رسالتي.

26 2 3
                                    

تتحرك اصابعها بسرعة لترتطم بلوحة المفاتيح محدثة صوتا مزعجًا.

عيناها معلقتان بما تكتبه و لا تشعر بالمحيط من حولها.

تنظر جانبا بين الفنية و الاخري لتتأكد انه لا يوجد احد يري ما تكتبه.

و الوقت يتقدم و تمر الدقائق بدون ان تحس بها و تشعر مع كل دقيقة انها الدقيقة الاولي.

كانت هذه ايميليا هوفر تجلس امام مكتبها في مناوبة عملها و تقوم بذلك الامر الذي بداته منذ سنوات طويلة حتي اصبح عادة لديها.

ايميليا معتادة ان ترسل في كل يوم رسالة الي شخص غريب تخبره فيها بامور ايجابية و لطيفة و هي مؤمنة تماما ان ما تفعله قد يؤثر في حياة شخص او يعطيه املاً جديدا و ان وجده البعض تصرفا غبيا فحسب.

اعتادت ايميليا ان تكتب رسائلها بالانجليزية لكي يفهمها الشخص اينما كان مكانه في العالم لانها في الاصل لا تعلم ما جنس ذلك الشخص الذي سترسل رسالتها له ولا تعلم اذا كان رجلا ام امراة ولا ترهق نفسها بالقاء نظرة علي اسمه حتي بل تختار بريدا الكترونيا عشوائيا في كل مرة و ترسل اليه.

تقوم بارسال رسالتها دائما في وقت العمل لانها لا تملك اتصالا بشبكة المعلومات في منزلها، و هذا ليس لانها لا تستطيع ان تحصل عليه بل هو اختيار منها لانها تحب الحياة مع الواقع و الخروج و السفر و التعرف علي اشخاص جدد و تجربة اشياء جديدة و تعتقد ان وجود شبكة معلومات سيعيقها عن ذلك لا اكثر.

انهت كتابة رسالتها لليوم فاسندت ظهرها الي ظهر الكرسي و اخدت نفسا عميقاً و اخذت تتامل الرسالة و تعيد قراءتها مرات و مرات.

شعرت بسعادة كبيرة بعد ان انهت قراءة رسالتها للمرة المئة و غزت وجهها ابتسامة واسعة تعبر عن مدي رضاها بما كتبته.

امسكت الفأرة بيدها من جديد و هي تبحث بحماس عن شخص لترسل له هذه الرسالة حتي وجدت عنوان بريد الكتروني مثيرا للاهتمام.

ترك صاحبه خانة الاسم مشغولة ببعض العلامات فحسب و كانت صورة حسابه سوداء بالكامل.

بالنسبة لايميليا فهذا الشخص كان مثاليا لترسل له رسالتها اليوم فحركت الفارة برفق لتفتح الرسالة من جديد ثم ضغطت علي زر الارسال لتبعث بها لذلك الشخص

و ما ان ارسلت الرسالة حتي اغلقت حسابها و فتحت الوثائق الخاصة بعملها لتباشر القيام به من جديد بسرعة خوفا من ان يلاحظ مديرها انشغالها بامر اخر غير العمل اثناء مناوبتها.

و بعد دقائق من مباشرتها للعمل سمعت صوتا يناديها و كان قادما من يمينها، فالتفتت الي اليمين لتري من المتحدث و كانت تلك زميلتها ايلين التي تعرف جميع اسرارها.

ابتسمت ايلين ابتسامة عريضة بلهاء فور التفات ايميليا لها و قالت بعفوية و صوت صاخب: هل بدأت العمل الان ام لا يا ايميليا؟

حَتى آخرِ ورقةٍ في الخريفِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن