الوعد

14 2 1
                                    

ذاك الرجل منكس الرأس و الذي دارت برأسه أفكار كثيرة، لم يكن شخصا كئيبا او حزينا كما أبدت رسالته.

لقد كان حظ ايميليا سيئا للغاية للحد الذي جعل رسالتها تصل لذاك الرجل في أسوء وقت ممكن.

و لان الرسالة وصلته في أسوء وقت ممكن، فقد كتب ردا لا يعبر عنه و لا يقصده ابدا و نسي امره بعدها حين استعاد تماسكه.

و لم يحسب ابدا ان اثار هذا الرد مازالت تنتظره و عليه ان يتصرف حيالها.

لذلك كانت صدمته كبيرة حينما قرأ رسالة ايميليا الثانية، فالرسالة ذكرته بالكلمات القاسية التي كتبها و بحالة الغضب التي انابته و التي كان قد اعتزم تركها خلفه و نسيانها.

و تركته الرسالة في حالة من الحيرة، فبماذا يجب ان يرد الآن، هل يقول انه بخير الآن لذا لا يجب ان يقلق بشانه؟  ام يعتذر على رسالته السابقة؟ ام سيكون عليه تجاهل هذه الرسالة فقط؟

من بين هذه الحلول كلها وجد حلا واحدا فقط رآه الأفضل بين جميع الحلول، لقد قرر ان يتقمص شخصية الغاضب الكئيب نفسها حتى يسأم منه مراسله المجهول و يتركه لحاله.

و بعد ان استقر رأيه علي هذا هم بكتابة رسالته الثانية.

و ايميليا التي لم يخل ذهنها لوهلة من تخيل تعابير وجه قارئ رسالتها عندما تصله الرسالة الثانية كانت محظوظة بشكل كافٍ لتجد الرد المنتظر يصل لها خلال وقت اسرع من كل تخيلاتها، مُلئ وجهها بالغبطة و الحماسة بينما تفتح الرسالة لتقراها.

"الي المجهولة...

مجددا اجد نفسي لم اجنِ سوى الازعاج من رسالتك.

و لا استطيع ان افهم لم قد تهمك سعادتي او حزني، و لكن اكثر ما عجزت عن فهمه هو اصرارك في المحاولة اليائسة لاسعادي.

لن تتمكني من اسعاد شخص لا تعرفين ادني شئ عنه، ما بالك بمساندته و الوقوف بجانبه؟

اذا كنت قد فهمت الآن فاتركيني لشأني، انا واثق انك تمتلكين امورا افضل لفعلها."

انهت ايميليا الرسالة و الدماء تغلي في عروقها، و عقلها لم يصله شئ من ما كتب في الرسالة و لكنه وصل لشئ واحد

"الشخص الذي اراسله متصل الآن. "

كان هذا بالنسبة لها كاعلان ببدء الحرب، فطالما هذا الشخص متصل لن يتخلص منها حتي تجعل ابتسامته تشغل ما بين منكبيه للشهر القادم كاملا.

و تناست امر عملها و مديرها و محيطها و كل شئ اخر بالكامل و بدات تطقطق اصابعها للكتابة مجددا.

و على جانبه فلم تمض سوى دقائق قليلات حتي سمع اشعارا من حاسوبه يعلمه بوصول رسالة جديدة و يعلمه بان تلك المجهولة لن تياس بسهولة.

فتح الرسالة بتملل و هو يتمني ان يمر هذا الامر علي اعمتها
"انا جادة حيال اسعادك، و انا جاهزة لفعل اي شئ لاثبت لك مدى جديتي.

لا يهم ما نوع الورطة التي وقعت فيها اخبرني بها و سافعل كل ما يمكنني لمساعدتك.

ان لم ترد ان تخبرني فانا سأكتفي بالدعاء لك، انا يكفيني فقط ان لا اكون سببا لحزنك.

اذا كنت تجد ان محاولتي لاكون سببا لسعادتك مبالغ بها فساكتفي بتقليل الحزن الذي سببته، ارجو ان تسمح لي بهذا علي الاقل."

قرا الرسالة و بدات تعلو وجهه ملامح الاسف فهذه الرسالة جعلته يفهم ان المجهولة ليست شخصًا سيئًا و هي حقًا تشعر بالذنب لانها جعلته يستاء، و هو يعلم جيدا ان لا علاقة لها بحزنه في واقع الامر.

لكنه لا يملك الآن سوى ان يتابع ما بداه من تمثيل حتي مع اسفه لاجل المراسلة المجهولة.

كتب لها رسالة اخيرة حادة ظن انها كافية لتنهي الأمر و ارسلها و هو يشعر بشئ غريب كأن حاسة ما بداخله تستشعر ان هذه ليست نهاية لأي شئ، بل هي اقرب للبداية لقصة طويلة ستتبعها.

"انا لا ارى سوى الثرثرة..

اذا كنت تظنين نفسك قادرة علي فعل شئ فلما لا تاتين و تساعدينني، سأحب ان اري هذا ايتها المجهولة"

و بينما لم يعن هو سوي السخرية بكل حرف من حروفه إلا ان ايميليا ظنته جادا عندما قرات رسالته، و استجابت لها سريعا.

"موافقة..

اين يجب ان آتي  اين تقطن؟ "

علت ملامحه الصدمة عندما قرأ ردها و لم يتمالك نفسه فكتب لها مجيبًا.

"كانني قد اخبرك بامر كهذا، لابد ان هناك خطبًا ما بشانك "

كانت هذه رسالته الاخيرة قبل ان يغلق الحاسوب و قد اجتاحه الايمان بأن هذا المراسل المجهول بالتاكيد مجنون ليفهم رسالته الساخرة بهذه الطريقة.

و اراح باله و اقنع نفسه انه يستطيع تناسي امر هذا المراسل، فلا يوجد ما يخشاه من شخص ليس سوي معتوه يتسلي بالرسائل.

و يالخيبة ظنونه فبينما هو قرير العين كانت رسالته تتلقى اغبي تفسير ممكن لها.

فيبدو ان حماسة ايميليا اعمتها تماما حتي حسبت ان رسالته الاخير ما هي الا تحدي لها لتكتشف بنفسها اين يعيش و تاتي لاجله.

لقد ظنت انه مازال مستاء من رسالتها الاولي لذلك لن يساعدها في الوصول اليه و سياخذ بثاره منها بجعلها تعاني لايجاده

و هي بطبيعتها لن تقبل ان تخسر التحدي فاخدت تكرس كل جهودها و قدراتها المتواضعة علي اختراق المعلومات لكي تعلم اين يعيش هدفها ذاك.

اخد منها البحث عدة ايام لم تتوانى خلال اي منها او تتكاسل و لكنها في النهاية وصلت لمرادها.

عندما قرات العنوان اول مرة لمعت عيناها بدهشة و بدات تتردد حيال قرارها بالذهاب اليه.

و لكن التردد لم ياخد منها ثوانٍ حتي تغلبت عليه و عادت مصرة علي الذهاب كما كانت.

قررت ان تبعث رسالة  لمراسلها لتعلمه انها توصلت لمكانه و ستأتي له قريبا.

"الضفة الغربية، فلسطين

اعدك انني سآتي اليك قريبا. كن بانتظاري. "

*ملحوظة / ايميليا تكتب رسائلها بالانجليزية لذلك من يراسلها لا يعلم اذا كانت ذكرًا ام انثى و لذلك يشار لها في جملهِ بالتانيث حينا و بالتذكير حينا.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 28, 2018 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حَتى آخرِ ورقةٍ في الخريفِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن