهم إلا أن وحدتي زادت واستوحشت أكثر فأكثر مع الأيام، فتركتهم لمجموعةِ مرحةِ بطريقةٍ مبالغةٍ، كنتُ لا أرى نفسي بينهم، ولكنهم رغم حزني، واكتئابي تقبلوني كما أنا، لم أستطع الأعتراف بهم كصديقات، هم كانوا مجرد زميلاتٍ، أوليس الأصدقاء هم من يفهم بعضهم البعض دون الكلمات؟  حسنًا لا يهم أيضًا.
عندما كنت قد وصلتُ للمرحلةٍ الثانويةِ قد تعرضتُ للتنمر بطريقةٍ غير مباشرةٍ، فقد استغلوني قدر ما احتاجوا ورموني بعدها إن صح تعبيري، ورغم علمي بذلك أنا سايرتهم مسايرةً حتى النهاية.
وفي ظل كل هذه السنواتِ الدراسيةِ البائسة، كانت علاقتي بأسرتي تسوء يومًا بعد يوم، لستُ استغرب ذلك كونها نتيجةُ البلوغ أو هذا ما اقنتعتُ نفسي به.
وحصيلة هذا الكم الهائل من الضغط السلبي الذي لا تتحمله نفسي تبلدت مشاعري فصارت كلها مؤقتة لا تدوم فأصبحتُ أرى كل شيءٍ تافهٍ حتى اكتئبت اكتئابًا شديدًا، ووقعتُ في كره نفسي، وكل ما له علاقةٌ بي حتى انعاكسي في المرآةِ صرتُ اتجنبه حقدًا على نفسي، وظللتُ ومازلتُ أظلُ أعتقدُ نفسي بلا قيمة تذكر وعديمة الجدوى. كما أني لطالما أفتقدتُ ما يطلقون عليها الثقة بالنفس والشخصية، وأحسدُ كل من أمتلكها. 
طوال هذه الحياة البائسة لم استطع التعبير عن نفسي لأحد أو الشكوى لإزاحةِ هم نفسي، أو البكاء فقد أبت ماء عيني الخروج. على كلٌ ،كل ما هنا مجرد إيجازٍ بسيط عن ما عشته، وجميع هذه المواقف جعلتني اتخذ قراري، لن أعتذر لإحدٍ فلا أظن وجود من يحتاجه بتاتًا. وداعًا".
بعدما راجعتُ ما كتبته، داخل عقلي، تنهدتُ تتهيدةً كبيرةً زدتُ شدة الحبل على رقبتي ،وقفزت من على الكرسي، معلنةً خروجي من هذه الحياة ميتةً.

🎉 لقد انتهيت من قراءة رسالة ميت! 🎉
رسالة ميت!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن